المحامي عبد الحميد الأحدب/من الأمم المتحدة… الى قهوة القزاز

83

من الأمم المتحدة… الى “قهوة القزاز”
المحامي عبد الحميد الأحدب
9 آذار 2018

مئات القتلى الذين يتساقطون كل يوم في الغوطة بقصف القنابل الروسية والعلوية وبالقصف البري الإيراني، من اجل تغيير ديموغرافي يحصل في سوريا! صورة من صور المجازر التي حفل بها التاريخ الإنساني أيام هولاكو وجنكيز خان وهتلر وغيرهم وغيرهم.
ولكن المجازر الجديدة صارت صورها تنقل الى كل بيت في العالم بواسطة التلفزيونات والإعلام وأدوات التواصل الإجتماعي.
الجديد فعلاً ان هذه المجازر أصبحت ترتكب بعد قرارات من الأمم المتحدة تأمر وتقرر وتعاقب؟ وليس هناك من يطيع!!! ولا من يسمع!
تُذكِّرني الصورة بما قاله جواهر لال نهرو في مؤتمر باندونج سنة 1955 عن الأمم المتحدة (أي قبل ثلاثة ارباع القرن)
قال: “سوف يتركون لكم الأمم المتحدة تتكلمون فيها على هواكم ثم تكتشفون انها أصبحت مجرد نادٍ او مقهى يذهب اليه المندوبون ليشربوا الشاي ويلعبوا، بدل ان يلعبوا بالورق سوف يلعبون بالكلام”.
هل هذا المشهد الدموي المخيف في “الغوطة” السورية هو ابن اليوم؟ ام انه ابن التاريخ وسلسلة فرصه الضائعة؟
الحكم والسلطة الاستبداديان في البلاد العربية هل ولدا بالأمس؟ ام هما ابنا التاريخ؟
نقول ان التاريخ هو سلسلة الفرص الضائعة… ولو … ولو … ولو… لما حصل ما يحصل!
لو لم يكن تاريخ الستمائة سنة الأخيرة من التاريخ العربي والإسلامي محصوراً بحكم المماليك والعثمانيين لكان مفهوم الحكم والسلطة في العالم العربي والعالم الإسلامي قد تغير واختلف!
فالربيع العربي مثلاً اعطى حروباً أهلية ودكتاتوريات عسكرية جديدة، اين منها الدكتاتوريات القديمة؟
واسقاط صدام حسين جاء بويلات إيرانية على العراق اين منها نظام صدام واستبداده!
فتاريخنا سلسلة من الفرص الضائعة، لو كان عمر او علي او أبو بكر الذين خلفوا عثمان بن عفان ولم يكن معاوية هو الذي انتزع الإسلام من الصحابة ليحوله من الأخلاق والمثل العليا الى السياسة والسلطة والاستبداد، لما ظهرت الدولة الإسلامية ولا داعش ولا القاعدة ولا كل هذه الدواعش باسم الإسلام!
فمجزرة الغوطة مستمرة، رغم قرار الأمم المتحدة لأن الأمم المتحدة أصبحت كما قال نهرو منذ ثلاثة ارباع القرن، أصبحت مجرد نادٍ او مقهى للعب الورق، كما قهوة “القزاز”.
والاستبداد العلوي الذي هو جزء من الاستبداد العربي المستمر منذ ازمان طويلة، ليس سوى ابن تاريخ الستمائة سنة من حكم المماليك والعثمانيين، ليس فيه رحمة ولا شفقة ولا محبة ولا عدل ولا امان ولا سلام!
فيه هولاكو وجنكيز خان، والذي كان يحصل في الماضي في العتمة صار يحصل تحت الأضواء، وبعد قرارات “رادعة” من الأمم المتحدة ومن مجلس الأمن، ومن الباب السابع!!!!!
وسيستمر اللعب في قهوة “القزاز” وروسيا متروكة لدور يتعدى كثيراً امكانياتها، فميزانية روسيا هي مطابقة لميزانية اسبانيا وميزانية اميركا أكبر منها بعشرة آلاف مرة!
ومع ذلك وضع أوباما الخطوط الحمر لتكون كما هي قوة “القزاز” يخترقها النظام العلوي بالكيماوي، ثم لا يفعل أوباما شيئاً، وفهمت روسيا بالإشارة السياسية ان بإمكانها ان تلعب الدور الذي تلعبه اليوم والذي يتعدى امكانياتها الحقيقية ولكنه دور ارادته الدول الكبرى، وفّرت على نفسها ان تلعبه هي بنفسها. وتركت بوتين يتوهم انه بهذه المجازر التي كان الاتحاد السوفياتي يرتكبها يستطيع ان يستعيد دور الاتحاد السوفياتي!
ما رايحة الا على الشعوب الصغيرة… دماء ودمار ودموع وويلات! والفرص الضائعة ما زالت ضائعة، أضيفت اليها في هذا العصر “الأمم المتحدة” التي حولوها الى قهوة “قزاز”.