رضوان عقيل:”الثنائي المسيحي” لن يتنازل عن مقاعده باستثناء الأرمنية قلق إسلامي من ثلث معطل يتحكم في المجلس والحكومة

46

“الثنائي المسيحي” لن يتنازل عن مقاعده باستثناء الأرمنية قلق إسلامي من ثلث معطل يتحكم في المجلس والحكومة

رضوان عقيل/النهار/3 آذار 2017

فيما تتسابق القوى السياسية على إنتاج قانون انتخاب، وإن لم تحقق المطلوب بسبب التوازن الذي يسمح لأي فريق بأن يعارض المشروع الذي لا يناسبه من حيث الارقام التي يمكنه ان يحصلها في الاستحقاق المقبل، يفتش الجميع في حقل من المشاريع المتباينة للتوصل في نهاية المطاف الى نواة قانون يتم الاتفاق عليها. وإذا استمرت الاتصالات على هذا المنوال من المراوحة بين الأفرقاء وعدم القدرة على التوصل الى قانون، فربما لن يبقى أمام الرئيس ميشال عون إلا أن يتسلم بنفسه زمام هذه المبادرة ويقدم مشروعاً على طاولة مجلس الوزراء، وإن كان يتمنى أن تتفق الجهات المعنية على قانون. ويفضل رئيس المجلس نبيه بري من موقعه أن تقوم الحكومة بهذه المهمة. وكرر أكثر من مرة ان هذه هي وظيفتها الاولى، وستفشل اذا لم تنتج قانونا بحسب ما قال رئيسها سعد الحريري “ومعه حق وأنا أؤيده”.

وقبل التوصل الى القانون المنتظر، بدأت كل القوى تدقق في ما يمكن ان يحصده “الثنائي المسيحي” المتمثل في “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” من مقاعد واستعادة الموجود منها في كنف الحريري أولا والنائب وليد جنبلاط ثانيا، مع التطلع الى استرداد مقاعد المسيحيين المستقلين، بمعنى ان الانتخابات المقبلة مسيحيا لن تكون في طبيعة الحال على شكل الدورات السابقة من 1992 الى 2009. وعلى السنة والدروز والشيعة ان يتعايشوا مع هذا الواقع ويتقبلوه، بدليل ان “الثنائي المسيحي” لن يقبل بقانون مهما كان شكله ونوعه من دون استعادة المقاعد المسيحية، وعلى الجميع ان يفهموا هذه الرسالة.

ولن يعود للشخصيات المسيحية والعائلات السياسية تأثير ملحوظ في الانتخابات المقبلة بحسب ما يحضر له هذا الثنائي الذي لن يستثني حزب الكتائب ولا سيما خارج دائرة المتن الشمالي، وكأن العونيين و”القواتيين” يقولون لمن يهمهم الامر أن يتحسبوا مئة مرة عندما يقدمون على الترشح للانتخابات في المقاعد المسيحية، بعدما نجح عون والدكتور سمير جعجع في قلب قواعد اللعبة. وحده مكوّن الارمن سيحافظ على مقاعده ولن ينافسه عليها الثنائي، مع سعيه الدؤوب الى استعادة مقعديه الموجودين في المجلس الحالي عند “تيار المستقبل”، اضافة الى تطلعه لاستعادة مقعد زحلة. وهم يتحكمون في أكثر من مفصل في المتن الشمالي والاشرفية وبيروت الثانية. ولا يستطيع الثنائي المسيحي تخطي حالة الارمن الذين يتكتلون على شكل قومية، وهم أذكى من اعلان هذا الامر.

في غضون ذلك، يستمر الوزير جبران باسيل في عملية التنقيب عن القانون في ظل تطور علاقة خاصة وإيجابية بينه وبين الحريري في جلسات الحكومة، وينسحب الامر على ملفات عدة. وسيواصل رحلته المفتوحة مع المختلط ليحصل على موافقة القوى الاخرى، من دون ان يتخلى عن حساباته بالارقام، لاسترداد المقاعد المسيحية، الى درجة دفعت نائبا ناشطاً في “حزب الله” الى إبلاغ قيادة الحزب أن باسيل في بعض المواقع، وعند مناقشته تفاصيل قانون الانتخاب، لا يتعامل مع الحزب من موقع الحليف في الكثير من المحطات، وان كان الطرفان لا يظهران هذا الامر حفاظاً على التفاهم القائم بينهما والعلاقة التي تجمع تفاهمهما. وكما لن يترك الحزب حلفاء له من السنة، سيحسب جيدا القانون المقبل لما سيواجهه حلفاء مسيحيون له، ولا يختصر هؤلاء بالنائب سليمان فرنجيه. وفي المناسبة، فإن نائباً في الحزب ردد في حضور زملاء له من كتل عدة ان لا احد في الدولة يتحمل مسؤولية حصول فراغ في مجلس النواب، والبلد ومؤسساته سيكون مصيرها الخراب، وعلى الجميع الا يمزحوا في هذا الموضوع. وثمة قوى عدة اسلامية ومسيحية مستقلة لا تدور في فلك هذا الثنائي، أخذت ترصد جيداً ما تسمعه من ركنيه، وأنهما لا يقبلان بأقل من 50 نائبا مسيحيا، وهذا يعني انهما سيملكان “ثلثاً معطلاً” وان كان لا يستطيع التحكم في رئاسة المجلس ومن سيكون على رأسه لاسباب تخص الثنائي الشيعي المتماسك، إلا أن الكلمة الفصل في الحكومة وشكلها واسم رئيسها وصولا الى تحديد اسم رئيس الجمهورية المقبل ستكون في قبضة الثنائي المسيحي، وعلى جميع الاطراف ان يعتادوه ويتقبلوه كما هو. لا يتبنى الثنائي هذه السياسة في شكل رسمي، ولا يعلنها على الملأ لئلا يساهم في “نقزة” الآخرين، وما أكثرهم.