إيلي الحاج: دول الخليج تضيق ذرعاً بلبنان دولةً وحزباً وتدرس توجيه “رسالة موجعة” بعد انتخابات 2018

105

دول الخليج تضيق ذرعاً بلبنان دولةً وحزباً وتدرس توجيه “رسالة موجعة” بعد انتخابات 2018
إيلي الحاج/النهار/08 آب/17

تتقاطع معلومات من مصادر خليجية وعربية عن استياء لدى دول مجلس التعاون من لبنان الرسمي والسياسي، يعبّر عن نفسه بأشكال متنوعة منذ أشهر، ويمكن أن يوصل إلى تعاملٍ قاسٍ مع “الولد الأزعر” الذي صاره لبنان، ليس بعيون الخليجيين والعرب الآخرين وحدهم وحدهم، بل المجتمع الدولي أيضاً. ستتجاوب الدول الخليجية والعربية نتيجة لهذه الأجواء القاتمة مع العقوبات الأميركية الصارمة، والتي رفع لواءها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب مُذ وضع في أول برنامجه الانتخابي للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط تجريد “حزب الله” في لبنان من سلاحه وتحوله حزباً سياسياً كسائر الأحزاب التي طبقت “اتفاق الطائف” وحلّت ميليشياتها بعد انتهاء حرب 1975- 1990.
فكرة إجراءات سلبية في حق لبنان تتخذ على مستوى الدول العربية والخليجية بدأ تداولها، بحسب مصادر موثوق بها في دولة خليجية، مع إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون، في حديث تلفزيوني يوم 12 شباط الماضي، أن “سلاح الحزب ضروري ومكمل لسلاح الجيش اللبناني”. وجاء كلامه في عز تشنج العلاقات بين إيران ومجموعة الدول العربية التي ترى الى “حزب الله” قوة عسكرية وأمنية وأيديولوجية تعمل وفق الأجندة الإيرانية في المنطقة العربية.
تمتنع مصادر المعلومات عن تحديد موعد لبدء ظهور مفاعيل “الغضب على سياسة لبنان” إذا جاز التعبير. قد يكون بعد صدور حكم قضائي في قضية خلية التجسس المتهم فيها “حزب الله” في أبو ظبي، وقد تكون بعد ظهور تداعيات العقوبات الأميركية على الحزب، كما قد تنتظر نتائج الإنتخابات النيابية المرتقبة في لبنان، أي أيار 2018. وتتوقع أن يفوز في هذه الانتخابات تحالف فريق 8 آذار الذي يقوده الحزب بغالبية نيابية واضحة، بفعل اعتماد قانون للنسبية يؤمن خروقاً لحلفاء الحزب في مختلف الطوائف والمناطق، خلافاً لما كان عليه الوضع في انتخابات 2009 في ظل قانون 1960 الأكثري.
تؤكد المصادر، عند هذه النقطة، أن دول الخليج والدول العربية الأخرى لن تفعل شيئاً البتة حيال الوضع المتوقع لمنع سيطرة “حزب الله” على البرلمان اللبناني، خلافاً أيضاً للعام 2009. يعني ذلك أن “المال السياسي” سيبقى مقطوعاً عمن تلقوه سابقاً. ويعني أن الدول التي كانت تدعم حلفاءها اللبنانيين من طوائف متعددة في ما كان يسمى “14 آذار”، لتلاقٍ في المواقف والحسابات والمصالح بينها وبين هؤلاء الحلفاء، لم يعد يهمها سقوط الغشاء الرقيق الذي كان يفصل بين “حزب الله” والدولة اللبنانية.
والأرجح أن مشاهد التسابق اللبناني على الإشادة بـ”حزب الله” والتصرف على أساس التأييد العملي له بعد “عملية جرود عرسال”، سواء في شكل معلن صراحة أو بخجل، ومن أحزاب وهيئات مسيحية وإسلامية، كما من وسائل الإعلام على أنواعها، وفي شكل صارخ، رسخت اقتناع أهل القرار في الخليج
والعالم العربي عموماً بضرورة توجيه رد اعتراضي شديد إلى لبنان الدولة و”حزب الله” دفعة واحدة. رد سيتخذ شكل رسالة موجعة، وفق المعلومات، عبر خطوات متدرجة يجري البحث في مفاعيل كل منها، وهي:
– إجراءات اقتصادية ومالية ، مثل سحب الودائع المصرفية.
– التحذير من سفر رعايا الدول الخليجية إلى لبنان، وربما مقاطعة السياحة فيه.
– خفض التمثيل الديبلوماسي بين العواصم الخليجية، والعربية عموماً، وبيروت.
غني عن التذكير بأن مآخذ الخليجيين والعرب عموماً على لبنان، الرسمي (“والحزب الإلهي”)، تعود إلى أسباب متمادية ووجيهة جداً في نظرها. فبيروت تجاهلت على الدوام في الأعوام الأخيرة شكاوى هذه الدول العربية من عناصر لبنانية تثير الاضطرابات على أرضها أو تسعى إلى إثارتها. وتستند المصادر إلى وقائع ومحاكمات صدرت فيها أحكام قضائية، أبرزها قضايا خلية العبدلي في الكويت، والتي تحدث عنها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، ملاقياً رغبة أعلى هرم الحكم في الكويت في التهدئة واستيعاب الموضوع، حرصاً على الوحدة الداخلية الكويتية. لكن القضية بالنسبة إلى دول الخليج ودول عربية أخرى، والتي لم تقتنع الدوائر المقررة فيها بحديث نصرالله، هي أبعد من حادثة في الكويت وحدها. وقد باتت الدول الخليجية خصوصاً تنظر إلى أي تهديد لدولة عضو في مجلس التعاون على أنه يتهددها جميعاً، فكيف إذا صارت الكويت في رأيهم- وليس البحرين- خاصرة رخوة محتملة في “عين العاصفة” الممكنة مع إيران؟ ثمة أيضاً قضايا مشابهة تنظر فيها المحاكم في الأمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تتعلق بالتجسس وتهريب الأموال في الاتجاهين بين بيروت والخليج وتهريب أسلحة. تقفز إلى الواجهة قضية الميليشيا في السعودية، التي أعدم بنتيجة حكم قضائي فيها رجل الدين الشيعي نمر النمر، وشبكة التجسس الإيرانية التي انتهت بإصدار أحكام إعدام في حق 15 متهماً. وإذا كانت غالبية المتهمين في كل هذه القضايا من جنسيات خليجية، وبعضهم فحسب يحمل الجنسية اللبنانية، فإن ثمة رابطاً بين هذه القضايا: معظم المتدربين بين هؤلاء المتهمين على حمل السلاح إنما تدربوا في لبنان.
فوق ذلك كله لا تغيب لحظة عن أذهان أصحاب القرار في الدول العربية المعنية أن عناصر من “حزب الله” تقاتل وتدرب على القتال في اليمن إلى جانب الحوثيين ضد قوات الشرعية وجيوش دول “مجلس التعاون”، ويُنقل عنهم أن الزمن اختلف عن الماضي، ولم تعد تمر عندهم أمور من هذا النوع بلا حساب. ذريعة الحكّام والسياسيين اللبنانيين أن “حزب الله” شريك لنا في الحكومة والبرلمان لم تعد تلقى آذاناً صاغية، ولم تعد تجدي عند الأشقاء. إذا قطر الدولة الخليجية وأقرب الشقيقات كان التعامل معها على هذا النحو، فكيف لبنان؟