الدكتورة رندا ماروني: إحتلال حاضر في التحرير

427

إحتلال حاضر في التحرير
الدكتورة رندا ماروني/28 أيار/17

تصدر سفير النظام السوري في المقاعد الأمامية في الاحتفال الذي أقيم في الهرمل اللبناني بمناسبة ذكرى التحرير في الخامس والعشرين من أيار الجاري.  كان هادئا مبتسما منفرج الأسارير، وكيف لا ، وهو سفير النظام المشكور دائما لما جنته يداه من قبل حزب الله، ومن السيد حسن نصرالله، وكأن تاريخا أسود يمتد فصولا متتالية ومعاناة طويلة للشعب اللبناني في مواجهة شراسة وطمع هذا النظام في الكيان اللبناني قد مُحي من الذاكرة الجماعية اللبنانية وقد خضع لترويض أيديولوجي مبرمج محترف لا يجيده سوى الأنظمة التوتاليتارية المتخصصة في إخضاع الشعوب والمتفننة في استخدام وسائل القهر والتعذيب.

لقد نُسِّب لهذا النظام زورا، فضلا لا يستحقه في انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب، لا بل نستطيع القول بأنه كان مصدوما في حينه، لأنه أدرك في تلك اللحظة إن ما بناه في تاريخ طويل تهاوى أمامه في لحظات لسقوط الخطوط الحمراء الضامنة لوجوده.

ومن لا يعرف اتفاقية الخطوط الحمر بين أميركا وخلفها إسرائيل، وبين النظام السوري المتمثل بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، فبات الانسحاب العسكري السوري من ربوع لبنان أمرا محسوما، هذه الربوع التي طالما عمل جاهدا على بلعها وإخضاع شعبها وتخوين مناضليها.

لا خير يصدر من فاقده، ولا عطاء في من لا يحوي إلا الطمع، لقد تركت أرض الجولان محتلة ومن دون مقاومة لانهماك المنظم والمفبرك الأول لشعارات المقاومة الخالية من المضمون في إخضاع شعبه وفي إخضاع الشعب اللبناني تحت شعارات لا يختلقها سوا عقل مريض حبا بالسيطرة والتسلط كشعب واحد في دولتين وغيرها من الشعارات، أو ما صور له عقله بأن أرض لبنان هي بديلا لجولانه المحتل.

هذه الأخلاق المقاومة رضيت بالبدائل، وانهمكت في عد الثروات ونهبها حتى الأثارات المكتشفة كانت تنقل بشاحنات إلى الداخل السوري تحت شعار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

كل أشكال التجاوزات والشواذات مررت تحت عنوان مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فماذا حققتم؟
لا شيء، لم تُرمى إسرائيل في البحر،
والجولان ما زال محتلا،
وسوريا ترفض الاعتراف بمزارع شبعا لبنانية، إما طمعا بمزارع شبعا أو أنها بالمختصر لا تريد إزالة الاحتلال عن المزارع تبريرا لسلاح يريد الاستمرار أو إبقاءا لشعارات تستعمل غب الطلب وحسب الحاجة لتمرير وممارسة كل أشكال التجاوزات.
الإنجاز الوحيد هو خلق محاور وافتعال حروب بين أبناء الدول الواحدة..

إن استعمال شعارات واهية لعبة ما زالت مستمرة كما سياسة الكيل بمكيالين.
يتحدثون عن حقوق الإنسان في البحرين واليمن وغيرها، ماذا عن حقوق الإنسان في سوريا؟ لقد بدأت ثورة سلمية فُتحت النار عليها.

فعندما نسمع سفير النظام السوري علي عبد الكريم، السفير الأول في لبنان، يتحدث عن حقوق الإنسان في البحرين نتخيل إنه سفير لدولة ديمقراطية لديها تداول في السلطة واحترام لحقوق المعارضة السياسة، مما دفع وزارة خارجية مملكة البحرين بإدانة تصريحات السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم، الذي قال في حديث لقناة اللؤلؤة البحرينية بأن السلطة البحرينية تجني على نفسها عندما تحاول تأجيج الصراعات الطائفية، وأن الدولة البحرينية ورطت نفسها وورطت المنطقة في صراعات وانقسامات غير مبررة. كما أفاد السفير علي بأنه من الضروري ملاحقة كل من واجه الحراك السلمي في البحرين بالعنف، وأشار إلى أن عدم لجوء المتظاهرين لحمل السلاح ضد الدولة في الحراك الاجتماعي مثل قوة في البحرين مؤكدا أن سلطات البحرين واجهته بالقمع والاضطهاد بالإضافة إلى تزوير الحقائق وقلبها، حسب قوله..
واعتبرت الوزارة بأن ما صدر على لسان السفير السوري في لبنان هو تدخلا مرفوضا في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وأضافت الوزارة أن تصريحات السفير السوري تعكس إنكارا واضحا لحقائق الأمور في المملكة التي ترعى وتكفل كافة الحريات والحقوق وتعد نموذجا للتعايش والتسامح بين الجميع، كما استغربت الوزارة خروج مثل هذه التصريحات غير المسؤولة والمغلوطة في الوقت الذي يجب فيه أن تتضافر الجهود من أجل الإسراع بوضع حلول سلمية للأزمة السورية وتعيد لسوريا مكانتها وتحفظ لها سيادتها ووحدة أراضيها وسلامة شعبها.

هل لوجود طائفة شيعية في البحرين ما يعطي الحق للسفير السوري في لبنان أن يناظر في حقوق إنسان منتهكة في دولة ما ويتغاضى عن نظام دولته المعروف الأساليب في قمع الحريات. هذا لا يعني بأن حقوق الإنسان مصانة في الدول العربية ولا شائبة فيها وأن الحقوق السياسية للمعارضات مباحة إنما من يحاضر في العفة عليه ممارستها أولا … فالشعوب تبغي حقوقا في دولها لا محاورا تسكب عليها الويلات، فالشعب في قراره أسير والمخطط في خطه بصير ومحور عالي النبرة مثير واحتلال حاضر في التحرير جالس مبتسم منفرج الأسارير.
احتلال حاضر في التحرير
جالس مبتسم منفرج الأسارير
يتلقى شكرا منسوب له
لا يحوي باطنه غير تزوير
لا خير فيه سوى لمن
يريد جعله أسطورة الأساطير
مخادع منافق مراوغ
لم نجني منه سوى حقد خطير
على أرض وشعب ومؤسسات
أراد تحطيمها بعزم كبير
فانقلب السحر على الساحر
وفي حفرته أضحى أسير
ولا زال يفيض غيظا
ويوزع حقدا ويمعن تصدير
للمجرمين التقدير مدان
ولمرتكبي الجرائم يحتقر التقدير
انه احتلال حاضر في التحرير
جالس مبتسم منفرج الأسارير.