اتيان صقر ـ أبو أرز: ما الفرق بين والي عنجر ووالي الضاحية؟

355

ما الفرق بين والي عنجر ووالي الضاحية؟
صدر عن حزب حراس الأرز- حركة القومية اللبنانية، البيان التالي:
اتيان صقر ـ أبو أرز

منذ أكثر من أربعين عاماً والمواطن اللبناني مصلوب على خشبة اليأس والشقاء، ينتظر ولادة عهدٍ جديدٍ يحمل إليه بارقة أملٍ بإمكانية قيام دولةٍ راقية تؤمّن له سلامة العيش في أجواءٍ من الحرية والكرامة، وتضمن له ولأولاده مستقبلاً زاهراً.

لكن شيئاً من هذا لم يحصل، بل حصل عكسه، حيث تفاقمت أوضاع البلاد وازدادت سؤاً على سوء، والوطن أصبح في مهبّ الريح، والدولة سائرة في خطٍ إنحداري نحو المجهول.

١ـ بعد الإحتلال الفلسطيني العام ١٩٧٥، وقع لبنان مباشرةً في قبضة الإحتلال السوري، وراحت الطبقة السياسية الحاكمة تغطّي إحتلاله مقابل الحصول على السُلطة والمال، وكان الحاكم الفعلي يقيم في عنجر، ويدير من هناك دفّة الحُكم وشؤون الناس بتكليف من الباب العالي في دمشق… واليوم انتقل لبنان إلي قبضة الإحتلال الإيراني، وانتقل الحاكم الفعلي إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، وراحت الطبقة الحاكمة تتسابق على تغطية إحتلاله وإيجاد الأعذار لتبرير وجوده ومنحه “شرعية” البقاء.

٢ـ كان والي عنجر يعيّن الرؤساء ويمدّد لهم، ويشكل الحكومات، ويأتي بالنوّاب؛ واليوم والي الضاحية يفعل الشيء عينه، يأتي بمن يواليه، ويدعم من يؤمّن مصالحه، ويُقصي أو يشطب من يعارضه.

٣ـ حوّل والي عنجر لبنان إلى “مسرق خانة” أي مكان مُباح للسرقة، وراح ينهب عافية البلاد بالتكامل والتضامن والتقاسم مع مَنْ ولّاهم الحُكم؛ واليوم وبموجب إتفاق ضمني بين والي الضاحية وأهل السُلطة عنوانه: خذوا الكراسي واعطونا السيادة، انبرى أهل السُلطة إلى التهافت على المناصب والمغانم، وانقضّوا على ضرع البقرة نهشاً وحَلْباً ونتشاً، فانتفخت جيوبهم وخوَت جيوب الناس، والأثرياء ازدادوا ثراءً والفقراء ازدادوا فقراً وعوزاً، فوقعت البلاد في مشكلة طبقية خطيرة، وغرقت في بحرٍ من الأزمات الإقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة، ناهيك بالعجز المُرعب للخزينة الذي كان بحدود الثلاث مليارات دولار في العام ١٩٩٢، فأضحى اليوم بحدود ال ١٢٤ ملياراً.

٤ـ معدّل البطالة كان دون ال ١٠بالمئة، فارتفع اليوم إلى حدودٍ غير مسبوقة متجاوزاً نسبة ال ٣٠ بالمئة، أما خريجو الجامعات فهم عاطلون عن العمل بنسبة ٤٠ بالمئة، الأمر الذي ساهم بارتفاع نسبة هجرة الشباب اللبناني وتحولها إلى نزيف ديموغرافي قاتل.

٥ـ الوباء الطائفي كان “معقولاً” في زمن ولاية عنجر، أما اليوم فقد تفشّى مع الوباء المذهبي بشكل مجنون، واستشرى حتى توغّل في شرايين الحياة اللبنانية ومفاصلها، وبات يهدّد نسيجها الوطني والقومي بأوخم العواقب.

٦ـ سياسة لبنان الخارجية كانت في يد والي عنجر، وكان يديرها بما يتوافق ومصالح دولته “العلية”؛ واليوم والي الضاحية يدير السياسة الخارجية بحسب مصالح إيران العليا، ويُمسك بقرار الحرب والسلم تبعاً لتعليماتها وسياساتها التوسّعية.

بعد ٤٢عاماً يسأل هذا المواطن المصلوب على خشبة الشقاء والإنتظار ما الذي تغيّر؟ الجواب لا شيء سوى ان الأوضاع في تراجع واهتراء مستمرّ في جميع الميادين، والبلاد على شفير الهاوية، والإحتلال ما زال يضغط بقوةٍ على خناقها، والطبقة الحاكمة تمنحه شرعية الوجود والبقاء، ولإلهاء الناس تعدهم بالإصلاح ومكافحة الفساد، غافلة ان الإصلاح مستحيل في ظل الإحتلال، وممكن فقط في مناخ الحرية والإستقلال، وان السيادة لا تخضع للمساومة، فلا يوجد نصف سيادة، فإما هي كاملة أو لا شيء، وقبل استردادها لا مجال للإصلاح ولا مجال للتغيير.
لبَّـيك لبـنان
اتيان صقر ـ أبو أرز
في ١٨ / ١٠ / ٢٠١٧.