د. أحمد القيسي: واشنطن.. إيران أخطر من كوريا الشمالية

51

واشنطن.. إيران أخطر من كوريا الشمالية
د. أحمد القيسي/العرب/05 أيار/17

حذر مدير وكـالة الاستخبارات الأميركية “سي آي إيه”، مايك بومبيو، من أن الولايات المتحدة معرضة أكثر من أي وقت مضى “لخطر هجوم صاروخي نووي من كوريا الشمالية التي تقوم بتصعيد الموقف بشكل غير مسبوق وتحاول أن تعطي انطبـاعا بأنها ترغب في مواجهة مع الولايات المتحدة”.

جاء هذا التصريح عقب إجراء كوريا الشمالية عرضا عسكريا كبيرا وتهديدها بحرب نووية مع الولايات المتحدة، وقيامها بتنفيذ تجربة جديدة رغم التحذيرات، تزامنا مع إجلائها 600 ألف من سكان العاصمة بيونغ يانغ، وإعلانها السعي إلى تطوير صاروخ يصل مداه إلى الولايات المتحدة.

إن توقيت التصعيد الكوري الشمالي قد يكون متعمدا بهدف إحراج وإرباك خطط إدارة دونالد ترامب التي تواجه تهديدات عالمية في مناطق عدة بالعالم، وتحاول التركيز على ملفات إيران وتنظيم داعش، الأمر الذي يجعلنا نشك في أن هناك تنسيقا في المواقف بين إيران وكوريا الشمالية والصـين من أجل تخفيف الضغـوط عن إيران.

فمنذ التصعيد الأخير في شبه الجزيرة الكورية قلص دونالد ترامب من حدة تصريحاته الشديدة تجاه إيران، ويبدو أن هذا يروق لموسكو، ففي حال استمرت الولايات المتحدة بتخفيف موقفها تجاه إيران، قد تساعدها روسيا في مواجهتها ضد كوريا الشمالية خاصة في مجال التجارب الصاروخية.

بالرغم مما تقدم، فإن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيرلسون، يحاول استثمار التصعيد الكوري الشمالي وتحويله إلى فرصة للحصول على الدعم والموافقات اللازمة لاستهداف إيـران. حيث قال تيلرسون مؤخـرا بأنه “من دون مراجعـة شاملة للاتفاق النـووي، يمكن لإيران أيضا أن تفاجئ العالم يوما ما بتجارب نووية”، مضيفا أن إيـران “يمكن أن تسلـك نفس مسلك كوريا الشمالية، لذا يجب ردعها”.

ويبدو أن تصريحات الوزير الأميركي أثرت في موقف الرئيس ترامب الذي بدأ بالعودة إلى التركيز على إيران من خلال التأكيد على إمكانية أن تلغي واشنطن الاتفاق النووي مع إيران بعد أيام من تصريح وزير خارجيته.

عند قيامنا بإعادة تقييم التهديدات بالنسبة للولايات المتحدة من قبل إيران وكوريا الشمالية وباستخدام تقنية الفرضيات المتنافسة، لاحظنا أن الدولتين تتقاربان كثيرا في مستوى التهديد للولايات المتحـدة وللسلم العـالمي، ومن الصعوبة إنتاج حكم تحليلي حاسم في هـذه القضية إلا أنه يمكـن لنا التنبؤ بأسبقيـات الاستهداف من قبل الولايات المتحدة لهاتين الدولتين.

رغم تساوي التهديدات من كوريا وإيران، إلا أنه من المرجح أن تلجأ إدارة ترامب إلى التركيز على الملف النووي الإيراني رغم أن الملف الكوري أكثر خطورة، ويعود ذلك إلى أن ترامب بحاجة إلى موقف أميركي حازم وسهل التنفيذ يردع من خلاله الدولتين، كما أن الولايات المتحدة قطعت شوطا كبيرا في التصدي لإيران، لكنها بحاجة إلى وقت أطول لتنال من كوريا الشمالية.

فالولايات المتحدة حذرت من أن الحرب النووية مع إيران تشكل تهديدا أكبر من تهديد كوريا الشمالية. ومدير الاستخبارات الأميركية يقول إن “إيران ستواجه عملا عسكريا أكثر صرامة من قبل أميركا تحت حكم ترامب”.

وقد يكون الملف النووي الإيراني هو الأكثر إلحاحا بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة مع ميل الصـين وروسيا لدعم الطموحات النووية الإيرانية في وقت تبدي فيه الصين استعدادا لحل الأزمة مع كوريا الشمالية.

أما بالنسبة للتهديد القادم من كوريا الشمالية فإنه يبقى تهديدا مرتفعا إلى حين توفر الظروف المناسبة للاستهداف، وذلك بسبب حساسية وتعقيد الموقف الجيوسياسي المترابط مع قضية كوريا الشمالية.

ومن المرجح أن تلجأ الولايات المتحدة إلى زيادة التضييق على الصين لدفعها إلى الضغط على كوريا الشمالية، وذلك عبر سياسة التصعيد العسكري، فالمسؤولون الأميركيون أعلنوا أن بلادهم “أقرب من أي وقت مضى من مواجهة كوريا الشمالية”، كما أكدوا أن “سياسة الصبر الاستراتيجي انتهت وجميع الخيارات مطروحة على الطاولة”.

وبالتزامن مع هذه التصريحات الحازمة وصلت مدمرتان تابعتان للبحرية الأميركية إلى مقربة من أحد المواقع النووية لكوريا الشمالية، إضافة إلى قاذفات للقوات الجوية الأميركية في جزيرة غوام.
*باحث عراقي مقيم في دبي