أحمد الأسعد: الحزب الحاكم/قراءة في واقع مقابلة السيد نصرالله

110

الحزب الحاكم (قراءة في واقع مقابلة السيد نصرالله)
أحمد الأسعد/05 كانون الثاني/18
لا يترك حزب الله مناسبة إلا ويؤكّد فيها، بسلوكه ومواقفه، أنه لا يعير اعتباراً للدولة أو لأيّ من المكوّنات اللبنانية.
وكلام السيد حسن نصرالله بالأمس الذي أعلن فيه أنّ حزبه يسعى بشتّى الطرق إلى حيازة أسلحة جديدة متطوّرة لخلق مفاجأة في المواجهة التي قد تقع مع إسرائيل، يشكل استخفافاً وقحاً بسلطة الدولة اللبنانيّة وهيبتها وبسيادة الوطن وحدوده، وبكل فرد من أفراد الشعب اللبناني.
هكذا، ببساطة، ومباشرة على الهواء، “أبلغَ” السيد حسن اللبنانيين، من المواطن العادي إلى أكبر مسؤول، أن حزبَه مستمر في التسلّح، وكأنّه مستقل عن لبنان، ولديه دولة على حسابه.
عبر الإعلام، عَلِم اللبنانيون ومسؤولو الدولة جميعاً، من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء إلى القيادات العسكرية والأمنية، مروراً بمجلس النواب، أن حزب الله يضع الخطط للحرب الجديدة، ويتجهز للمواجهة، وطبعاً بمعزل عن الدولة وجيشها وقواها الأمنية.
ليس في عِلْمِنا أن الشعب اللبناني فوّض السيد حسن وحزبه الحلول محل الدولة، وتَوَلّي صلاحياتِها ومهامها. هو نصّبِ نفسه رئيساً أعلى للبلد، يحدّد الاستراتيجيات السيادية ويتصرّف فيها على هواه، وكأن البلد مُلْكُ حزبِه، وكأن لا دولة ولا مؤسسات شرعية يُفتَرَض أن تتولى حصراً مثلَ هذه المهام.
تحت أنظار ومسامِع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وجميع مسؤولي الدولة، يبشّر السيد حسن اللبنانيين بخطط عسكرية دفاعية وهجومية وَضَعها بمعزل عن المؤسسات الشرعية، ويعلن مواقف وتوجهات تتعلق بالسياسة الخارجية، مورّطاً كل لبنان في خيارات لم يخترها إلاّ هوَ وراعيه الإقليمي، النظام الإيراني.
على كل حال، الدولة كمفهوم، في عقيدة حزب الله وممارسته، لا تعدو كونها وسيلة يستخدمها لتحقيق مآربه، لا أكثر ولا أقل. فهو لم يدخل إلى جنّة الحكم فيها إلا لحفظ نفسه وسلاحه. و”الدولة الوسيلة” هذه تقوم اليوم بالدور الذي حدده لها حزب الله، فتغطّي حروبه ومغامراته، وتسكت عن سلاحه، وتتجاهل تصريحاته ومواقفه المسيئة إلى سيادتها وهيبتها، وتغضّ النظر عن تجاوزاته لمؤسسات الدولة.
حقاً، يا لها من جمهورية قوية!