سعود المولى وعقل عويط يناشدان المعلمين الحفاظ على استقلالية نقابتهم/عقل العويط: النداء الحرّ الأخير إلى آخر المعلّمين الأحرار/سعود المولى: ندعم نعمة محفوض

99

النداء الحرّ الأخير إلى آخر المعلّمين الأحرار
عقل العويط/النهار/08 تموز/17

غداً تنتخبون مجلساً جديداً لنقابتكم.
يوم الأحد هذا، سيكون يومكم الميمون.
لطالما حافظتم على استقلالية قراركم النقابي الحرّ، رافضين الرضوخ للترغيبات والترهيبات، على أنواعها وفي أشكالها كافةً.
يملأني اليقين العقلي والروحي أنكم ستذهبون غداً الأحد إلى صناديق الاقتراع، وأنكم ستصوّتون بكثافة لكرامتكم النقابية، وأنكم ستقدّمون برهاناً جديداً آخر، ساطعاً، وناصعاً، ومهيباً، يضاف إلى سجلاّتكم المشرّفة.
لكن المسألة ليست هنا. وينبغي لي أن أضعكم في حقيقتها التي وصلتني أصداؤها تباعاً، وبلغت ذروتها صباح هذا اليوم السبت.
لقد عرفتُ أن الكيل قد طفح في الآونة الأخيرة، وأن الكثيرين منكم يتعرّضون للضغوط الهائلة، وخصوصاً في مناطق جبل لبنان. بل في كلّ لبنان، وحيث ملكت أيمانهم.
عرفتُ أنهم يتصلون بالعديدين منكم، فرداً فرداً، ويلاحقونكم إلى بيوتكم، ويهدّدونكم بلقمة عيشكم، وأنهم يرغّبونكم أيضاً، ويستفزّون مشاعركم الدينية، ويدغدغون الغرائز، ويستخدمون أساليب التحريض الطائفي والمذهبي البغيض من أجل حملكم على إسقاط نعمة محفوض.
نعمة محفوض، أيها المعلّمون، ليس “داعش”، وليس “الشيطان الرجيم”. على الرغم من ذلك، “يدعّشونه”، و”يشيطنونه”، ويرجمونه، ويرمون عليه أبشع الأوصاف.
لقد بات الجميع يعرفون أن رأس نعمة محفوض هو السبيل إلى تحقيق ما يصبون إليه.
يقولون ما يأتي: نقطع رأس نعمة محفوض، فنسدّ البوز الذي يرتفع بصرخة الحقّ، ونسيطر على نقابة المعلّمين، فيستتبّ الركوع، والرضوخ، وتربح الوصاية السياسية… والدينية على المدارس والمعلّمين.
ليعلم القرّاء ما يأتي:
شخصياً، لا أعرف شخص نعمة محفوض. ولم أسلّم عليه يوماً. ولم أجتمع به. ولا تربطني به أيّ علاقة، سوى أنه مناضل نقابي، وأنه نقيب للمعلّمين يدافع عن الحقوق، ويطالب بها.
هذا من جهته، أما من جهتي، فيربطني به أني أقف إلى جانب النقابيين الأحرار الذين يرفعون الرأس عالياً، ولا يهابون السلطات، ويرفضون أن يطأطئوا الجبين.
لهذا السبب أعرف تمام المعرفة أن رأس نعمة محفوض هو رأسي أنا، مثلما هو رأس كلّ شخص مستقلّ، وكلّ مواطن مدني حرّ.
لا أدعو إلى إعادة انتخابه من أجل “سواد عينيه”، بل حمايةً للعمل النقابي، ولصفع الوصاية السياسية والدينية، التي لا تشبع.
إن إعادة انتخابه، تكتسب في هذا المعنى أهمية مطلقة: إنها ترمز إلى المحافظة على الكرامة النقابية الحرّة.
في لحظات الترهيب، قد تصاب بعض النيّات بالزعزعة. إياكم، أيها المعلّمون، أن تتزعزعوا، وأن تزحطوا على قشرة موز الوصايات والترهيبات والترغيبات.
لا تنصتوا إلى الترهيب الذي يُعمَّم على نفوسكم وعقولكم وعيالكم، بالطريقة الدنيئة والسافلة التي يمارسها أصحاب الشأن، الدنيويون والدينيون على السواء.
إن إعادة انتخاب نعمة محفوض تتخطى شخصه، لأن نجاحه غداً الأحد بالذات، يمثل رفضكم لإخضاع العمل النقابي لسلطة السياسيين ومداخلات رجال الدين الرخيصة.
هذا هو النداء الحرّ الأخير إلى آخر المعلّمين الأحرار في المدارس الخاصة.
دعوا الصناديق تنطق بكرامتكم غداً الأحد. ولا تخافوا.
كلّ صوتٍ يذهب إلى نعمة محفوض، إنما يدخل توّاً في السجلّ الذهبي للكرامات الوطنية التي ترفض الاستسلام. فلا تستسلموا.

