سارة سليمان شهيدة جديدة على مذابح التسيّب الأمني والسلاح المتفلّت يخطف عروس بدنايل من عروس البقاع/مطالبة بمكافحة تشريع الفلتان وتوقيف المجرمين والغضب يلفّ زحلة والقرى البقاعية وتداعيات سوداوية

102

 سارة سليمان «شهيدة» جديدة على «مذابح» التسيّب الأمني والسلاح المتفلّت يخطف «عروس بدنايل» من «عروس البقاع»
خالد موسى/المستقبل/09 أيار/17

لم تكد دماء ضحايا جريمتَي قب الياس وبعلبك تجف في البقاع نتيجة السلاح المتفلت والمستشري بيد الناس، حتى وقعت فجر أمس الأول الأحد، جريمة أخرى مروعة في «عروس البقاع» زحلة ذهبت ضحيتها «عروس» بدنايل، الشابة سارة عصام سليمان (24 سنة). فبينما كانت سارة ورفاقها من بلدتها بدنايل يسهرون في ملهى «Blue Bar» في زحلة، وبعد انتهاء سهرتهم فجراً خرجت سارة ورفيقها سيمون معوض إلى خارج الملهى بانتظار أن يأتي عمال الباركينغ بسيارتهم، وأثناء انتظارهم وقع حادث سير أمام الملهى بين سيارتين أدى إلى زحمة سير في المحلة. في هذ الأثناء، كان المدعو قاسم رفيق المصري المعروف بـ«طه المصري» وهو ابن بلدة حورتعلا البقاعية – قضاء بعلبك، يمر في المكان وهو يستقل جيب من نوع «تاهو»، فلم يعجبه المشهد وتلاسن مع الشباب الذين تجمهروا على الحادث أمام الملهى وأصر على المرور، فما كان منه إلى أن حمل مسدسه وأطلق النار، فأصيبت على الفور سارة في رأسها وما لبثت أن فارقت الحياة كما اصيب رفيقها معوض في رجله، حيث تم نقله إلى مستشفى خوري العام للمعالجة، بحسب ما روت مصادر بقاعية لجريدة «المستقبل». ولفتت المصادر إلى أن «القاتل المصري من أصحاب السوابق وبحقه 4 مذكّرات توقيف وهو يتباهى بصوره على مواقع التواصل الإجتماعي باقتنائه أنواعاً عديدة من السلاح كما بانتمائه إلى أحد الأحزاب المسيطرة في المنطقة هناك عبر صوره باللباس العسكري في الجرود وغيرها».
وسارة هي معلمة وتعشق الحياة وهي جعلت من الموت معنى أسمى، فكانت قد تركت رسالة مؤثرة كتبتها منذ سنين خلت توصي، فيها بمنح أعضاء جسدها عند موتها ليعيش غيرها، و«يكون الموت لا فراش ألم بل فراش حياة».
وقالت في الرسالة التي تركتها، والتي نشرها رفاقها على مواقع التواصل الإجتماعي: «امنحوا عيني لمن لا يرى في حياته شروق الشمس أو وجه طفل أو حباً في عيني إمرأة، وهبوا قلبي لمن لم يحظ من قلبه بغير أيام الألم الدائم، وأعطوا دمي لمراهق انتزع من حطام سيارته لعله يعيش حتى يرى أحفاده يمرحون، وأهدوا كليتي إلى من يعتمد على آلة تساعده على الإستمرار من يوم إلى يوم، وخذوا عظامي وكل عضلة ونسيج وابحثوا عن وسيلة تجعل طفلاً مشلولاً يسير، واستكشفوا كل زاوية من دماغي وخذوا كل خلية اذا اقتضى الأمر ودعوها تنمو لعلها تساعد يوماً ما صبياً أخرس على الصراخ أو فتاة صماء على سماع صوت المطر يرشق نافذتها».
هذه الجريمة الشنيعة التي استفاقت عليها زحلة وبلدة بدنايل وكل البقاع ولبنان، أحدثت صدمة قوية في الشارع البقاعي، الذي سئم من هذه الممارسات التي تقوم بها ثلة من «الزعران» الذين يتعاطون المخدرات ويحملون السلاح غير المرخص ويستقلون سيارات رباعية الدفع من دون لوحات وبزجاج داكن، والمدعومين والمحميين من قبل بعض أحزاب موجودة في المنطقة، والتي هي في الأساس تمتلك سلاحاً خارجاً عن إطار الدولة وأحد الاسباب الرئيسية لبروز هذه الظاهرة في البقاع وفي كافة المناطق، طالما أنها تعمل على تغطية من يحملون هذا السلاح وتسعى إلى تخفيف العقوبات عنهم في حال تمكنت القوى الأمنية والعسكرية من توقيفهم وجرهم إلى القضاء.
