الدكتورة/رندا ماروني: الذكرى الثانية عشرة لثورة 14 آذار: ثورة الميادين وأبواب الشياطين

465

الذكرى الثانية عشرة لثورة 14 آذار: ثورة الميادين وأبواب الشياطين
الدكتورة/رندا ماروني/11 آذار/17

تطل علينا الذكرى الثانية عشرة لثورة 14 آذار ولم يبقى من إندفاعتها وزخمها إلا الذكرى، هذه الثورة التي كادت أن تشكل نقلة نوعية في تاريخ لبنان الحديث إلا أن أبواب الشياطين حالت دون ذلك.  وبالرغم من أنها أخرجت المحتل إلا أنه عاد ليطل علينا بأشكال متعددة، نتيجة تقاعس المتصدرين الواعدين ومن كان يدعي بأنه أم وأب الثورة. لقد خرجوا تباعا وباعوا المولود الجديد وحلم الناس القديم بثلاثين من الفضة.

نقول حلم الناس لأنه في الواقع وحسب ما تبين بأن طموحهم الأقصى الحصول على مكاسب خاصة، ولا ضير في سبيل ذلك استعمال التعابير الوطنية واللعب على عواطف الناس ساعة يشاؤون، وتغيير الخطابات وإطلاق التبريرات، التي لا يستوعبها سوى المنتفعون والحاشية.
نعم الحاشية، لأننا في عصر الملوك المعصومين عن الخطأ، وكل من ينتقد هو من الخوارج المسموح رجمه.

إنه عصر الانحطاط اللبناني، حيث لم يعرف لبنان في تاريخيه إنزلاقا قيميا كالانزلاق الذي نشهده اليوم، دستور منتهك وشعب منهوك ووقاحة عارمة.
هذا المسار الانحداري، هل سيتكلل بخروج لبنان عن الشرعية الدولية والشرعية العربية؟

لقد اتسم التقرير الدوري للأمم المتحدة المتابع لتنفيذ القرار 1701 بنبرة متشددة فيما خص حزب الله، هذا التقرير الأول في عهد الرئيس ميشال عون والأول الذي يصدره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، المنتظر في ظل موقف الرئيس عون المثير للجدل بالنسبة لسلاح حزب الله، حيث بدأ مرنا لجهة تشجيع الرئيس عون على الاضطلاع بدوره في موضوع الإستراتيجية الدفاعية والتذكير بالتزامات لبنان، حيث رحب التقرير بالتقدم المؤسسي والسياسي الذي أحرز خلال الأشهر الأخيرة، معتبرا أن هذا يمثل فرصة لمواصلة تعزيز سلطة الدولة اللبنانية وتوسيعها.

إلا إنه في خلاصة التقرير ذكر أن احتفاظ حزب الله وغيره من الجماعات بالأسلحة يقوض سلطة الدولة ويتعارض مع واجبات البلاد في ظل القرارين 1559 و1701، وندد بالتهديد الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله ضد إسرائيل في 16 شباط والذي لا يمكن تبريره بغاية الردع المعلنة لافتا إلى أن التهديدات الخطابة باستخدام القوة من أي من الطرفين تزعزع الهدوء والاستقرار النسبيين السائدين بينهما.

وقال إنه بناء على البيان الوزاري في 28 كانون الأول 2016، من المهم أن يبرهن لبنان باستمرار عن التزامه الأصيل للقرار 1701 وغيرها من القرارات ذات الصلة، ومنها امتثاله لنزع أسلحة كل الجماعات المسلحة.

وحث التقرير الرئيس عون على إعادة عقد الحوار الوطني لتوجيه إعداد إستراتيجية دفاع وطني مع الاحتفاظ بالأسلحة خارج سيطرة الدولة وعناصر أخرى ذات صلة من القرار 1701، مشددا على أنه من المهم أيضا تنفيذ المقررات السابقة للحوار الوطني، وتحديدا تلك المتعلقة بنزع سلاح الجماعات غير اللبنانية وتفكيك القواعد العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة العامة وفتح الانتفاضة.

إن هذا التقرير الدوري هو بمثابة التذكير الدائم بالمتوجبات السياسية الملتزم بها لبنان والتذكير بأنه لا يستطيع أن يتجاوزها وإلا، وقد تكون هذه ال ” إلا” مكلفة جدا على لبنان الكيان واستمرار وجوده داخل الشرعية الدولية، فرفع الغطاء الدولي عن لبنان وسحب اليونيفيل من الجنوب كقوة حافظة للسلام لن تصب في مصلحة أي فريق كان إلا إذا كان هناك من أطراف خارجية تسعى إلى هذا السيناريو وتريد تفجير الوضع في لبنان.

إن الانفصام اللبناني في تحديد خياراته السياسية، حيث من جهة يشرع سلاح حزب الله ومن جهة أخرى يبلغ الجهات الدولية أنه ملتزم القرار 1701، هو انفصام متوارث من الاحتلال السوري الذي كان يعتمد نفس الأسلوب المزدوج في التعاطي مع الداخل اللبناني، ولكن التعاطي مع المجتمع الدولي بهذا الأسلوب قد تكون عواقبه وخيمة على لبنان واللبنانيين.

هذا الانفصام اللبناني الرسمي في التعاطي مع الشرعية الدولية، هو ما يمارس أيضا على صعيد علاقة لبنان بالإجماع العربي والشرعية العربية.

فبعد مواقف الرئيس الإيجابية تجاه سلاح حزب الله، هذه المواقف التي عكرت الأجواء بين لبنان والرياض، تحركت الأوساط الدبلوماسية لردم الصدع، وقد يلعب الموقف الذي سيدلي به لبنان في القمة العربية التي ستعقد في عمان في 28 من الشهر الجاري، عاملا تحديديا عربيا تجاه كيفية التعاطي مع لبنان، فهل سيكون الموقف الرسمي ملتبسا يدفع بلبنان بعيدا عن الإجماع والشرعية العربية.

لبنان في وضع لا يحسد عليه نتيجة انفصام السياسات المتبعة، قد نقول إن هذا الانفصام بين الشرعي وغير الشرعي يكاد في نسبة كبيرة أن يتحول كليا إلى وضعية واحدة غير منمفصمة ثابتة على الشواذ، لقد كانت ثورة نقية ضجت الميادين بها ففتحت عليها أبواب الشياطين.
ثورة الميادين
وأبواب الشياطين
قامت قائمتها
في يوم عظيم
فسال لعاب
زمرة منافقين
يريدون دورا
رياديا فخيم
قيمته ألماسية
معدنه ثمين
يصبون ثمارا
وغلالا حاصدين
فاختلفوا على القسمة
وحضروا الهواوين
يقصفون بها
في شتى الاتجاهات
شمالا ويمين
وزخرفوا الشعارات
حقوق مسلمين
حقوق مسيحيين
وأفرغوا الشتائم
منها مشين ومنها مهين
ورواد وطنية
أعادوهم متقوقعين
لقد كانت ثورة نقية
فتحت عليها أبواب الشياطين.