ايلي الحاج/50 دبابة اميركية حديثة تُسحب من لبنان وتُسلّم إلى السعودية أو تعود إلى مصدرها في واشنطن/النهار: “قطع علاقات عسكرية” بين أميركا ولبنان

113

50 دبابة اميركية حديثة تُسحب من لبنان وتُسلّم إلى السعودية أو تعود إلى مصدرها في واشنطن

ايلي الحاج/النهار/30 آب/17

تكشف معلومات ديبلوماسية واردة من الولايات المتحدة الأميركية أن دوائر القرار المسؤولة في واشنطن عن متابعة تطور الموقف في منطقة الشرق الأوسط، تلقت بسلبية قرار وقف معركة “فجر الجرود” في السلسلة الشرقية للبنان قبل الوصول إلى الخواتيم التي كانت مرسومة لها، تحديداً قبل بلوغ وحدات الجيش اللبناني الحدود الدولية المرسومة مع سوريا، وتحريرها من مسلحي تنظيم “داعش” بمعزل عن التنسيق مع “حزب الله” وجيش النظام السوري. وتشير إلى عواقب فورية للموقف الأميركي، وأخرى على مدى أبعد، مما يوجب على الدولة اللبنانية والمسؤولين السعي، على جناح السرعة، إلى التخفيف من وقعها وانعكاساتها على لبنان، ولا سيما مؤسساته العسكرية والأمنية.

في المعلومات التي توافرت لـ”النهار” أن الإدارة الأميركية كانت قد قررت، وليس من غير تردد، أن تسلم إلى لبنان كمية ضخمة من الأسلحة المتطورة والذخائر عمل على نقلها أسطول جوي استخدم مطار رياق في شكل خاص لإنزالها. والسلاح الأبرز والأقوى الذي تم تسليمه هو 50 دبابة حديثة تكفلت السعودية بدفع أثمانها. ووصل معها 70 خبيراً عسكرياً أميركياً لتأمين الصيانة والتدخل عند الإقتضاء.

وانتشرت هذه الدبابات في مواقع عدة، وشاركت بقوة وفاعلية مع الأسلحة الأخرى التي استخدمها الجيش في معركة جرود القاع ورأس بعلبك. كذلك، رافق 15 خبيراً أميركياً الوحدات اللبنانية المتقدمة. وعندما استشهد ثلاثة من الجنود في آلية بانفجار لغم، ساد اعتقاد في غرف المتابعة لبعض الوقت أن أحدهم خبير أميركي.

تفيد المعطيات المتوافرة من المصدر نفسه أن القيادة السعودية المعنية بالموافقة على طلب الولايات المتحدة تمويل شراء الدبابات والأسلحة للبنان أو رفضه، أبدت تحفظاً في البدء وعرضت أسبابها. في الطليعة، العلاقة الوثيقة بين “حزب الله” الذي تعتبره المملكة فصيلاً إيرانياً، وبين مواقع القرار في لبنان. ولدى المملكة معلومات وافرة عن العمق الذي بلغته هذه العلاقة في بعض المواضع الحساسة في الدولة .

إلا أن إلحاحاً أميركياً حمل أهل القرار السعوديين على تغيير موقفهم والتجاوب مع طلب التمويل، خصوصاً أن الإلحاح رافقته توضيحات تفيد بأهمية الرهان على تسليح القوات الشرعية في لبنان وتقويتها، لدحض مقولة ضعف جهاز الدولة العسكري، في مقابل قوة سلاح “حزب الله” وضرورة الاستعانة به لحماية الحدود وأمن اللبنانيين واستقرارهم.

تتحدث مصادر المعلومات عن أسف وخيبة كبيرين انتابا ديبلوماسيين أميركيين لدى تلقيهم الخبر عن القرار اللبناني بوقف المعركة، قبل تحرير ما تبقى من أراض في الجرود يحتلها تنظيم “داعش” داخل الحدود اللبنانية، وذلك بموجب تنسيق مع “حزب الله” وجيش النظام السوري. كان هؤلاء الديبلوماسيون بذلوا جهداً كبيراً لإقناع رؤسائهم في واشنطن بتبني ما اعتبروه بأنفسهم، لاحقاً، “مغامرة” لم توصل إلى النتيجة الإيجابية التي توخّوها.

وتضيف أن لبنان قد يصبح أمام احتمال مواجهة نوع من “قطع علاقات” في المستوى العسكري، ما لم تتمكن الديبلوماسية اللبنانية من فعل شيء ما يدفع الدوائر الأميركية المعنية إلى تغيير توجهها هذا، علماً أن بوادر “القطع” بدأت فور إعلان وقف تقدم الجيش اللبناني في الجرود، تطبيقاً للتسوية بين قيادتي”حزب الله” و”داعش”.