ندعم نعمة محفوض
سعود المولى/باحث وأستاذ جامعي/النهار/النهار/08 تموز/17

يخوض نعمه محفوض ورفاقه معركة قد تكون خاسرة بالمقاييس الانتخابية البحتة إلا أنها رابحة بكل المقاييس الديموقراطية والمدنية والإنسانية. فهذه ليست معركة نجاح أو فشل بضعة مرشحين مستقلين قد لا يؤثر نجاحهم في تركيبة مجلس النقابة الذي سيتشكل برغم ذلك من غالبية من أعضاء أحزاب السلطة المتحالفين المتضامنين. لكنها معركة نجاح أو فشل الرهان التاريخي الديموقراطي المدني الذي دفعنا من أجله أحلى سنوات عمرنا… هي معركة بقاء الحلم في التغيير واستمرار الكفاح من أجله. فما أتعس الدنيا لولا تلك الأحلام الصغيرة.
(ولنا أحلامنا الصغرى، كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة… لم نحلم بأشياء عصية… نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية.) (وفي كل حلم أرمّم حلمًا وأحلم.)
فلو انطفأت هذه الشعلة المباركة لكان على لبنان السلام. نعم لو انطفأت الشعلة التي لا تزال متقدة في عيون نعمه محفوض ورفاقه وفي نبرات صوته المنفعلة المتصاعدة غضبًا أمام الظلم والاستهتار بحقوق الناس، الشعلة التي لا تزال تتوهج في قلوبنا نحن الأمناء على ذكرى ذلك اليوم التاريخي في 14 آذار وذكرى نضالات الحركة الطلابية وحركة المعلمين والجامعة اللبنانية والحركات المطلبية والنقابية كافة، نعم لو انطفأت هذه الشعلة لأظلمت الدنيا واسودت اسودادًا شديدًا ولمات كل شيء بالنسبة إلينا…
فلكي لا تنطفأ شعلة الحياة الحرة المدنية الديموقراطية… ولكي لا تموت الأحلام التي ضحى من ضحى من شباب لبنان حياته قربانًا لها… ولكي لا تغيب المنارات المضيئة في ظلمة الطريق الموحش… دعونا وندعو إلى دعم نعمه محفوض ولائحته في معركة القرار النقابي الحر المستقل.
إن خيارنا بدعم نعمه محفوض هو خيار دعم العمل النقابي والسياسي الحر المستقل المسؤول أمام أهله وشعبه، لأن هذا بات شرطًا لبقائنا في وطننا، شرطًا لمنع الانهيار، انهيار الدولة وانهيار اقتصادنا، شرطًا لحماية بلدنا من السقوط المحتوم الذي نراه يمثل أمام أعيننا في كل يوم.
إننا بدعمنا لنعمه محفوض نحاول أن نضع حدًا لهذا التمييز المهين بين اللبنانيين، بين من هم خاضعون للقانون وبين من هم فوق القانون والمحاسبة. ونحاول أن نحرر النقابات من الارتهان لشروط المجموعات الحزبية والطائفية ، هذا الارتهان الذي يعطل قيامها بواجباتها الأساسية… والعمل النقابي الحر المستقل هو دعامة على طريق إقامة دولة مدنية ديموقراطية حديثة تعيد للمواطن حقه في اختيار سلطته ومحاسبتها. وبالتالي فإن عملنا هذا يعيد الاعتبار إلى العمل السياسي والنقابي الحر النظيف ، فيحرره من الاختزال بالطائفية والمذهبية، ويمهد الطريق إلى إنشاء كتلة مدنية عابرة للطوائف تستطيع وضع ما جاء في اتفاق الطائف موضع التطبيق خصوصًا لجهة تجاوز الطائفية وصياغة قانون حديث للأحزاب يحول دون التطابق بين الحزب والطائفة، وقانون جديد للانتخابات يفسح في المجال أمام تجديد النخب السياسية بعيدًا بالتحديد عن منطق المشاريع الانتخابية الطائفية، إضافة الى تفعيل المجالات غير المحكومة بالاعتبارات الطائفية من خلال إعادة الحياة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وإقرار اللامركزية الإدارية، وتأمين استقلالية القضاء، وإصلاح الادارة. ومن هنا فإن أي معركة نقابية حقيقية هي معركتنا جميعًا في سبيل ذلك كله.
إن نجاح معركة نعمه محفوض هي بالنسبة إلي بداية معركة حقيقية لصياغة مشروع وطني ديموقراطي يسمح بتجاوز التفكير المذهبي والطائفي والعشائري والمناطقي الضيق الأفق، مشروع يُعيد الاعتبار للعلم والمعرفة، للتفكير النقدي، للجد والاجتهاد ، للحوار الدائم ، للمصالحة والسلم الأهلي، للتضامن والمشاركة، مشروع وطني من أجل الناس وبواسطة الناس… مشروع يعيد إدراج المواطنين الأحرار في حركة التاريخ وفي صناعة حاضرهم ومستقبلهم.