الدكتورة رندا ماروني: الطرح الوهمي والتهديد العجمي

352

الطرح الوهمي والتهديد العجمي
الدكتورة رندا ماروني/17 أيلول/17

إن عودة مسلسل التهديدات الأمنية على الساحة اللبنانية المستهدفة بعض رموز المعارضة السياسية للنظام الحاكم، والمستهدفة المناطق التي تشكل النواة الرادعة في وجه المشاريع الخارجية الداهمة، يؤكد مرة أخرى على هوية المعتدين، فبعد تهريبهم من الجرود ها هم اليوم يستعدون لضرب الإستقرار الأمني اللبناني، وبعد تحذير السفارات الأميركية والكندية والفرنسية على التوالي رعاياها، ها هم الوزراء في الحكومة العتيدة يدلون بتصاريح متناقضة حول المخاطر الأمنية، حيث إعتبرت وزارة الخارجية أنه على السفارات الأخذ بالإعتبار ما تسببه بياناتها من هلع على المقيمين لبنانيين وأجانب وأن هكذا بيانات يجب أن تندرج ضمن التنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين وأجهزة الدولة الأمنية، فيما صدر عن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تأكيدا على أن المعلومات واردة من أحد أجهزة الإستخبارات الأجنبية، وتقوم الأجهزة الأمنية اللبنانية بمتابعتها للتحري عن صحتها ودقتها وبالتالي فإنه لا داعي للخوف وتضخيم الخبر وإعطائه أبعاد أكبر من حجمه، بعد هذين التصريحين أتى تصريح الرياشي وزير الإعلام، ليحذر من إحتمال وقوع تفجير في أية لحظة وأكد على أنه من حق السفارات تحذير رعاياها.

إن تضارب التصريحات بين العتب دون النفي، والإستخفاف والتأكيد، إضافة إلى البيان الوارد عن مخابرات الجيش الذي أوضح فيه عن عملية توقيف شبكة داعشية يترأسها “أبو الخطاب” كانت تحضر لمخطط إرهابي ترسم صورة عن خطورة الوضع الأمني وإمكانية تفجره في أية لحظة، فهل من المصادفة أن تترافق جملة من التهديدات مع مواقف وطنية رافضة الخضوع لمشروع سياسي غريب؟ ولماذا مناطق مسيحية بالذات؟

من يقرأ في المواقف السياسية قد يرى في التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء من موسكو إستسلاما لمشروع موسكو في المنطقة مع محاولة للتصدي نوعا ما للهيمنة الكاملة الإيرانية، وربط العمل على إعادة تعمير سوريا برفع الضغط الإيراني من خلال حلفائها عن لبنان بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي العسكري، كنوع من المقايضة بين الاستثمار الروسي النفطي في لبنان مع دعم الجيش ورفع الضغط الإيراني المتزايد.

قد يشكل هذا الموقف إستسلاما مشروطا يتناغم مع موقف القوات اللبنانية المتحالفة مع التيار المنسجم كليا مع المشروع الغريب، حتى لو أن الوضع بين الفريقين حاليا ليس على ما يرام نتيجة مواقف رئيس التيار الوطني الحر أخيرا الواضحة الشرود عن إتفاق ” أوعى خيك” المتمثلة في البيانين الأخيرين لرئيسه.

إن هذا الإستسلام المشروط الذي ظهر في موسكو قد يكون أقل عرضة للمواجهة حاليا من أولوية أخرى تهدف لإسكات من نطق أخيرا، في محاولة علنية لإسترجاع المواجهة مما قد يشكل عاملا أولويا لرواد المشروع الغريب في إنهائه والقضاء عليه إضافة إلى رموز لم تساير من الأساس ولم تنحني، إنطلاقا من هذه المعطيات قد تكون المناطق المسيحية المستهدف الأول يليها لاحقا أماكن أخرى.

إن ما جاء على لسان رئيس الوزراء سعد الحريري نقلا عن بوتين يوضح بأن الإستقرار الحالي هو نتيجة التوافق السياسي الموجود حاليا، بمعنى أوضح المساكنة بين النظام وسلاح حزب الله، أي المساكنة بين الشرعي وغير الشرعي، فهل سيتجمد الوضع اللبناني في وضعية هذه المعادلة؟ أم ستسير الأمور قدما في المشروع الغريب؟.