وسوف تُسلَّم الدبابات الخمسون، بعد سحبها من لبنان، وفقاً للمعلومات، إلى السعودية التي تكفلت دفع ثمنها، أو تُعاد إلى الولايات المتحدة. جدير بالذكر أن السعودية كانت قررت وقف تقديم أي مساعدات الى لبنان، في ضوء موقف وزير الخارجية جبران باسيل المدافع عن “حزب الله”، أيام حكومة الرئيس تمام سلام في مؤتمر جدة للتضامن مع المملكة في 10 كانون الثاني 2016، بعد الإعتداء على السفارة السعودية في طهران.

كذلك، شهد الكونغرس الأميركي مناقشات حادة قبل أسابيع بشأن المساعدات العسكرية للبنان. وكان هناك توجه إلى وقفها نهائياً. لكن قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي نجحت في إقناع غالبية من النواب والشيوخ بتغيير رأيها، استناداً إلى معلوماتها عن المعركة الآتية بين الجيش اللبناني وتنظيم “داعش”، وأيضاً إلى أهمية التعامل مع المؤسسة العسكرية اللبنانية، أقله كما تتعامل الولايات المتحدة مع الفصائل العسكرية السورية غير الموالية للنظام، والتي تحارب التنظيم الإرهابي.

“قطع علاقات عسكرية” بين أميركا ولبنان

النهار/30 آب/17

 يبدو واضحاً ان سياسيّي لبنان الغارقين في سجالات عقيمة أضاعت الانجاز الذي تحقق بتحرير الجرود اللبنانية من إرهابيي “داعش”، ولو باتفاق منزل بالباراشوت صنع خارج لبنان، لن يتمكنوا من مواجهة عواصف تهب على البلد من كل حدب وصوب، أبرزها الأعاصير الآتية من الولايات المتحدة، ان من واشنطن حيث الادارة الأميركية، أو من نيويورك حيث منظمة الأمم المتحدة.

فالإدارة الأميركية المستاءة من رضوخ لبنان لاتفاق طرفاه النظام السوري و”حزب الله”، اتخذت قرارات حاسمة بعيد قرار وقف النار الذي اتخذه الجانبان السوري واللبناني في وقت واحد صباح السبت الماضي، وما تبعه من خطوات تنفيذية أدت الى اخراج مسلحي “داعش” بحماية سورية ومن “حزب الله”، بوقف الدعم العسكري للبنان واسترجاع نحو 50 دبابة حديثة الطراز كانت واشنطن أقنعت الرياض بدفع ثمنها وتقديمها للجيش اللبناني لدعم معركته في وجه الارهاب. وانتشرت هذه الدبابات في مواقع عدة، وشاركت بقوة وفاعلية مع الأسلحة الأخرى التي استخدمها الجيش في معركة جرود القاع ورأس بعلبك.

وفي نيويورك، تحدث مراسل “النهار” علي بردى عن تصلب المفاوضين الأميركيين خلال الساعات الأخيرة في التعامل مع الجهود الفرنسية المكثفة للتوصل الى صيغة توافقية على مشروع قرار التمديد للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” التي ينتهي تفويضها منتصف ليل غد 31 آب. وعبر ديبلوماسيون في مجلس الأمن عن حيرة حيال ما إذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب ستقبل بأي تسوية مقبولة لدى كل الأطراف لتجديد تفويض القوة الدولية.

وعلمت “النهار” من مصدر ديبلوماسي رافق المفاوضات الجارية أن فرنسا، التي ترعى كتابة مشاريع القرارات والتقارير والبيانات الخاصة بلبنان، “قدمت اقتراحات عدة لتلبية الممكن من المطالب الأميركية من دون الإخلال بتوازن القرار 1701”. غير أن “الولايات المتحدة رفضت التنازل عن إدخال تعديلين رئيسيين في الفقرات العاملة، الأول يتعلق بمنح “اليونيفيل” صلاحيات التقصي عن انتهاكات القرار 1701 في منطقة عملياتها بين نهر الليطاني والخط الأزرق”، موضحاً أن ذلك “يتضمن وفق الرؤية الأميركية والإسرائيلية حق دخول الممتلكات الخاصة في حال الإشتباه في وجود مسلحين أو أسلحة غير شرعية أو منشآت عسكرية غير تابعة للسلطات الرسمية اللبنانية”. وأضاف أن “التعديل الثاني المطلوب أميركياً يركز على انشاء آلية إضافية لكتابة تقارير الأمين العام حول الإنتهاكات المتكررة للقرار 1701”.

