اميل خوري: انقسام القادة حول المشكلات في لبنان فرض عليهم حروباً داخليّة وتدخّلاً خارجيّاً

34

انقسام القادة حول المشكلات في لبنان فرض عليهم حروباً داخليّة وتدخّلاً خارجيّاً
اميل خوري/النهار/3 نيسان 2017

ليس المهم صدور توصيات أو قرارات عن كل قمة عربية وإنْ بالاجماع، إنّما المهم ترجمتها على أرض الواقع باعتماد آلية عملية وفاعلة لهذه الغاية، وهو ما لم يتم في أي قمة حتى عندما كانت جامعة الدول العربية جامعة فعلاً وليست متفرّفة وضعيفة كما هي اليوم.

قال الرئيس ميشال عون في كلمته أمام القمة: “إن بيانات الاستنكار والادانة لم تعد كافية، وان عليها أن تستعيد دورها ومهمّتها في إعادة لمّ الشمل العربي وإيجاد الحلول العادلة في الدول الملتهبة لتحصين الوطن العربي في مواجهة تحديات المرحلة ومخاطرها”. فهل تستعيد الجامعة دورها هذا وتعمل بوحدة موقف على وقف الحروب الداخلية في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وإيجاد الحلول السلمية التي تقيم الدولة القوية الواحدة والقادرة، فلا تترك هذه المهمة لأي خارج قد تكون له مصلحة في استمرار هذه الحروب، حتى أنه (الخارج) إذا عمل على وقفها فبثمن أقلّه تقاسم مناطق النفوذ في المنطقة. وهذا ما جعل الرئيس عون يقول أيضاً في كلمته: “لا يمكن أن نبقى في انتظار الحلول تأتينا من الخارج وإلّا ذهبنا جميعاً عمولة حل لم يعد بعيداً سيُفرض علينا”…

الواقع أن لكل دولة عربية مشكلاتها تهتم بها وتسعى الى معالجتها، ولبنان له مشكلاته وعليه أن يعمل هو أيضاً على معالجتها وحلّها بوحدة موقف لأن من دونها لا حل لأي مشكلة. وهذا يذكّر بقول الرئيس الفرنسي الكبير شارل ديغول، رحمه الله، للوزير الراحل فؤاد بطرس عندما قابله ليشكره على إدانته العدوان الاسرائيلي على مطار بيروت: “إن فرنسا جاهزة لارسال قوّة عسكرية إلى جنوب لبنان إذا حاولت اسرائيل أن تقوم بعدوان جديد ومواجهة الجيش الاسرائيلي وجهاً لوجه، لكن فرنسا لن تستطيع أن تفعل ذلك إذا اصطدمت البسطة مع الجميزة”.

إن هذا يؤكّد ان ما من دولة صديقة أو شقيقة تستطيع مساعدة لبنان سياسياً أو أمنياً أو اقتصادياً ما لم يحافظ هو نفسه على وحدته الوطنية وعيشه المشترك وسلمه الأهلي. فلو أن موقف لبنان كان واحداً من السلاح الفلسطيني على أرضه لما وقعت حرب السنتين بين اللبنانيين والفلسطينيين وتحوّلت حرب الآخرين التي دامت 15 سنة. ولو ان موقف لبنان كان واحداً لما دفع ثمن وقف تلك الحرب وصاية سورية عليه دامت 30 عاماً. ولو أن موقف لبنان كان واحداً لما كان عاجزاً حتى الآن عن اقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها فلا تكون دولة سواها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها. ولو أن لبنان كان واحداً في موقفه من السلاح خارج الدولة، سواء كان في أيدي مجموعات لبنانية أو غير لبنانية، لما ظل يعيش منذ العام 2005 في وضع شاذ وفي ظل لا دولة. ولو أن لبنان كان موقفه واحداً لما كانت حصلت أحداث 7 أيار وقبلها أحداث 58، ولا كانت اشتعلت حروب داخلية مدمّرة فاضطر الى القبول بـ”اتفاق القاهرة”، ولا كان في حاجة الى مَنْ يضع له “اتفاق الطائف” لوقف الحرب الداخلية، ولا كان في حاجة الى “اتفاق الدوحة” للخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية وتأليف الحكومة. فعلى القادة في لبنان أن يتعلّموا من أخطاء الماضي فيكونون واحداً في مواجهة التحدّيات والمخاطر، وإلّا ظلّوا في حاجة الى مساعدة أي خارج، وهي مساعدة لا يقدّمها لهم مجاناً وبلا مقابل…

إن أمام القادة مشكلات في لبنان عليهم مواجهتها بوحدة صف وكلمة، ومن أهمّها:

أولاً: الاتفاق على قانون للانتخاب يكون عادلاً ومتوازناً ليس بـ”الحكي”، بل بالواقع كي تجرى على أساسه انتخابات نيابية حرّة ونزيهة وينبثق منها مجلس نيابي يمثّل تمثيلاً صحيحاً شتّى فئات الشعب وأجياله، لا أن يظلّوا مختلفين فيعرّضون لبنان لخطر فراغ قاتل لا خروج منه إلّا بتدخّل خارج يفرض عليه الحل، أي حل…

ثانياً: الاتفاق على معالجة مشكلة اللاجئين السوريين إليه لأنها مشكلة تزداد تعقيداً كلما مرّ الوقت فيفرض على لبنان عندئذ الأمر الواقع المفروض عليه من قبل اللاجئين الفلسطينيّين لتعذّر عودتهم الى ديارهم، فيصبح عدد اللاجئين السوريين والفلسطينيين يفوق عدد اللبنانيين الذين يصبحون غرباء في وطنهم أو لاجئين ومهجّرين.

ثالثاً: الاتفاق نهائياً على ان يكون لبنان إمّا دولة منحازة إلى هذا المحور أو ذاك ويتحمّل عندئذ عواقب انحيازه، وإمّا يكون دولة غير منحازة إلّا لمصلحة لبنان وشعبه فقط. فهل يتفق القادة ليبقى لبنان، أم يظلّون مختلفين فيزول ويخسرونه لا سمح الله؟!