سعود السمكة/هذا هو الطريق للقضاء على الإرهاب

347

هذا هو الطريق للقضاء على الإرهاب

سعود السمكة/السياسة

“ليون بانيتا” وزير الدفاع الأميركي السابق قال: “إن المعركة مع تنظيم الدولة الداعشية” قد تستغرق ثلاثين سنة. بالتأكيد السيد الوزير لابد انه لا يقصد بان هذه الفترة الزمنية الطويلة التي حددها سوف تستهلك فقط لجبهة حرب الدبابة والمدفع, انما هناك جبهة أهم وسلاحها اقوى تأثيرا وذات فعالية مؤثرة ألا وهي جبهة التعليم والتربية. نعم السيد الوزير لم يستنبط هذا الرأي من فراغ, بل إن أقل متابع للخط البياني الذي سار عليه التعليم على مدى ثلاثة عقود في مناهجنا التعليمية ومدارسنا الثقافية ومساجدنا, يجد انها لم تكن تعلم ولم تكن تربي, بل كانت منهمكة في صناعة قنبلة نووية موقوتة تحت غطاء تعلم الدين, بيد ان هذه المناهج والمدارس والمساجد مجتمعة عملت أولا على احتلال العقل ليحول المتلقي هذا الغر البريء الى وحش يقتل ويقتل باسم الله ونصرة لدينه! في الوقت الذي كانت فيه انظمتنا السياسية في الشرق تضع الامكانيات كافة لبلدانها للحفاظ على مكانتها في الغاية ومد فترة تمتعها بالسلطة المطلقة الى ما لا نهاية وانشغالها في الحفاظ على هذه الغاية, كان وحش الارهاب يضع لمساته على خريطة الطريق التي يريدها مستقبلا, متسترا بعباءة الدين, ومن خلال عباءة الدين دخل المدرسة, والجامعة والجامع, ثم تطور الوضع ليصبح هو من يضع منهج التعليم, ويصنع ثقافة المسجد ويفرض النهج التربوي! وأنظمتنا السياسية للاسف الشديد تشاهد وهي مطمئنة لهذا الوضع باعتباره لا يتحدث بالسياسة وهذا هو كل المطلوب لديها بينما الوحش والعدو الحقيقي لهذه الانظمة وشعوبها يربض تحت عباءة الدين, ينشر سموم فكره الارهابي في المدارس والمساجد والجامعات! اكثر من ثلاثين سنة وكل القوى التقدمية وأنصار الدولة المدنية في العالم العربي يحذرون من هيمنة الفكر الارهابي على المدرسة والمسجد تحت غطاء الدين لكن للاسف من دون فائدة, بل على العكس فقد تم تقريب حملة هذا الفكر الى مراكز القرار والى مصانع التوجيه, والنتيجة شباب في عمر الورد يقتلون ويقتلون بفعل ما ادخل في عقولهم وضمائرهم بأنه صحيح الدين ورضى الله وبالتالي لابد لك أيها الشاب اذا أردت الوصول الى هذه الغاية ان تكره الحياة, وان تقتل كل من لا يؤمن بما لديك من فكر! اذا هل من المعقول ان عشرات الآلاف, بل مئات الآلاف, بل قد يصل العدد الى اكثر من ذلك موزعون على خريطة الشرق والغرب يحملون فكرا غير قابل للنقاش يكون من السهولة القضاء عليه من خلال المدفع والدبابة, ومن خلال فترة زمنية قصيرة? لاشك ان لنيران الحرب فاعلية وقدرة على وقف تمدد الارهاب واغلاق منافذ تسربه لكنها لن تستطيع بالتأكيد القضاء عليه نهائيا فجبهة الحرب دائما ما تكون محكومة بفترة زمنية ومكانية محدودة, وهذا امر لن يقضي على الارهاب نهائيا, وبالتالي فإن قطع جذور الإرهاب يتطلب حربا من نوع آخر لا علاقة لها بالمدفع والدبابة, بل لعل مفعولها أنجع وهي حرب مفتوحة على الازمنة والامكنة … انها حرب التعليم والتربية انها حرب على المنهج التكفيري الذي وضعه فكر الارهاب, وعلى ثقافة التشدد والكراهية, وعلى التربية المغلوطة التي تقول: “إما تؤمن بما أؤمن, وإلا فأنت كافر يستحل دمك… حرب على الاحادية التي ترفض الغير بسبب دينه أو مذهبه او معتقده, ثم بعد ذلك احلال المثل العليا التي اكدت عليها جميع الاديان السماوية وهي المحبة والالفة والتسامح, وان المجتمع الانساني تربطه مبادئ الإخاء والايمان بحق العيش بسلام لكل فرد في هذا المجتمع الانساني الواسع, ليس لأي إنسان فضل على الآخر بسبب دينه او معتقده أو جنسه او لونه, وهذا هو الطريق للقضاء على الارهاب.