وكشف ديبلوماسي غربي أن الضغوط التي تمارسها المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة نيكي هايلي على سائر المندوبين “أدت الى انقسام في مجلس الأمن”، ذلك أن “بعض الدول يؤيد المقاربة الأميركية، ومنها أوكرانيا واليابان وكوريا الجنوبية، والى حد ما بريطانيا التي اقترحت أن تعد صيغة تسوية تلبي ما تريده واشنطن”. كما أدت في المقابل الى “استياء ايطاليا ورفض روسيا والصين ومصر أي تجاوز لما تطلبه الدولة الرئيسية المعنية، وهي لبنان”.

وحصلت “النهار” على الصيغ المتعددة التي أعدتها فرنسا ورفضتها الولايات المتحدة. ونقل مفاوض عن نظير أميركي أنه “لا يمكن أحداً الإعتماد على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت اذا طلبت فرنسا التصويت على المشروع الأخير الذي وزعته مساء الإثنين”، في إشارة على ما يبدو الى استعداد الولايات المتحدة لممارسة حق النقض “الفيتو”.

وصرح المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير فاسيلي نيبينزيا لـ”النهار” بأن بلاده “يمكن أن تقبل بتعديلات طفيفة على مشروع القرار. أما إذا كانت هناك تعديلات رئيسية يطلبها الأميركيون، فعلينا أن ننظر الى الأمر بصورة أعمق”.

ولا يعرف ما الذي يمكن أن يحصل اذا فشلت الجهود لايجاد تسوية مرضية، علماً أن المخرج الوحيد يمكن أن يتمثل بتمديد تقني لمدة أسبوعين من أجل منح المفاوضين مزيداً من الوقت.

سجالات الداخل
أما في الداخل، فاستمرت المواقف المتشنجة لدى طرفي النزاع السياسي، وصدرت مواقف عدة، أبرزها رد رئيس الوزراء سعد الحريري على المتحاملين على رئيس الوزراء السابق تمّام سلام، اذ قال في تغريدة له عبر “تويتر”: “لا أتذكر أن المتحاملين على تمّام بك سلام اليوم، انسحبوا من حكومته يومها احتجاجاً على ما يزعمونه الآن”. وأضاف: “?تمام سلام أعلى من أن تصيبه سهام المتحاملين. كنّا إلى جانبه وسنبقى… ولحد هون وبس”.

لكن كتلة “المستقبل” التي اجتمعت برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ذهبت أبعد من ذلك، فأسفت “لبعض المواقف الهادفة الى حرف الأنظار عن المعاني الحقيقية لنصر الجيش، وللتغطية على السماح بفرار القتلة…” واستنكرت ما سمته “الموقف المخادع لـ”حزب الله” حيال الفصل الأخير من المواجهة التي خاضها ببطولة ومهنية عالية الجيش ضد “داعش”. فقد حاول الحزب عبر أمينه العام جرّ الدولة الى تنسيق علني مع النظام السوري، فيما يقوم والنظام بالتفاوض مع “داعش” على جثامين شهداء الجيش على هامش مفاوضاتهم لاسترجاع أسراهم وجثامين قتلاهم، ومن هؤلاء جثمان الأسير التابع للحرس الثوري الايراني، كما أذاعت وكالة “أنباء فارس”. والحزب في ذلك عقد مع “داعش” صفقة تبادل جثث مقاتليه مقابل تأمين مغادرة عناصر “داعش” التي ضَمَنَهَا مع النظام السوري، والذي يبدو انه يتشارك مع “حزب الله” و”داعش” في الكثير من الأمور، علماً أنّ الحزب كان يعترض بشدة في السابق على أي نوع من أنواع التفاوض لإطلاق العسكريين اللبنانيين عام 2014?.

في المقابل، دعا رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل “الذين غطوا وجود الارهابيين في لبنان غفلة أو من وعي”، الى “أن يكفروا عن خطاياهم اليوم بالمساعدة في حل مشكلة النزوح، بدل أن يحاولوا رمي التهمة على المناضلين الذين كانوا يطالبون بإعطاء الجيش الغطاء السياسي لتحرير الأرض”. ورأى “ان هناك خياراً سياسياً جاء بالارهاب الى لبنان، وخياراً آخر دحره. ونحن كنا من الخيار الثاني. وهناك خيار سياسي أتى بالنازحين الى لبنان، فيما خيارنا هو إعادة النازحين آمنين الى وطنهم. خيارنا يثبت صحة تمسكنا بالرئيس القوي، ونتيجة التخاذل وحتى التعامل، احتل الارهابيون الجرود”.

ميدانياً، بدأ الجيش اللبناني عملية انتشار عند معبر مرطبيا وحليمة قارة ورفع العلم اللبناني فوق تلّة القريص على الحدود اللبنانية – السورية، بالتزامن مع تسلّمه المواقع المحررة من “حزب الله”.