إن الخيار بين الإثنين متوقف على الموقف الروسي ومدى سماحه لإيران بإطلاق يدها في مشروع الوصاية الكاملة، فيما أن ما قدم لروسيا هو عرض للتعاون، على أن تكون الرعاية روسية وليست إيرانية تسمح بغلبة فريق على آخر، الأمر الذي أثار حفيظة بعض الرموز المتعاونة مع النظام السوري ودفعها لإطلاق تصريحات منددة بالزيارة زاعمة إحداها بأن السير في إعادة إعمار سوريا تمر بالمصنع وليس بموسكو، فيما أخرى قالت: مهما كابر البعض وأبدى من كيد فلن يغيروا حقيقة أننا إنتصرنا.

إن الخيار بين إثنين يواجههما ثالث لم يرضخ لمساومات منذ البداية تعرضت رموزه للتهديدات، حيث تلقت شخصيات سياسية بارزة حصتها من تلك التحذيرات، ولم يسلم اللواء أشرف ريفي منها، حيث يقوم حاليا بتشديد الإجراءات الأمنية المحيطة به، واتخاذ الإجراءات اللازمة، تحسبا لأي إستهداف أمني قد يطاله، ليست المرة الأولى التي يتلقى فيها ريفي هذا النوع من التحذيرات ولكن هذه المرة جاءت على مستوى غربي.

هذا التهديد المباشر والمتخفي في آن يأتي في سياق الإعداد حتى ولو بقوة الجريمة، لمشروع كامل مرسوم غريب محاولا النيل والقضاء على كل نواة الدولة اللبنانية، راسما لنفسه خطا لا يزيح عن مبتغاه الغير مشروع مستخدما كل ما أتيح له من وسائل، هادفا إعادة إعمار ما دمره في المناطق التي يسيطر عليها فقط، إنما بالواسطة، فهو لا يجيد سوى التدمير ورسم المخططات الدموية، فيما إعادة التأهيل يلقيها على عاتق غيره، وإلا…

ألا يكفي لبنان أنه دمر على يد هذا النظام، وسرقت مقدراته، وقتل أبناؤه وإعتقلوا؟

فكيف يمكن لعب دور إعادة الإعمار لمصلحة هذا النظام وفي المناطق التي يسيطر عليها بهذه البساطة وكأن شيئا لم يكن؟

إن إعلان الرئيس الحريري من موسكو إستعداده للمشاركة في إعادة تعمير سوريا قد يكون له خلفيات سياسية، إنما بالتأكيد ليست إقتصادية عكس ما يروج عن هذا المشروع إعلاميا، بوصفه أنه من الممكن أن يشكل رافعة إقتصادية للبنان ومصدر ربح كبير للمستثمرين..فالأمر ليس بهذه البساطة، سوريا اليوم أرض محروقة ومعزولة إقليميا ودوليا، ودولة مفلسة ماليا.

أما نظامها فهو يستجدي المساعدة في هذا الأمر من موسكو، هذا ما جاء على لسان رئيسها في مناسبات عدة، كما أن النهاية السعيدة لم تكتب بعد لسوريا بانتظار الحل السياسي النهائي الذي يرضي الشعب السوري أجمع، حيث أن الإبقاء على نظام بشار رغما عن المعارضة لن يتيح إستقرارا أمنيا نهائيا الأمر الكفيل بهروب رؤوس الأموال التي تتطلب إستقرار أمني وسياسي وعدالة قانونية غير مزاجية تضع اليد وتصادر الممتلكات حين يحلو لها، حيث كان لعائلة الحريري نصيب في هذه المصادرة، عدا عن الحكم القضائي السوري الصادر بحق الرئيس سعد الحريري بالإعدام.

كما أن موسكو نفسها وهي المسيطرة على سوريا النظام، لم تعر إهتمامها لأي نوع من الاستثمارات سوى ما يختص في محاولات التنقيب عن النفط، ومن هذا المنطلق قد يكون من المرجح أن ما أتى على لسان الرئيس سعد الحريري لم يكن عرضا مقدما منه إنما مشروعا مقدما إليه، فلروسيا وإيران أولويات أخرى وهما الغارقتان بالصعوبات المالية والعقوبات الأميركية مما يجعل من هذا الطرح طرح وهمي ربما سينفذ بتهديد عجمي.
طرح وهمي
وتهديد عجمي
فاق الحدود
دماءا ملتهم
يجيد الرماية
نارا مضرم
خطر كبير
دولا مقتحم
داهية الدواهي
متلاعب أممي
مقتنص الفرص
مكاسب مغتنم
آمال شعوب
بحقده محطم
للهدم رمزا
وللفجور مستلهم
أما البناء
محال مهامه
لطالبي الرعاية
للاتباع والزلم