حمود الحطاب/ألوهية الناس للناس مصدر الدمار وكل شر

377

 ألوهية الناس للناس مصدر الدمار وكل شر

د.حمود الحطاب/السياسة/21 تشرين الأول/14

مازلنا نعيش في المعاني التي تؤسس لنا مفهوم النظام السياسي في الإسلام ;بل نعيش القواعد التي من منطلقها العظيم وأركانها الركينة تبنى مفاهيم الدولة الإسلامية كما يريدها الإسلام , ونهدف من وراء البحث في هذا الموضوع أشياء كثيرة, أهمها على الإطلاق بيان كذب وادعاء ما يسمونه” تنظيم دولة الإسلام” الإرهابي بأنه دولة إسلامية وقد خاب وخسئ في هذا, فحين نكشف الغطاء عن معاني المفاهيم السياسية وأصولها التي بنى عليها الإسلام مفهوم الدولة, يسقط زيف وادعاء وكذب هؤلاء القوم الضالين المضلين والذين تعتقد بعض الدول الكبرى أن حربهم ستمتد إلى نحو ثلاثين سنة, بينما نرى أنهم مجرد هيكل هلامي وعصابات مسلحة مرتزقة ضللت الناس بالمفاهيم المغلوطة لتحقق أهدافا إجرامية لمن أسسوها, ومن أهمها تشويه صورة الإسلام في عقليات وتصورات الناس, وخصوصاً في أميركا وأوروبا التي بدأ الناس يدخلون منها في دين الله أفواجا. وقد اعْتَمَدْتُ في تغذية هذه المعاني على فكر علماء الإسلام العمليين, واخترت من بينهم مولانا أبا الأعلى المودودي العالم الهندي زعيم الجماعة الإسلامية في الهند آنفا, رحمه الله, ففكره في هذه القضية هو الفكر.

وقد كان طرح المواقف التي كانت بين بعض الأنبياء وبعض طغاة حكامهم مثل النمرود ومثل فرعون وكيف أنهم يعترفون بالرب الخالق مثلهم مثل المشركين لكنهم يؤلهون أنفسهم على البشر بسبب قدراتهم الإدارية للبلاد والعباد وتسلطهم على ارزاق الناس ومقاديرهم فهم يخضعونهم لطغيانهم ويقولون بلسان واحد ولهجات مختلفة للمستعبدين من الشعوب: “أنا ربكم الأعلى”. وقد طاف المودودي في فكره حول نظرية الإسلام السياسية في أمثلة متنوعة جدا هي في غاية الوضوح في قضية استعباد الشعوب من قبل طغاة الحكام والملوك المستبدين في حكمهم لرعيتهم , وذكر أن أمة فارس على سبيل المثال كانت تنادي حاكمها بلفظ “خدا” “وخداوند” وهو يعني الإله ;وكان الناس يقومون لهم بكل أشكال العبودية وآدابها وطقوسها, مع ملاحظة أن الشعوب لم تقل إنهم “الله” ولا كان اولئك الملوك يقولونها عن أنفسهم,وكان أهل الهند يخاطبون ملوكهم بـ”آن داتا” وهي تعني “الرزاق”, ويسجدون لهم ;وكذا الحال في العديد من الممالك في العصور الغابرة, وكذلك حال الكثير منها اليوم, ولم يكن ضروريا أن ينادي كلهم نفسه كما جهر بها فرعون إني إلهكم وربكم, بل إن كل من يسوق الناس بسلطان هواه قابضا على رقاب العباد إنما هو مدعي الالوهية والذين يطيعونهم من سذج القوم وضعفائه إنما يتخذونهم آلهة, وإن لم تجر هذه الألفاظ على ألسنتهم. وسنعرض في الغد إن شاء الله مزيداً من الأمثلة الحية للديكتاتوريات التي استعبدت الناس وقادتهم بسلطانها وجبروتها نحو هاوية الذل والعبودية. سنضرب أمثلة من ذلك من إيطاليا وروسيا وألمانيا وإنكلترا وأميركا, كيف عبِد الناس الطغاة والطغيان بمختلف صنوف التأليه, ما يقودنا في نهاية المطاف لتحديد معنى دولة الإسلام الحقيقية ومفهوم النظام السياسي في الإسلام حين يتكشف هذا كله. إلى اللقاء كاتب كويتي –