الدكتورة رندا ماروني الوعد الصادق… والوعد الأصدق، من نصدق؟

370

الوعد الصادق… والوعد الأصدق، من نصدق؟
الدكتورة رندا ماروني/14 أيار/17

منذ ما يقارب الشهر تقريبا أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون على أن الجيش اللبناني ضعيف، غير قادر على ضبط الحدود اللبنانية بين لبنان وسوريا وأن قوة حزب الله العسكرية ضرورية لضبط هذه الحدود، وقد أثار هذا الموقف استنكارا دوليا وإقليميا ومحليا، لتأتي القمة الإسلامية – الأميركية المزمع عقدها في المملكة العربية السعودية في 21 من الشهر الجاري بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، متجاهلة موقع رئاسة الجمهورية حيث تم توجيه الدعوة لحضور القمة إلى رئيس الوزراء الشيخ سعد الحريري.

هذا الموقف من الرئيس المشرعن لسلاح حزب الله قابله بعد فترة زمنية قصيرة مفاجأة مدوية مناقضة في مضمونها لما صدر عن رئيس الجمهورية فيما يخص هذا السلاح الضروري، أعلن عنها السيد حسن نصرالله في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال مصطفى بدر الدين، إلا وهي قراره بالانسحاب من مواقعه في جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان قائلا: “أن المنطقة أضحت آمنة ولا تحتاج لوجودنا فيها ونحن لسنا بديلا عن الجيش اللبناني”.

الوعد الصادق في تحرير فلسطين انطلاقا من سوريا والعراق واليمن، والوعد الأصدق في الإصلاح والتغيير، والحليفين المعترضين في موقفين متناقضين، أيا منهما نصدق؟
وماذا تغير من معطيات في فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الشهر الواحد؟
هل أصبح الجيش اللبناني قادرا فجأة في نظر السيد؟

لا شك أن التحليلات كثرت في اليومين الأخيرين وذهبت في اتجاهات عدة متكهنة عما حدث ويحدث، إلا أن هذا الإعلان أتى في ظل المعطيات التالية:
موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس الداعي للحكومة وللجيش اللبنانيين إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى من الحصول على الأسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج نطاق الدولة، واعتبر إن حيازة حزب الله والجماعات المسلحة قدرات شبه عسكرية خارج نطاق الدولة يعتبر انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559، وقد جاء ذلك في التقرير نصف السنوي الخامس والعشرين الذي قدمه الأمين العام إلى أعضاء مجلس الأمن بشأن تنفيذ القرار الذي دعا إلى نزع سلاح الميليشيات اللبنانية، كما حذر من مشاركة مواطنين لبنانيين في النزاع الدائر في سوريا، وقال إن ذلك يشكل خرقا لسياسة النأي بالنفس، ويمثل أخطارا كبيرة على استقرار لبنان وسيادته.

يأتي هذا التقرير متوافقا مع نظرة الإدارة الأمريكية حول الملف الإيراني والموقف الضاغط باتجاه حزب الله، فالكونغرس الأميركي متوافق مع البيت الأبيض على سياسة العداء للنفوذ الإيراني وقد اتخذا تدابير عدة في هذا الإطار، كما إن مسلسل الضغوط على حزب الله انطلق بقوة بهدف تجفيف مصادر تمويله ومعاقبة كل الأطراف والمؤسسات التي تسانده أكانت لبنانية أم أجنبية وإدراجها على القائمة الأميركية السوداء، مما ينعكس بصورة سلبية على القطاع المصرفي اللبناني خصوصا بعد وصول إشارة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من الإدارة الأميركية بصدد الإعداد لعقوبات مالية جديدة تستهدف شخصيات وشركات متهمة بدعم حزب الله، كما إنها باشرت برقابة مشددة على بعض التحويلات التي تقوم بها بعض المصارف اللبنانية والتي تعتبر إدارتها مقربة من حزب الله، وهذه المصارف تخضع عملياتها للتدقيق بشكل مركز من مصرف لبنان لمنع أي عملية قد تعتبرها وزارة الخزانة الأميركية خرقا للعقوبات، ويسعى حاكم مصرف لبنان لتجنيب لبنان أزمة شبيهة بأزمة بنك اللبناني الكندي الذي فرضت عليه الخزانة الأميركية عقوبات لاتهامه بتبييض الملايين مصدرها شبكة لتهريب المخدرات لصالح حزب الله، ما أدى في نهاية المطاف إلى تصفية المصرف بعد تسديده غرامة بقيمة 102 مليون دولار للسلطات الأميركية في حزيران 2013 لوقف ملاحقته. هذا كله بالإضافة إلى ما تشهده الحدود الأردنية السورية من تحضيرات لحرب محتملة في ظل إجراءات احترازية على الحدود الأردنية السورية وتحالف جديد ضد تنظيم الدولة.

