نبيل بومنصف/14 شباط… مختلفة؟

70

14 شباط… مختلفة؟
نبيل بومنصف/النهار/13 شباط 2017

ربما تملي الذكرى الثانية عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري غدا وقفة ظرفية عند ما آلت اليه تجربة “المساكنة” بين عهد رمزه الرئيس ميشال عون وحكومة برئاسة زعيم التيار الحريري الرئيس سعد الحريري في التجربة الغضة الطالعة منذ انتخاب رئيس الجمهورية.

والحال انه اذا كان يصعب جدا اجراء مراجعة ولو خاطفة لهذه التجربة الوليدة قبل جلاء غبار المأزق الاشد وطأة عليها في ما يتصل بأزمة قانون الانتخاب وما سيلي مصيرها فان ثمة ملامح كثيرة تجمعت في الآونة الأخيرة تبدو كافية لبلورة مسار شاق في الحفاظ ما أمكن على تسوية داخلية لا تزال تمعن في ادهاش كثيرين لكونها جاءت معاكسة تماما لظروف ومعطيات ووقائع خارجية تسود المنطقة وسبح معها وفي ظلها لبنان عكس التيارات العاصفة.

لا ندري ماذا سيقدمه الرئيس الحريري من تقويمات غدا في ذكرى 14 شباط، التاريخ الأشهر والاول في اشعال لبنان ما بعد الطائف، لتجربته الحالية حكوميا وسياسيا كما على مستوى مسار التيار الذي يقود. ولكن الرئيس الحريري يرسم منذ بداية انحيازه طوعا او اضطرارا او بفعل من واقعية سياسية تراكمية مكتسبة بكم هائل من التجارب القاسية، ملامح دفاع قوي عن خياره “العوني” يماثل ان لم يفق ذاك الدفاع الذي يتمسك به شريكه المسيحي القوي الدكتور سمير جعجع في شركته مع الرئيس عون و”التيار الوطني الحر”.

تعرض الاختبار واقعيا لهزات ارتدادية قوية في الآونة الاخيرة مع مجموعة اتجاهات تعبيرية ومواقف لرئيس الجمهورية الذي اراد بوضوح ان يطلق الاشارات الثابتة الى ان احتلاله الموقع الرئاسي الاول في الدولة لن يجعله يتردد عن التسبب بصدمات مفاجئة ولو احرجت الشركاء الحديثي العهد في شركة السلطة معه.

يصح في ذلك موقفه من التلويح بفراغ مجلس النواب، كما في استلاله خيار الاستفتاء الشعبي، كما أخيرا في موقفه الأحدث من سلاح المقاومة الذي تجاوز فيه اطار التسوية لهذا البند الشائك في البيان الوزاري للحكومة.

وعلى رغم غضب استثاره الرئيس عون لدى الاتجاهات والقواعد “الأصيلة ” لقوى 14 آذار التي ستبقى مشدودة الى عصب فرز سياسي يصعب اسقاطه حتى مع تجربة المساكنة “العونية – الحريرية” من جهة والثنائية “العونية – القواتية” من جهة مقابلة لا تتبدى أوهام متسرعة بأن عصب التسوية آيل الى تراجع وتحلل أقله في الظرف الفاصل عن الانتخابات النيابية الا اذا جمح بعض القوى نحو فرض اتجاهات جذرية في قانون الانتخاب من شأنها ان تزعزع فعلا مواقع قوى شكلت ركائز اساسية في قيام هذه التسوية وباتت امام معادلات إلغائية. ولذا ستتجاوز ذكرى 14 شباط غدا كل موروثها الثقيل الى سؤال برسم الرئيس الحريري واكثر برسم العهد والشركاء عما تراهم فاعلين لإقناع الناس بأن التسوية ستكون منصة حقيقية لدولة تمحو آثار 14 شباط.