الدكتورة رندا ماروني: في غرفة الإنعاش

1269

في غرفة الإنعاش
الدكتورة رندا ماروني/10 حزيران/17

دولة في سبات في غرفة الإنعاش إلى أجل غير مسمى وصرخات المواطنين تعلو دون أن تلقى أذانا صاغية أو حلولا عملية لمشاكلها، ولا تلقى تجاوبا إلا بوعود منافقة مجاملة على أبواب الانتخابات النيابية. فمن ساحة الشهداء الشاهدة على المعاناة علا صوت انتفاضة الأوادم الرافضة للسلاح المتفلت الذي يفتك بالأرواح واحدة تلو الأخرى مطالبة بلم السلاح ومنعه ومحاسبة الراعي والحامي والمتستر، كما طالبت بتعليق المشانق ومحاسبة المرتكبين وتفعيل القضاء وإعادة النظر في أحكامه المتهاونة. هذا وكان قد سبق هذه الانتفاضة إطلالة لوزير الداخلية واعدا ومطمئنا بالعمل على تعديل القوانين وبتعليق المشانق، وعودا لا تلقى تدبيرا ولا تنفيذاً، كلمات مطمئنة لامتصاص النقمة الشعبية على دولة كل مين إيدو إلو.

وفي هم آخر أتانا الخبر السعيد من المندوب المتجول بين القيمين على استصدار قانون للانتخابات وليطمئن المواطنين من جهته أيضا على ولادة قريبة لقانون الانتخابات في مشهد هزلي أظهر بسمة عريضة على وجوه المواطنين في وضع مبكي، فإلى ما ترمي هذه الطمأنة، هل اتفقتم على حجم الحصص الموزعة بينكم، وماذا سينوب المواطن من هذا التوزيع؟

إن الوضع الضاغط الأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتفلت من المعايير المؤسساتية والغارق في الفساد وتناتش الحصص والصفقات لم يمنع وزير العدل من شن هجوم على المعارضة ورفع دعوى قضائية ضدها ووقوفه طرفا خلافا لكل القوانين والمعايير القضائية مهددا 400 مواطن لبناني بالتحقيق معهم وملاحقتهم ليذكرنا بأيام الاحتلال السوري المتربص بالرأي المعارض والموكل لفريق تابع للمخابرات مكلف خصيصا برصد وتتبع الأخبار يوميا ليمارس من خلالها كل أنواع الاضطهاد، فأتى قرار السلطة الحالية بالهجوم على المعارضة وبتتبع ما ينطق به أصحاب الرأي مشابها ومتقمصا أساليب الاحتلال وكيف لا والمواطن مسلوب حقه في المحاسبة.

المواطن يحاسب يخضع للقانون يدفع الضرائب يقوم بواجباته كاملا إلا أن حقوقه مسلوبة، في المقابل مسؤولين يتجاوزون الدستور والقوانين ويبرمون الصفقات المشبوهة ويتراشقون التهم عند اختلافهم على القسمة، ولا رادع ولا محاسب حتى الصوت المعترض يريدون خنقه في المهد، روائح الفساد فائحة وتراشق التهم واضحة وبكل وقاحة يلومون المواطن إذا نطق بما أعلنوا عنه بأفواههم.

لقد كان من الأجدى أن يأتي التحرك القضائي محققا في معطيات الفساد الكامن في جزء منه في منطق التقاسم الحصصي والمتصل بالأمن الاقتصادي والمعيشي والخدماتي، الهادر للمال العام والواضع يده على مقدرات الدولة والمتغاضي عن وضع حلول فعلية ودائمة لمشاكل المواطنين، لكي يبرهن عن فعاليته واستقلاليته وعدم رضوخه للضغوطات السياسية، حيث تكشف كل يوم معلومات ومعطيات ووثائق جديدة لا يحرك القضاء لها ساكنا.

