احمد الأسعد/حتى كل الكلام لا ينفع

316

 حتى كل الكلام لا ينفع
بقلم أحمد الأسعد

23 تشرين الول/14

إذا كانت الإنتقادات التي وجهها وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى حزب الله في الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء وسام الحسن الأسبوع الفائت، هي “أول الكلام”، فالواقع المؤسف هو أن الكلام عن ممارسات حزب الله في مجال تقويض سلطة الدولة، له أول وليس له آخر، نعرف أين يبدأ ولا نعرف أين ينتهي.
اتُهم الوزير المشنوق بأنه ألقى خطاباً منحازاً من موقعه الرسمي، ولكنّ كل ما فعله في الواقع هو الإنحياز إلى موقعه الرسمي، لأن الموقع الرسمي لا يعني السكوت عن الشواذ، وغضّ النظر عن السياسات والممارسات التي تسيء إلى الدولة والبلد، بل على العكس من ذلك، تقتضي المسؤولية أن يسمي المسؤول الأشياء بأسمائها، وأن يشير بصراحة إلى مكامن الخلل، وأن يعمل على معالجتها من دون تردد.
لم يقل الوزير المشنوق سوى جزء مما يجب أن يقال، ومع ذلك قامت القيامة لمجرّد أن أحداً في هذه الحكومة تجرأ ووضع أصبعه على بعض الجرح.
الحقيقة المرّة هي أن الجرح أبعد من خطة أمنية في هذه المنطقة أو تلك، فهو يتعلق باستمرار كون حزب الله قوة مسلّحة، وسلطة أمر واقع، مناقضة تماماً لمفهوم الدولة وسيادتها.
ولو كان الوزير المشنوق أو غيره يريد أن يقول كل الكلام، لكان عليه أن يبدأ بهذه النقطة التي تتفرع منها كل التفاصيل، من عدم التعاون لتنفيذ الخطة الأمنية، وتوفير الحماية للخارجين على القانون، وللمتهمين بالاغتيالات السياسية، وصولاً إلى الأحتفاظ بسلاح غير شرعي، واستخدامه للتفرّد بشنّ الحروب وخوض المغامرات، وللتورط في نزاعات إقليمية ليست للبنان أية مصلحة في أن يكون طرفاً فيها.
وإذا كان الوزير المشنوق أو غيره يريد أن يذهب في الكلام إلى آخره، لكان حتماً تحدث عن استثمار حزب الله سلاحه أداة ضغط لفرض المعادلات السياسية الداخلية، ولكان خطابه استمر ساعات وهو يتحدث عن تبعية حزب الله للنظام الإيراني، وعن تقديمه أرواح الشباب اللبنانيين دفاعاً عن النظام السوري الديكتاتوري.
ولكن، في كل الأحوال، سواء أقال الوزير المشنوق أو غيره كل الكلام، أو اكتفى بالقليل منه، فإن الكلام لا ينفع، ما دامت التسويات تُعقد مع حزب الله، والحكومات تشكّل بالتعاون معه.
من الأساس، كنا ضد تأليف حكومة تُغطي، من حيث تدري أو لا تدري، ممارسات حزب الله وحروبه ومغامراته. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يتبيّن بوضوح أن مثل هذه التسويات لا تخدم في شيء…”المصلحة الوطنية”.