وكانت ودّعت بلدة بدنايل البقاعية أمس فقيدتها وعروسها، بمأتم مهيب حضره الاهل والاقارب والاصدقاء وعموم عائلة سليمان وأهالي البلدة، المفجوعين لرحيلها وهي في ريعان شبابها. وقد ووريت سارة في الثرى في جبانة بلدتها، حيث ستخلد في حياتها الأبدية، عروسة إلى جوار الله.
في هذا السياق، أسف عضو كتلة «المستقبل» النيابية وعضو كتلة نواب زحلة النائب عاصم عراجي، في حديث إلى «المستقبل» أمس، لـ «رحيل الشابة سارة سليمان وهي في ريعان شبابها نتيجة السلاح المتفلت»، متوجهاً بـ «التعازي إلى اهلها وذويها وكل أهالي بدنايل والبقاع».
وشدد عراجي على أن «ظاهرة السلاح المتفلت والمستشري بيد الناس أصبحت مخيفة، فالوضع لم يعد يحتمل وعلى الدولة وضع حد لهذا الأمر سريعاً، لأنه ولأسباب تافهة يدفع أناس أبرياء حياتهم ثمناً لذلك، تماماً كما حصل في زحلة مع الشابة سارة سليمان وقبلها في بعلبك مع الشاب الصلح وقبلها أيضاً جريمة قب الياس على خلفية فنجان نسكافيه حيث دفع الشابان العوض والقطان حياتهما ثمناً لذلك»، مشيراً إلى أن «السلاح غير الشرعي والخارج عن سلطة الدولة هو أحد الأسباب الرئيسية لتفشي السلاح بيد الناس، فهذا السلاح هو من يؤمن التغطية لهؤلاء الخارجين عن القانون في بعض البؤر المحرم على الدولة دخولها».
ولفت إلى أن «المشكلة في كثرة هذه الجرائم أنه لا يوجد هناك عقوبات تشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه القيام بهذه التصرفات والعنتريات، وبعض المسؤولين أيضاً يحاولون حماية هؤلاء المجرمين والخارجين عن القانون والدولة ويؤمنون لهم عقوبات مخففة»، مشدداً على أنه «في حال لم تضع الدولة حلاً سريعاً لهذا الموضوع، فإن الأمر سيؤدي إلى حصول عمليات ثأر بين العائلات وبالتالي ستقوم هذه العائلات بأخذ ثأرها بنفسها وهذا ما يؤدي إلى تفاقم الأمور وتطورها».
ودعا الدولة إلى «إعادة تطبيق الخطة الأمنية في البقاع التي بدأ تنفيذها في السنوات الماضية إلا أنها لم تفعّل كما يجب»، والقوى السياسية الموجودة في المنطقة والتي تحمي هؤلاء إلى «رفع الغطاء السياسي عنهم وجعل البؤر المحمية من قبلهم والتي يلجأ إليها هؤلاء المجرمون مفتوحة أمام أجهزة الدولة وقواها الأمنية والعسكرية، وإلا سنبقى في نفس الدوامة ومن فلتان إلى آخر».
من جهته، دان عضو كتلة «القوات اللبنانية» وعضو كتلة نواب المدينة النائب جوزيف المعلوف، في حديث إلى «المستقبل» أمس «حصول هذا التصرف الفردي من شخص طائش في مدينة زحلة ذهبت ضحيته الشابة سارة سليمان إبنة بدنايل»، مشيراً إلى أنه «لا يجوز تعميم ذلك على كل البقاع، لكن للاسف السلاح اصبح مستشرياً وموجوداً ومتوفراً بكثرة بيد الناس وهذا سببه وجود السلاح غير الشرعي خارج سلطة الدولة والذي يؤمن الحماية لهؤلاء الاشخاص الذين يسرحون ويمرحون ويفرون من وجه العدالة إلى مناطق وبؤر تحت رعاية هذا السلاح وغير مسموح للدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية دخولها».
وشدد على أن «مدينة زحلة تقع تحت مسؤولية القوى الأمنية الشرعية وبحماها»، داعياً إلى «تفعيل الخطة الأمنية في البقاع مجدداً والتي كانت الدولة قد أطلقتها في السنوات الماضية لكنها تأخرت في تنفيذ جميع خطواتها».
وأمل في «تسريع تطبيق بنود هذه الخطة كاملة لوضع حد لهذه الظاهرة في البقاع وكل لبنان، عبر تأمين العديد والعتاد اللازم لتطبيقها، وكذلك أخذ تأكيدات من قبل القوى السياسية التي تؤمن غطاء لهؤلاء المجرمين والفارين من وجه العدالة وتحميهم برفع الغطاء عنهم ودعم الدولة في خطواتها لوضع حد لهذه الظاهرة ووقف عمليات إطلاق النار التي تحصل لأسباب تافهة ليس في البقاع فحسب بل في كل الأراضي اللبنانية».
وأشار رئيس بلدية بدنايل علي جواد سليمان في حديث إلى «المستقبل» إلى أن «هناك حالة من الحزن والغضب الشديد في بدنايل نتيجة الحادثة»، داعياً القوى الأمنية إلى «وضع حد للسلاح المتفلت بيد الناس وإلى إلقاء القبض على القاتل، والقضاء إلى أن يأخذ مجراه في القضية».

