علي الحسيني/«حزب الله» وأوهام «شرعنة» السلاح

86

«حزب الله» وأوهام «شرعنة» السلاح
علي الحسيني/المستقبل/23 شباط/17

ضمن سياسة التعمية التي يسوّق لها لكل ما هو مُتعلّق بسلاحه، فإن ما ينقص «حزب الله» اليوم، هو أن يُظهر تأييد الشعب اللبناني بأكمله بالأسماء والتواقيع، لسلاحه أو عريضة إجماع تدل على احتضان هذا الشعب له. كما وأن الحزب يُصرّ أو يُحاول ان يوهم نفسه ربما، بأن ثمة إجماعاً لبنانياً على سلاح خارج نطاق الدولة ومؤسّساتها لم يقبل أصحابه حتّى اليوم، بإدراجه ضمن إطار المؤسسة العسكرية أو أن يكون حتّى فصيلاً تابعاً لها أو يرجع اليها في القرارات المصيرية.

أمس ولدى زيارة كتلة «الوفاء للمقاومة» لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رأى النائب محمد رعد أن «ثمة إجماعاً وطنياً حول سلاح المقاومة». لكن السؤال الأبرز: أين رأى النائب رعد وحزبه هذا الإجماع على سلاح خارج سيطرة الدولة وخارج قراراتها وخارج الخطة الإستراتيجية؟ هل هو موجود في سوريا في ظل الدور الذي يقوم به هذا السلاح هناك من قتل وتنكيل بالشعب السوري؟ أم من خلال الإمعان في إبقائه خارج إرادة المواطنين اللبنانيين الذين لا ينفكون يطالبون بوضع حد لكل سلاح خارج عن إطار المؤسسات الشرعية، وخصوصاً مؤسسة الجيش التي أثبتت في اكثر من محطة، أنها قادرة على حماية لبنان وشعبه سواء من الإرهاب عند الحدود، أو من العدو الإسرائيلي جنوباً، وكذلك في الداخل من خلال تفكيك شبكاته الإستخبارية والأمنية؟

مما لا شك فيه أن سلاح «حزب الله» أو أي سلاح خارج الشرعية، لطالما شكّل مُشكلة كبيرة ومُنفّرة واجهتها معظم العهود. وحتى اليوم يستمر سلاح «حزب الله» بالتدفق بشكل متواصل إلى لبنان بطرق متعددة ومتنوّعة، من دون ان يكون للدولة، قرار أو حتى رأي في هذا الموضوع. حتّى ان الشعب اللبناني الذي يذهب الحزب إلى حد سحب إقرار منه بطرق ملتوية لجهة شرعنة سلاحه، لا يمتلك أي تفصيل عن هذا السلاح ودوره سوى ما سبق أن لمسه لمس اليد في الداخل واليوم في سوريا، خصوصاً بعد إنتفاء الحاجة لوجوده بمجرّد ان ثبّتت الدولة وجودها وأصبحت قادرة على حماية اللبنانيين، وهي لا تعوز في ذلك أي جهة مُسلحة اخرى، كما يُحاول البعض أن يروّج بأن سلاح «حزب الله» هو للدفاع عن الدولة أو لمساندة الجيش في وجه الإرهاب.

هذه السريّة التي لا يعلمها الشعب عن سلاح «حزب الله» وإستمرار التسلّح بنوعيّات يصفها بـ «الرادعة»، يؤكدها كلام لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي أكد في تصريح أمس، أن «كل شيء يتعلق بسلاح المقاومة كماً ونوعاً لا نتحدث عنه ونترك الامر الى المعركة لأنهما اساس في قوة المقاومة». فبأي معركة يُبشر قاسم اللبنانيين؟ ومن فوّضه لكي يخوض معارك بإسمهم؟ أمّا لجهة بقائه وسلاحه في سوريا، فيلفت قاسم إلى أنه «عندما نضمن بقاء سوريا المقاومة عندها ننسحب منها». أيضاً هنا عن أي مقاومة لجيش بشّار الأسد، يُحدث قاسم اللبنانيين، وبالأمس تعرضت مواقع عسكرية وأمنية تابعة للنظام السوري في دمشق، لقصف إسرائيلي، أسفر عن سكوت تام والتزام الصمت من قبل هذا النظام.

على «حزب الله» أن يعلم، بأن لا بياناته ولا محاولات الإلتفاف على قرارات الدولة والشعب، يُمكن أن تُعيد ثقة اللبنانيين به أو بسلاحه، إنما الثقة تستعاد عندما يعود الى الالتزام بكل مقررات الحوار وكل ما يقال في البيانات الرسمية وبيانات الحكومة، فهناك تجارب مريرة مع هذا السلاح والذي يُضاف اليه سلاح ما يُعرف بـ «سرايا المقاومة» التي تُشكّل خطراً كبيراً على الأمن والإستقرار في لبنان. وللتذكير بالقرار الدولي 1701، فهو لا يتعلّق فقط بوجود خط أزرق، بل يشمل قوات حفظ السلام «اليونيفيل» وانعدام وجود السلاح جنوب الليطاني ووقف الاعمال العدوانية المتبادلة ومنع تمرير السلاح والمسلحين عبر أي حدود بما فيها الحدود السورية.

وحدها الدولة اللبنانية مخوّلة حماية أمن البلد واستقراره، ووحدها مخوّلة أن تمتلك السلاح والدفاع عن الحدود، أمّا في حال استدعت الحاجة، فعادة ما تتكوّن المقاومات من الشعوب والشعب اللبناني الأقدر والأجدر من بين شعوب المنطقة، على حماية بلده فيما لو كان فعلاً هناك خطر حقيقي عليه، لا كما يحاول البعض التهويل عليه وإشعاره بأن سلاح «حزب الله» وحده القادر على حمايته. وفي ظل الحملة التي يقوم بها الحزب من اجل شرعنة سلاحه في لبنان على النحو القائم اليوم، أي خارج سلطة الدولة، ثمة تساؤلات عديدة بدأت تُطرح، ومنها: هل معنى هذا ان سلاح الحزب بات مطروحاً في المقايضات السياسية والتسويات والصفقات الإقليمية أقله لجهة تواجده اللاشرعي في سوريا؟ خصوصاً وأن الحل لمسألة هذا السلاح، يأتي من مصدره من دون سواه، أي من سوريا أو ايران ولا سيما ايران، والا فلا حل له وسيبقى البلد رهينة بيد أصحابه يفرضون من خلاله قراراتهم ومشاريعهم.