فرنسوا المعرّاوي: صلّب وانزال وعيّد واطلاع

77

صلّب وانزال وعيّد واطلاع
فرنسوا المعرّاوي

وبعد ان انتصر السلطان العثماني على المماليك في معركة مرج دابق رفع الظلم عن الناس واحترم خصوصيات الآخرين واستطاع ان يكون قريباً من الجميع .
وفي عهد العثمانيين نزل اجدادنا الاهدنيون من الجرود ليختاروا لهم ارضاً يبنون فيها قرية مشتى لهم فوجدوا انّ المماليك كانوا قد جعلوا من كفردلاقس وعلما ومجدليا واصنون …. خرائب نتيجة مرورهم من هناك .
اختار اجدادنا ارضاً تقع بين نهرين ووجدوا فيها آثار قلعه قديمه رمّموا قبواً في تلك القلعة وكرّسوه كنيسة على اسم امّنا مريم سيدة الانتقال وسمّوا قريتهم هذه باسم زغرتا .
ومنذ تلك الايام جعل الاهدنيون سنتهم فصلين فصل شتاء وفصل صيف اذ اعتمدوا عبارة ” صلّب وانزال وعيّد واطلاع ” اي انّ شتاءهم يبدأ بعد عيد الصليب وصيفهم بعد عيد الفصح
يقضون شتاءهم في زغرتا وصيفهم في اهدن .
وبما انّ عيد سيدة الانتقال يقع في صيفهم فكانوا وما زالوا ينزلون كلّ سنة من اهدن الى زغرتا للاحتفال بالعيد ينزلون قبل يومين من العيد اي في 13 آب .
ينزلون سيراً على الاقدام افراداً وجماعات .
صباح 14 آب يشطفون الكنيسة بالماء .
كلّ ذكر عليه احضار سطل ماء .
ويتحوّل شطف الكنيسة الى مهرجان يشارك فيه الجميع .
وتتحوّل ارض الكنيسة الى بركة ماء .
بعض النسوة الموهوبات بقول الشعر يقفن ويبدأن بمديح امّهم مريم فتعلو الزغاريد في ارجاء الكنيسة .يزفّون امّهم مريم زفّة العروس باروع الكلام .
وتحاول الفتيات الصغيرات تقليد امّهاتهن وجدّاتهن فتاتي زغاريدهن اشبه بهتاف .
وبعد الشطف تبدأ الصلوات ومن ندر ان ينام في الكنيسة يقضي ليله هناك مصليّاً متأمّلاً .
وفي 15 آب تبدأ القداديس من الخامسة صباحاً للثانية عشرة ظهراً .
وانا كهدناني كنت كلّ سنة مثل هذا اليوم اشدّ حقويّ واسير من الجرد الى الساحل للاحتفال بالعيد .
اوّل مسيرة لي كانت مع جدّتي التي علّمتني لغة ” البركة ” اذ كانت كلّما مررنا بقرية او بلدة كانت تقول لها :
” الربّ يباركك ويحميكي وينميكي ويضلّ يسوع وامّو فيكي “