فالأميركيون والبريطانيون والقوات الأردنية وفصائل الجيش الحر التي تم تدريبها على يد القوات الخاصة الأميركية يواصلون حشد قواتهم على الحدود مع سوريا انطلاقا من قاعدة الدنف على الحدود السورية العراقية والجنوب السوري وصولا للمناطق الشرقية والوسطى في سوريا. فالتنظيم لم يخفي عداوته للأردن المشارك في التحالف الدولي منذ تأسيسه آخر تهديداته صدرت مطلع هذا الشهر متوعدا المملكة بمزيد من الهجمات على غرار تلك التي حدثت في الكرك أواخر العام الماضي تزامن ذلك مع حراك دبلوماسي على أعلى المستويات تجاه لندن وواشنطن. ليس فقط وجود تنظيم الدولة والفصائل المبايعة له كجيش خالد ابن الوليد على مقربة من الحدود الأردنية ما يشكل هاجس أمنيا لدى المملكة إنما أيضا الميليشيات المدعومة من إيران.العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قال بأن قدوم تلك التنظيمات جميعها إلى الحدود الأردنية لن يتم التعاون معها.

الهاجس الأمني ترافق مع تصعيد سياسي بين عمان وطهران بدأ مؤخرا بمقررات القمة العربية في البحر الميت الرافضة للتدخلات الإيرانية بشؤون الدول العربية وصولا إلى استدعاء وزارة الخارجية الأردنية السفير الإيراني لدى المملكة وتبليغه احتجاجا شديد اللهجة على تصريحات للناطق باسم وزارة الخارجية الإيراني ضد المملكة فيما يشير مراقبون إلى أن طهران سوف تدفع بتنظيم الدولة لمهاجمة الأردن. لم يعد الأردن يلعب دور المحايد في الصراع باعتبار أنه حتى عندما كان محايدا كان يتلقى تهديدات مبطنة من نظام الأسد فحواها بأن لديهم خلايا نائمة قد يدفعونها لتنفيذ عمليات أمنية في أية لحظة. لم ينأ الأردن بنفسه إزاء التطورات الأخيرة في سوريا فكانت له إدانة شديدة اللهجة بعد مجزرة الكيماوي في خان شيخون كما رحب بالضربة الأميركية على مطار الشعيرات العسكري سبق ذلك ما صرح به العاهل الأردني بعدم إمكانية بقاء الأسد في السلطة بعدما تلطخت يداه بدماء شعبه مع التأكيد على موقف الأردن الدائم على ضرورة حل الأزمة بحل سياسي شامل.

أن خروج الأردن من مربع الحياد المعلن فيما يخص الحدث السوري إلى وضوح أكثر في موقفه يأتي منسجما مع الحراك الدولي الأخير وبالأخص المعسكر الغربي الذي أعطى زخما جديدا للأزمة السورية في محاولة منه لخرق جدارها المطبقة من قبل موسكو وفي المقابل رفض الموقف السوري إقامة مناطق آمنة تشرف عليها الأمم المتحدة أو تراقبها قوات دولية مشيرا إلى أن ذلك سيكون من مهمة أفراد من الشرطة العسكرية الروسية، وكشف المعلم حقيقة البدعة الروسية التي سميت مناطق تخفيف التوتر وان روسيا تبحث في مجلس الأمن عن قرار يشرعن اتفاق استانة ولذلك يستعد وزير الخارجية الروسي لزيارة واشنطن التي رحبت بدورها بالاتفاق إنما بحذر، وأبدت قلقها من توقيع إيران عليه.

كل هذه المستجدات بالإضافة إلى الحديث عن احتمال حدوث ضربة إسرائيلية قد تستهدف أماكن تواجد حزب الله في سلسلة جبال لبنان الشرقية وغيرها من المناطق اللبنانية يرافقها شطحات استغبائية للشعب اللبناني بوعود صادقة في النصر ووعود أصدق في الإصلاح.
الوعد الصادق، والوعد الأصدق
من نصدق؟
نستقصي نتابع ندقق
نجمع الأحداث والروايات
نلعب دور المحقق
نقرأ بين السطور علنا
نفهم ما يمرر
وما يدور في رأس الممرق
أحرب ثالثة هي
أم حلوى متفق عليها
تقطع أوصالها وتخرق
كذب وتكاذب
في وطن مثل الغريق يغرق
صفقات سمسرات
عصابات تسرق النفيث وتغدق
خوارق عصرهم احترفوا التلاعب
حتى لاث اللعب مرهق
إنهم وعود صادقة
ووعود أصدق
فمن نصدق؟