الياس بجاني: حقبة بلع الألسنة ولحس المبارد وصمت القبور

221

حقبة بلع الألسنة ولحس المبارد وصمت القبور

الياس بجاني/23 شباط/17

ليس مستغرباً ولا غريباً الحال البائس والمزري الذي يمر به وطننا الغالي لبنان منذ أشهر قليلة، وذلك جراء استسلام معظم السياسيين والأحزاب ال 14 آذاريين الذين كانوا يواجهون قوى الأمر الواقع منذ العام 2005.

استسلام دون مقاومة ودون شروط..

استسلام دون مقابل غير الوعود الكاذبة التي لن ترى النور.

استسلام يسوّق له المستسلمون بكم هائل من السراب والضياع والشعبوية والتقوقع والإنعزالية والمذهبية..

قليلو الإيمان وخائبوا الرجاء هؤلاء ومن يوم الاستسلام الأول وهم يلحسون المبارد ويتلذذون بطعم ملوحة دمائهم.

يستغبون عقول وذكاء الناس ومستمرون دون هوادة في بث سموم هرطقات التعمية على فعلتهم الشنيعة.

للأسف نجحوا في جر كثر خلفهم من الأتباع والمؤيدين والمنتفعين والانتهازيين.

ففجأة تخلوا عن الأمانة الوطنية الموكلة لهم والمؤتمنون عليها وقفزوا فوق دماء وتضحيات الشهداء.

دون حياء أو وخز ضمير تخلوا عن ذواتهم وباتوا يخجلون من خطابهم السيادي والاستقلالي وانقلبوا على كل الثوابت الوطنية.

جراء الغرق في أوحال وفخاخ اللعنة الإبليسية التي سموها “واقعية”، تم ضُرّب سلم الأولويات، وغُلّبت المصالح الخاصة والأنانيات والحسابات الشخصية الضيقة على كل ما هو ثوابت ومبادئ ووطن وقضية وحريات وحقوق ونضال وتضحيات.

وكما أن الأوبئة المرّضية معدية وتتفشى بسرعة، هكذا هو حال الاستسلام المذل متفشي بين غالبية أفراد طاقمنا السياسي والرسمي.

أفراد طاقم في سوادهم الأعظم بلعوا ألسنتهم حتى أصبح صمتهم كصمت القبور..

ومن منهم لم يبلع لسانه فقد تقمص برضاه وطوعاً دور المطبل والمزمر والذمي في التسويق المقزز لقبول “الأمر الواقع الإحتلالي” المفروض بالقوة والإرهاب على البلد وأهلة ومؤسساته تحت رايات كذبة “المقاومة”.

قلة قليلة من القيادات السيادية بقيت على ثوابتها، لكنها ليست من الصف الأول، وبالتالي فأن فاعليتها وتأثيرها الشعبي حتى الآن هو محدود جداً.

سدت معظم وسائل الإعلام في وجه الذين رفضوا “صفقة الاستسلام” وتمت محاصرتهم على كافة المستويات.

تم تخوينهم وتعرضوا لحملات تهميش وتشكيك وتهديد.

السؤال هو: ترى إلى أين ستؤدي “الصفقة” بهؤلاء الذين صدقوا الوعود النيابية والسلطوية وغلبوا “الأنا” على سيادة واستقلال الوطن والكرامات والمواطن والتاريخ والثوابت؟

بالتأكيد إن السير في الصفقة لن يوصلهم إلى غير الهوان والمذلة والمزيد من التقزيم والتهميش لأن المتحكم بمفاصل الحكم وبرقاب وألسنة الحكام والذي صدقوا وعوده واستسلموا له هو يأخذ ولا يعطي.

في الخلاصة، إن الحالة الاستسلامية والذمية والتقوية المجانية هي المهيمنة اليوم على عقول وألسنة ورقاب وركاب غالبية الطاقم السياسي السيادي سابقاً..

من هنا، ف هذا طاقم لا أمل ولا رجاء منه لا اليوم ولا في أي يوم مهما غير وبدل من أقنعته.

يبقى، إن الحالة الاستسلامية هذه هي آنية وعابرة ولن تطول بإذن لله لأن شعبنا وإن أمهل فهو لا يُهمل..

وأن غداً لناظره قريب.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com