الدكتورة/رندا ماروني: رقص العفاريت وألحان الطواغيت

489

رقص العفاريت وألحان الطواغيت
الدكتورة/رندا ماروني

15 نيسان/17

نفس الرقصة ونفس الألحان نفس اللعبة نفس القواعد تتلاعب بمصيرنا وكأن شيئا لم يتغير، فبين 13 نيسان 1975 و13 نيسان2017، يعيش اللبنانيون على صفيح ساخن، لا يعرفون الهدوء، مراحل تتعاقب وجوه تتغير إنما الصراع على السلطة مستمر والمصالح الضيقة تتحكم بكل مفاصل الحياة السياسية المعاقة، وإذا بدأت الحرب مارونية سنية تحت شعار النيل من المارونية السياسية، وبالرغم من الصراع الدائر اليوم السني الشيعي الذي يستعر أقليميا وبلبنان فلقد كاد تاريخ 13 نيسان 2017 أن ينفجر بين ثنائية شيعية وثنائية مسيحية من أركان السلطة القابضة نفسها، خلافا على مصالح ومكاسب خاصة، تحت شعار حقوق طوائف دافعين الشارع للاستنفار والمواجهة.

لقد اعتبرها البعض المواجهة الأولى للرئيس مع حزب الله، ووضعها في إطار التراجع عن الوعود والعهود بين الطرفين التي تأتي من ضمنها إعتماد القانون النسبي، وكان قد أطلق الرئيس نبيه بري لوما أو عتبا على من قفز فوق السلة، سلة بري الشهيرة، معتبرا أنه لو أصر حلفائه على إعتماد السلة لما كان ليواجه ما يواجهه اليوم من صراع حول صيغة قانون الإنتخابات، وأثنى البعض على هذه المواجهة معتبرا أن تحول موقف القوات اللبنانية أعاد الأمور إلى نصابها وأعاد التيار الى مكانه، متناسيا أن الصراع الذي يدور حاليا إنما يدور حول مكاسب يريد الثنائي وضع اليد عليها، ولا يدور حول القضية الأساس ألا وهي بناء الدولة وإزالة السلاح غير الشرعي، والهدف تثبيت سلطة ثنائية داخل الطائفة المسيحية، متمثلة بالثنائية الشيعية، مما يجعله طرحا شاذا، بعيد عن ما يريده المواطن حيث يدخل في إطار وضع اليد واغتصاب السلطة، بالاضافة الى ان لعبة الثنائيات لا تؤدي إلى بناء دولة إنما إلى ديكتاتوريات طائفية تحت ما يسمى حقوق الطوائف كتغطية شرعية لكل التجاوزات.

عادة لعبة المصالح تتحكم في العلاقات بين الدول بالرغم من السعي إلى قوننتها من خلال المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلا أن الدولة الحديثة مستقرة في ظل الدساتير والقوانين الداخلية، وبالنسبة للبنان فمن يريد أن يتصفح السياسة الداخلية يستطيع أن يسقط عليها معيارا وحيدا خاليا من المبادئ والايديولوجيا التي تستعمل ظرفيا لاستنفار الشوارع وللتجيش الطائفي، فاللغة الوحيدة المتحكمة هي لغة المصالح والمكاسب الزعماتية وعندما تمس العدة الأيديولوجية جاهزة غب الطلب، فلا حلفاء دائمين ولا إتفاق إلا في ظل المكاسب، ولا إعتبار لاستمرارية وطن وبناء دولة على قواعد سليمة
وفي ظل الصراع المستعر حول قانون الانتخابات الذي سوف يرسم الصورة الزعماتية المتحكمة الجديدة، حيث يحاول كل طرف سلطوي نيل أكبر حصة ممكنة مدروسة سلفا ومفروضة على الناس بانتخابات صورية محسوبة نتائجها، من سيكسب الصراع ويتصدر؟

