الدكتورة رندا ماروني/القانون الانتخابي: كوفية ونسبية

373

كوفية ونسبية
الدكتورة رندا ماروني/25 آذار/17

ينظر الشعب إلى مجلس النواب ويرى حجم الكتل النيابية المسيطر عليها من الزعماء ليتحسر على حق مسلوب منه غير مقرر هو فيه شيئا.

وينظر السيد حسن نصرالله إلى مجلس النواب ليرى ضرورة عودة البعض إلى أحجامهم الحقيقية موجها رسائلا مبطنة إلى تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية التي تتوقع أن تأخذ حجما أكبر من خلال الحلف الثنائي على حساب باقي المسيحيين.

وينظر التيار الوطني الحر إلى مجلس النواب ليرى إنتهاكا لحقوق المسيحيين عليه أن يستعيدها ممثلة في شخصه الكريم، قابضا عليها، فهو من يجسد حقوق المسيحيين ولا أحد سواه.

وينظر تيار المستقبل إلى مجلس النواب محاولا التمسك بكتلة نيابية كبيرة تفوقه حجماً.

وينظر الحزب التقدمي الاشتراكي إلى مجلس النواب ليعبر على طريقته من خلال توريث الزعامة الجنبلاطية إلى تيمور جنبلاط مؤكدا على زعامة جبلية رافضا كل أشكال النسبية.

صراع سياسي غير متوازن يتحكم في مفاصله حزب الله واضعا أهدافا محددة سائرا نحوها بثبات، الا وهي خلخلة النظام الزعماتي المتعدد طارحا نفسه زعيما اوحدا مقررا شكل ومصير الدولة اللبنانية، أما سلاحه في هذا الصراع هو قانون النسبية الشاملة، التي من شأنها إعادة تركيب النموذج اللبناني التوافقي ليصبح خاضعا لمنطق الاكثرية العددية، هذا الأمر الذي من شأنه ضرب إتفاق الطائف والخطط التمهيدية التي نص عليها الإتفاق، ليصبح في مفعوله مفعول المؤتمر التأسيسي الذي يتم التلويح به بين الفينة والأخرى كتهديد مبطن لمن تسول له نفسه معارضة القانون النسبي الشامل المطروح.

وفي الرؤيا الواضحة والمسيرة الثابتة لحزب الله، هو المقرر وواهب الأحجام، فبطرحه النسبية الشاملة يجعل من نفسه حاجة للجميع، فتذهب هباءا أطروحات حقوق المسيحيين أو السنة أو الدروز، فإذا ما جرت الإنتخابات على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة، لا بد من أن القوة الانتخابية الأكبر ستلعب الدور المقرر والمغير على كافة الصعد ولا بد لها من أن تتحكم في مختلف القوى والأحجام.

هذه السياسة المعتمدة من قبل حزب الله المتعددة الأطراف تلغي أحلام البعض بالتزعم والتريس على المنافسين له من طائفته، فهو لا يريد خلق قوى موازية بل قوى وجودها مرتبط برضاه، يديرها كما يشاء، وكما يحلو له، هذا ما يحدث في البيئة المسيحية حيث بدأت أحلام البعض تتلاشى في إحكام القبضة الكاملة من خلال قانون للانتخابات يوافق عليه حزب الله، وهذا ما يدور في البيئة السنية باحتضان حزب الله للقوى المنافسة لتيار المستقبل، وهذا ما يحدث في البيئة الدرزية من خلال مد اليد للقوى المنافسة للحزب التقدمي الاشتراكي.

لقد دخلت كل القوى السياسية في دائرة حزب الله الواحدة تلو الأخرى وأصبح الخروج مكلفا، فكل من تسول له نفسه إعادة النظر، “قد تغتاله إسرائيل”.

لا شك بأن القوى الزعماتية المختلفة لا ترى في القانون النسبي الشامل ما يناسبها، بالرغم من المناورات التي يتبعها البعض كنهج تفاوضي، إلا إنه بغض النظر عما يناسب البعض أو لا يناسبه، لا شك بأن النسبية الشاملة مناقضة للطبيعة اللبنانية التعددية التوافقية، ومخالفة للدستور اللبناني حاليا ما لم يسبقها إجراءات معينة منصوص عنها بالدستور، غير مؤاتية التطبيق حاليا، كما تعتبر تغييرا جذريا للنظام التوافقي، بإحالال مبدأ الاكثرية العددية الحاكمة مكانه، ولا نستطيع أن نقول الديمقراطية العددية، أي حكم الأكثرية، فهي تطبق فقط في ظل وجود أحزاب علمانية على مساحة الوطن، وليس في ظل وجود أحزاب الشخصيات وأحزاب الطوائف وأحزاب مشبوهة البرامج والأهداف ومصادر التمويل.

بالرغم من تخوف الافرقاء السياسيين فيما عدا حزب الله وحركة أمل من قانون النسبية الشاملة، إلا أنه قد نرى متجاوبين جدد بعد إعادة النظر في دراسة لعبة التوازنات المبتغاة للبعض داخل مجلس النواب، وهذا عاملا اساسيا كفيلا بإنهاء شهر العسل بين التيار الوطني الحر وحزب الله، فالثنائي المسيحي أعلن صراحة رفضه لقانون النسبية الشاملة، وبالمقابل تم رفض جميع الصيغ المختلطة المقدمة من قبل الثنائية المسيحي، إلا أن هذا الخلاف كان متوقعا منذ زمن بعيد يعود تاريخه لتاريخ توقيع ورقة التفاهم بين حزب الله والعماد ميشال عون، ويرتكز على مستوى الطموح في الأهداف المنوي الوصول إليها، فإذا تعدى هذا الطموح الكرسي الرئاسي ليطمح بحصد أعدادا نيابية مرتفعة موزعة بين ثنائية متحالفة فهذا من الخطوط الحمر لدى حزب الله.

لا شك بأنه واقع معقد مسدود الأفق في ظل كم من الأطماع من قبل السلطة الحاكمة والمشاريع المستوردة البديلة المناقضة للواقع اللبناني، فليس في كل ما يطرح من حقوق ولا من أصحاب حقوق، وحده الحق المهضوم هو حق المواطن اللبناني في محاسبة كل هؤلاء المتلاعبين بالمصير ، مصير اللبنانيين السياسي والاقتصادي، ولن يصلح الحال إلا باستعادة المواطن اللبناني حق المحاسبة من خلال دوائر فردية أو من خلال إعتماد قانون صوت واحد لرجل واحد، وإلا مسيرة التلاعب بالوطن مستمرة وسنبقى في دائرة الكوفية والنسبية والمصالح السنية والمسيحية.
كوفية ونسبية
ومعاناة هوية
طموحات سنية
وحقوق مسيحية
خلطة عجيبة
إجتهادات أفلاطونية
حربها حربين
المواطن إحداها
والأخرى وجودية
أولوياتها منظمة
فروقاتها سلالية
سلطتها متوارثة
بمظاهر تمثيلية
شرود وغباء
وأحلام سلطوية
يضاف إليها كيل
من أطماع خارجية
تخوض معاركا
وحروب أيديولوجية
تطل علينا
بمظاهر فوقية
تطرح قواعد
ومؤتمرات تأسيسية
طال شرحها
كروايات أندلسية
تجار أبالسة
في أسواق عكاظية
وحقوق مصادرة
ومخالفات دستورية
وشعب غارق
في مطالب معيشية
فصول مقتبسة
من أجواء عصفورية
انها كوفية ونسبية
ومعاناة هوية.