الدكتورة/رندا ماروني: في حكم عمار، خمس عبيد صغار

369

في حكم عمار، خمس عبيد صغار
الدكتورة/رندا ماروني/31 آذار/17

لقد نالت الرسالة الخماسية نصيبا وافرا من الإنتقاد من قبل الفريق الحاكم، وقد أتى أبرزها إنتقادا وربما تهديدا على لسان النائب علي عمار، ونقول تهديدا إذا قصد في ما وصفه على ما تحتويه الرواية المشهورة عشر عبيد صغار للكاتبة البريطانية أجاتا كريستي، And then there were None ، ثم لم يبقى أحد، حيث تدور القصة عن عدد من الأشخاص يدعون إلى زيارة منزل إحدى الجزر المهجورة وفي كل ليلة يقتل أحدهم في ظروف غامضة، وفي النهاية تموت كل الشخصيات وتبقى الشرطة مع عشر جرائم غير محلولة، وإذا ما نظرنا في تسلسل الأحداث التي شهدها لبنان إنطلاقا من ثورة الأرز وحتى تاريخه فقد عاش اللبنانيين قصة مرعبة شبيهة بالرواية المرعبة للكاتبة البريطانية، فلقد إغتيلت شخصيات بارزة في الرواية واحدة تلو الأخرى ولم تستطع المحكمة حتى اليوم من حل اللغز فبقيت الجرائم غير محلولة وإذا تعرضت شخصيات الرواية للتهديد على يد من يهوى الترهيب.

وإذا كانت الرواية تدور حول شخصيات محددة، فهل من تافه يستطيع أن يختصر تقويض شعب نابض بالحياة وساع للحرية على مر تاريخه، بتقويض وتهديد بعضا من رموزه، ربما يستطيع أن ينجح لفترة وجيزة ويتوهم بإنه قريب من الإنتصار حتى يفاجئ بمدى ضعفه قلبا وقالبا ومنطقا وممارسة وعقيدة وأيديولوجية، لسبب واضح ، فهو مصطنع، مولود غير طبيعي، مفبرك في مصانع الجهل والقمع واحتراف صياغة التدجين.

من يعيش هذه الأجواء غريب عنه منطق الحرية ومستغرب منه انتفاضة الكرامة، فالحرية والكرامة حسب منطقه المصاغ رهينة الترهيب ولا وجود لها في ظل الخوف والتخويف.

ولكن تبقى حساباته منقوصة كنقص أسلوبه، فلا شيء نهائي أو ليس هناك من نتيجة ثابتة ودائمة في ظل القمع والتهويل، فلا من أباطرة خالدون ولا كانت نتائج غزواتهم وحروبهم دائمة، ومن يتوهم أنه أحكم القبضة فليقرأ التاريخ جيدا ليعرف أنه في موقع الواهم، يرسم صورة لنفسه أمام الآخرين يريدهم تصديقها بالترغيب احيانا وبالترهيب احيانا أخرى، ليصدقها هو، فيعيش حالة وهم لفترة، إنما في قرارة نفسه يعلم أنه مخادع ولا يستطيع النظر إلى المرآة لأنها تعكس صورته الحقيقية وليس المزينة بأبهى حلل الزينة لتخفي الحقيقة المرعبة.

لقد أتت الرسالة الخماسية كوقع الصاعقة المفاجئة على أركان السلطة عامة، وعلى من ظن أن التحكم في اللعبة السياسية أصبح في يده، من خلال رئيس للجمهورية حليف، وحكومة موالية، ومجلس نواب مشلول يسعى للسيطرة عليه من خلال قانون للانتخابات مفصل حسب القياس المرغوب فيه، ولكن حساب الغلة لم يتطابق مع حساب البيدر، فالكل في التركيبة السياسية الجديدة له حساباته الخاصة في التوزيعات والسمسرات والمواقع السياسية، فلن يستطيع طرف وحده لعب دور القاشوش، وهذا لب الصراع على قانون الإنتخابات.

إنما اتفقوا على شيء واحد وهو إحكام السيطرة على المواطن اللبناني وتقويض مطالبه في الحرية والسيادة والاستقلال والعيش الكريم الخالي من الفساد، كأنه في عهدة إحتلال من نوع جديد، لتظهر مجددا مقاومة لبنانية لإتفاق سلطوي منحرف صبوا جام غضبهم عليها، ظنوا أنها تقاعدت وانتهت ولا قيام لها من غرفة الإنعاش الراقدة فيه.

هذا الاسلوب المنحرف المتعالي لا يفقه لا بلبنان التاريخ ولا باللبنانيين المناضلين دوما في سبيل الحرية، فطائر الفينيق يبعث إلى الحياة مجددا من الرماد، رماد يبغيه مستزلمون خاضعون تابعون لا تحتوي نفوسهم سوى الترهيب والتهديد وحب التسلط والإخضاع.

لغة قديمة جديدة سمعناها كثيرا على مر تاريخنا ذهبت كلها إلى الجحيم واحدة تلو الأخرى، فالنبرة العالية، والأوصاف المقيتة والتهديد والوعيد كلها صبت على رسالة لا تحوي في طياتها إلا ثوابت وطنية تتردد كل يوم في الصحف وعلى لسان جميع اللبنانيين، فكيف لو ورد في أحد بنودها المطالبة بتطبيق القرار 1559 الذي ربط بشكل واضح بين السيادة الناقصة للبنان وتواجد الميليشيات المسلحة اللبنانية ووجوب نزع السلاح.

وهل تناست الأبواق إن من بين المعارضين المرجومين حاليا من شكل خط الدفاع عن حزب الله أمام المجتمع الدولي برفض وضع قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة في العام 2006 بعد حرب تموز؟

لقد أتت الرسالة بثوابت وطنية تصب في مصلحة كافة اللبنانيين إلى أي جهة إنتمو، فالرسالة الخماسية كانت معكم جميعاً، أما أنتم أصحاب الابواق المعترضة فلستم مع أنفسكم لترهبكم رسالة وتطلقوا على باعثيها خمس عبيد صغار، عله ذم أتى كردة انفعالية ولا يحتوي تهديدا مبطنا رخيصا، فإذا أتاك ذم من ناقص فأعلم بأنك كامل.
في حكم عمار
خمس عبيد صغار
إقتبس الرواية
أصدر القرار
حرك لسانه
بنبرة إحتقار
والعيون إحتقنت
بومضة شرار
ونفوس أضحت
في حالة إنفجار
وفعل خبيث
واجه إعصار
إنها الرسالة
مفعمة الاضرار
وحالة مشبوهة
تفرمل المسار
من سلطة سيد
وسلطة بشار
أتت لتذكر
وتسجل إستذكار
لمطالب شعب
في موضع إحتقار
فرندحت الأبواق
أتباعا وأنصار
لتضع السلطة
في حالة إحتكار
وتطلق مقولة
تغير الزمان ودار
وأضحيتم في حكم عمار
خمس عبيد صغار.