لقد إستعمل رئيس الجمهورية صلاحياته المنصوص عنها في المادة 59 من الدستور اللبناني فتأجل انعقاد جلسة مجلس النواب شهرا وتأجلت المواجهة الشارعية شهراً، وحدد الرئيس بري موعد جديد لإنعقاد الجلسة في الخامس عشر من أيار، فماذا سيشهد هذا التاريخ؟ هل سيشهد ولادة قانون إنتخابي جديد؟
كان من الممكن أن نكون متفائلين في ولادة قانون إنتخابي جديد لو لم نشهد خيبات أمل متتالية في ظل طقم حاكم لا يعرف إلا الحسابات الشخصية، وبما أن هذا الاحتمال غير وارد في ظل المثل القائل “مين جرب المجرب كان عقلو مخرب” يبقى الاحتمال المطروح أن نصل إلى هذا التاريخ دون الإتفاق على قانون إنتخابي جديد، عندها ستعقد الجلسة في الوقت المحدد وسيتم التمديد للمجلس الحالي، وبما أن القانون معجل مكرر فعلى رئيس الجمهورية أن يوافق عليه خلال مهلة خمسة أيام أو أن يرده إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيه، فإذا ما أعيد القانون إلى مجلس النواب عليه أن يصوت عليه المجلس من جديد إنما هذه المرة بالأغلبية المطلقة، أي نصف عدد النواب الأحياء زائد واحد، وأيضا على رئيس الجمهورية أن يوقع عليه خلال فترة خمسة عشر يوما فإذا إنقضت الفترة دون أن يوقع عليه، يأخذ صفة العجلة ويصبح نافذا بعد خمسة أيام من إنقضاء المهلة.

يبقى لدى رئيس الجمهورية سلاحا دستوريا وحيدا في مواجهة التمديد، إنما في حال نجاحه يوصله إلى إجراء الانتخابات النيابية في ظل القانون الحالي الساري المفعول، وهو الطعن بقانون التمديد أمام المجلس الدستوري، فإذا إلتئم المجلس بسبعة من أعضاءه وأعلن عدم دستورية القانون فعلى الحكومة ملزمة الدعوة إلى إجراء إنتخابات نيابية على أساس القانون النافذ.

كل سبل الحسم لمصلحة طرف مقطوعة ويبقى التمديد سيد الساحة، الذي يصب بالدرجة الأولى لمصلحة الفريق السني والفريق الدرزي، أما أحلام الثنائية الشيعية في النسبية لقلب المعادلة تبقى بعيدة في ظل الواقع الحالي، وأحلام الثنائية المسيحية بالأمساك بالسلطة كليا كجهة وحيدة ناطقة باسم المسيحيين تبقى صعبة المنال رغم السعي الحثيث الذي يبذله رئيس التيار الوطني الحر في هذا الإتجاه، وإصراره على قانون مرسوم يؤمن له الثلث المعطل في البرلمان، ما يمكنه تعطيل نصاب الثلثين المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية، لقطع الطريق على أي مرشح محتمل وسطي لاحقا.

تفاهم معراب في مواجهة تفاهم مار مخايل، هذا محور الصراع الدائر حاليا أما الأطراف الباقية فمتفرجون لملائمة ستاتيكو الواقع الحالي مع حصصها الحالية، كما أنها لا تتناغم مع طروحات الثنائيتين معا، وبالرغم من أن تفاهم مار مخايل إستطاع أن يخدم موقعيه ويحقق ربحا على الأرض للطرفين الموقعين، فحاجة حزب الله إلى الغطاء الداخلي لمشروعه العابر للحدود قابله طموح عون إلى كرسي الرئاسة، فهل سيعاد النظر بالاتفاق المذكور إذا لم يؤمن إستمرارية سلطوية سلالية دائمة للتيار الوطني الحر؟
تأتي هذه الحسابات في ظل وضع حساس يمر به حزب الله، في مواجهة تحذيرات ترامب العسكرية والمصرفية.
أحلام سلطوية يقابلها حلم شعب طامح للتغيير وإستعادة الحقوق فهل سيستطيع قلب المعادلة؟، شعب مصلوب يأمل بالقيامة، تتصدى له وتتربص به رقصات العفاريت ألحان الطواغيت.
رقص العفاريت
وألحان الطواغيت
تستنفر طوائفا
تشحن غرائزا
في السلطة تستميت
لا تعرف ضوابطا
لا تنشد روابطا
غب الطلب جاهزة
إختصاصها التفتيت
أولوياتها المكاسب
وحذف اي راغب
يبغى المشاركة
وحرية التصويت
أهدافها مألوفة
خططها مكشوفة
أفعالها موصوفة
بدقة التوقيت
فالعدة جاهزة
والحيازة حائزة
وتوجيهاتها واعزة
لوجهة الهلافيت
حاكمة بأمرهم
وساعة تشاء
تفتعل مجازر
تحضر الحوانيت
تديرهم يمينا
تديرهم يسارا
تجلي عقولهم
بدقة وتثبيت
فالخطبة حازمة
ولجامهم لاجمة
والعزيمة عازمة
على نيل التأييد
قوتها كبيرة
وأفعالها خطيرة
تستنفر طوائفا
تشحن غرائزا
في السلطة تستميت