مطالبة بمكافحة تشريع الفلتان وتوقيف المجرمين والغضب يلفّ زحلة والقرى البقاعية وتداعيات سوداوية
البقاع ـــــ أحمد كموني/المستقبل/09 أيار/17/شو الحل مع السلاح الفلتان والزعران؟ صرخة أطلقها العديد من أبناء زحلة وقرى البقاع أمس على اثر مقتل الشابة سارة سليمان ابنة الاربعة وعشرين ربيعاً على يد المدعو «طه المصري»، أثناء خروج الضحية وأصدقائها من احد المقاهي في المدينة التي بدأت تشهد تنامياً في الحركة السياحية واقبال الرواد، من البقاع ومن باقي المحافظات. وكالعادة، «بطل» الجريمة التي هزت المدينة ومعها بلدة بدنايل مسقط رأس الضحية، واحد من كثيرين فعل فيهم فائض القوه و«تشريع» التسيب، وحتى الغطاء السياسي في بعض الحالات، فعلاً ليس بمقدور العامة والمواطن الباحث عن لحظات هدوء واستقرار وأمن أن يقف في مواجهته، فتراه دائماً ضحية في روحه أو رزقه وأعصابه. تفاصيل الجريمة كما روتها مصادر متابعة تطابقت مع شهود عيان وتوثيق خبراء السير وتقارير القوى الامنية، ان الضحية واصدقاءها واثناء انتظارهم لسيارة تاكسي تقلهم من احد المقاهي، صادف وقوع حادث سير بين سيارتين ومرور القاتل الذي استفزه تجمهر اصحاب العلاقه بالحادث، مع العلم ان لا علاقه له به، فبادر الى الصراخ والشتم طالبا من الجميع افساح المجال كي يمر تزامنا وهو يطلق النار من مسدس حربي، ما ادى الى اصابة سارة اصابه قاتلة وجرح احد الاشخاص ومن ثم لاذ بالفرار.
وفور شيوع الخبر تقاطرت قوى الامن الداخلي وفرق الاسعاف التي عملت الى نقل الضحية والجريح الى احد المستشفيات، ومن ثم باشرت القوى الامنية تحقيقاتها بالحادث وتسيير دوريات في أثر الجاني.
تداعيات الجريمة على المستوى الاهلي والشعبي جاءت غاضبة، وحملت الكثير من مواقف تدعو القوى الامنية الى مكافحة ظاهرة الفلتان وانتشار السلاح غير الشرعي، ورفعت من سقف مطالبها الى مستوى تدخل الجيش بقوة في أثر العصابات المنظمة والافراد الذين يتمتعون بامتيازات غير طبيعية من جهات حزبية شرعت وما زالت توزيع الاسلحة وبناء المجموعات تحت مسميات وشعارات ذات طابع وطني، ولكنها في حقيقتها لم يتأتّ منها سوى تشريع الفلتان ونشر الفوضى القاتلة، وتسميم الاجواء العامة وضرب الاستقرار والامن، وهي ظاهره تتكرر في كل المواسم وعلى مدار السنة وخاصة مطلع فصلي الربيع والصيف، في اشارة الى اهداف تتجاوز الموضوع الامني الى الاقتصادي والسياحي خاصة في مدينة مثل زحلة. جريمة قتل سارة سليمان، ابنة بدنايل، ليست يتيمة، وهي أتت بعد ايام قليلة على جريمة لا تقل بشاعة ذهب ضحيتها الشابان طلال العوض وخليل القطان على يد مارك يمين الذي قتلهما بدم بارد، لان فنجان النسكافيه الذي طلب منهما تحضيره لم يرقه. وفي هذا الاطار، اعتصم اهالي الضحيتين صباح امس امام قصر العدل بالتزامن مع عقد جلسة لمحاكمة يمين مطالبين بانزال عقوبة الاعدام بالقاتل كي يكون عبرة لمن يعتبر. الاعتصام انتهى، وتأجلت جلسة المحاكمة الى موعد لاحق، لكن تداعيات الجريمة بقيت مسيطرة على اهالي الضحيتين وابناء البقاع بشكل عام، وضاعف من سوداوية الوضع والخشية من تكرار جرائم القتل المتنقل على ايدي الزعران والشبيحة جريمة الامس التي اودت بحياة الشابة سارة سليمان، لا سيما وان الجريمة وقعت في واحدة من اهم مدن البقاع، وبالتحديد في مركز المحافظة حيث انتشار القوى الامنية يعتبر الاهم بين مدن وبلدات البقاع، لكن هذا الانتشار على اهميته، وعلى اهمية عمل القوى الامنية على مستوى توفير الاستقرار، يبقى غير كاف من وجهة نظر السواد الاعظم من البقاعيين وهم يطالبون باقتفاء آثار هذه العصابات وايجاد حلول جذرية للسلاح غير الشرعي ومشرعيه والمتسببين بانتشاره.