لا يُكشف الفساد إلا عند الخلاف على المكاسب، ولا تُكشف المعلومات إلا عندما تتضارب المصالح، فلقد أشار أحد أفراد عائلة آل الحاج حسن في بيان باسم آل الحاج حسن، إلى أن هناك حملة منظمة ضد وزير الصناعة حسين الحاج حسن منذ أكثر من سنة، وبالتحديد بعد اغتيال القائد مصطفى بدر الدين ابتدأت من مشكلة حوش النبي بالانتخابات البلدية تحت عنوان: ضيعته ما بيمون عليها، وتابعت الحملة من التكليف للأجهزة الأمنية بعدم الرد عليه أو إعطاءه قيمة وصولا إلى الفتاوى الشرعية بحق محاميه السيد أشرف الموسوي، والقدح والذم والشتم على أسباب وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الأمس القريب تم إلقاء القبض من قبل عناصر حزب الله في الضاحية على عباس فؤاد الحاج حسن شقيق محمد وابن أخ شهيدين في حزب الله وابن أخ مسؤول في حزب الله الحاج يوسف، ووالده له تاريخه الشريف في هذا الحزب، ولكنهم سارعوا للإعلام بالتعريف عنه بصفة أبن شقيق الوزير حسين الحاج حسن لتتبين نواياهم الخبيثة.”
وشدد الناطق باسم العائلة على أنهم لن يسكتوا بعد الآن لأن هذه الحملة منظمة خصوصا قبل الانتخابات النيابية فإن معالي الوزير حسين الحاج حسن أشرف من أصحاب هذا المشروع الخسيس، كما أنهم كعائلة لن يسكتوا عن أحد ابتداء من الشيخ نعيم قاسم ونجله محمد، الذي يقوم بأعمال نصب واحتيال مذكرا بال27 مليون دولار الذي نصبهم على صلاح عز الدين، من أين لك هذا يا نعيم؟ والشيخ أحمد مشيك مسؤول اللجنة الأمنية السابق ما شاء الله يملك أموالا لا تحرقها النيران وأراض ومنازل، من أين لك هذا يا أحمد؟ والنائب محمد فنيش ما شاء الله من كتر الإيمان كان يعطي العالم بدل الدواء جفصين وأدوية مهربة، مش عيب يا سعادة النائب؟ والحاج حسين نصرالله سارق أموال الأيتام، والنائب الموسوي تاجر وصاحب معامل الكابتاغون، وحسن النمر سارق أموال وحقوق البلديات، والشيخ يزبك المفتي الشرعي يا ساتر الله ألم يبيع ابنه مخزن سلاح للمعارضة السورية ليقتلوا فيها أبناءنا وإخواننا المجاهدين، والشيخ باقر محمد حسن المفتن ألم يغطي أشخاص لتهريب الدخان والمازوت ألم تأمروا بقتلي؟ ما لبث لهذا البيان أن أزيل عن موقع النشرة الإلكتروني ليحل محله بيانا آخر باسم العائلة أيضا مستنكرا على ما جاء على لسان أحد أفرادها.

سحب البيان أم لم يسحب النتيجة واحدة، محميات سياسية وخطابات فوقية، ولا نقصد فقط بيئة معينة، فالأسلوب متبع من الجميع بأشكال مختلفة، معلومات في عهدة القضاء فهل يتحرك؟ أم أن القانون لا يسري سوى على المواطنين الأوادم ليصح القول دولة في سبات في غرفة الإنعاش والأجل غير مسمى، هستيريا جنون وحمى، ومؤسسات في انكماش
دولة في سبات
في غرفة الإنعاش
والأجل غير مسمى
هستيريا جنون وحمى
مؤسسات في إنكماش
انتفاضة أوادم
وغضب متعاظم
وتناتش مغانم
وعقلاء في اندهاش
أشريعة غاب
ما لذ وطاب
يوزع في أكواب
والخليقة عطاش
سلاح متفلت
وعقل متزمت
وفاشل متعنت
لا يقبل النقاش
تجار مخدرات
وجيل في شتات
يعيش على فتات
بإرادة الأوباش
محاسبة مفقودة
والغلة محصودة
والسرقات أنشودة
وفساد في إنتعاش
محميات سياسية
وتدابير فوقية
وذرائع طائفية
في واقع معاش
فالدولة في سبات
في غرفة الانعاش.