داود البصري/معركة الحرس الثوري الإيراني في دمشق

379

معركة الحرس الثوري الإيراني في دمشق

داود البصري/السياسة/12 تشرين الأول/14

أم المعارك الإيرانية في الشرق القديم في طريقها للتشكل وصياغة ملامحها النهائية وحتى التكهن بنتائجها التي ستكون بكل تأكيد مرعبة في دلالاتها وارتداداتها الدولية والإقليمية. كما هو واضح فقد نجح الغرب في اجتذاب الجهد العسكري الإيراني للوقوع في فخ المشكلات الإقليمية المتفجرة, فالإيرانيون من خلال تمددهم الكبير في العراق واشتراكهم المباشر والفعلي في إدارة العمليات العسكرية هناك سواء ضد المنتفضين من أهل غرب العراق وعشائرها العربية الأصيلة أو في مواجهة المسلحين المتطرفين في شمال العراق ومناطق حزام بغداد من الذين أضحت العاصمة العراقية تحت مدى صواريخهم ومدافعهم, قد تورطوا ورطة ستراتيجية كبرى هيأتها لهم ومهد السبيل لها أحلام وتهيؤات القوة والغطرسة والحماس الثوري المعجون بخلطة طائفية شعوبية تتصور واهمة بأن سقوط العاصمة اليمنية صنعاء تحت الهيمنة الحوثية المرتبطة ببلاط الولي الإيراني الفقيه قد فتحت الطريق لهم لغزو الجزيرة العربية من الجنوب والإطباق عليها من الشرق حيث الخليج العربي ومن الجنوب وصولا للغرب حيث بوابات البحر الأحمر ومضيق باب المندب! دون تجاهل حقيقة أن معركة فرض الإرادة الإيرانية الكبرى تبدأ وتنتهي في دمشق الشام ومصير الصراع الساخن المحتدم هناك والذي تطور من انتفاضة شعبية حقيقية مطالبة بالعدل وتنفس عبير الحرية والخلاص من نظام المخابرات الطائفي الإرهابي القمعي, لثورة مسلحة كبرى تداخلت فيها أوراق وأجندات ومصالح عدة وسعت آفاق الصراع ورسمت خيوط الدم في كل أرجاء الوطن السوري الجميل وحيث تدخل النظام الإيراني بكل طاقته للحفاظ على مصالحه وعلى تحالفه الستراتيجي الكبير المرسوم بدقة منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي, وهو التحالف الذي غير الكثير من موازين القوى وجعل النظام الإيراني للمرة الاولى منذ عهد الأكاسرة يصل لسواحل البحر الأبيض المتوسط ويتلاعب بالأمن الطائفي والقومي والسلم الأهلي لأهم وأكبر دول الشرق الأوسط قاطبة, الإيرانيون اليوم يعيشون في أزمة خانقة حقيقية فلا مجال أبدا للتراجع عن خوض معارك الحفاظ على مصالحهم الكبيرة والواسعة في العراق والشام تحديدا فالتراجع يعني الانتحار الحتمي! والمواجهة تعني الاستنزاف القاتل لنظام يعاني من مشكلات بنيوية معقدة داخلية ومن آثار وتداعيات حصار دولي محكم وعنيف دمر الاقتصاد الإيراني ويهدد بإشعال انتفاضة شعبية داخلية باتت كل العوامل والظروف مهيئة لها وستكون انتفاضة أشمل وأعم وأقوى من الربيع الإيراني المجهض العام 2009, الجهد العسكري الإيراني الذي يستعرض عضلاته في مياه الخليج العربي يواجه اليوم مأزقا حقيقيا في العراق وحيث تشتعل المعارك هناك والتي تقودها هيئة أركان الحرس الثوري من خلال الميليشيات العراقية الطائفية المرتبطة بها كعصابات بدر والعصائب وكتائب “حزب الله” ولواء أبي الفضل وجيش مقتدى الصدر وبقية الجمع الطائفي المعروف, وهي معارك استنزافية مرعبة للقوة الإيرانية التي أنهكت بالكامل وحيث أضحى قادة الحرس الثوري كقاسم سليماني وحتى السفير الإيراني “دانائي فر” وهو حرسي أصلا هم الذين يشرفون على إدارة العمليات العسكرية في ظل هزائم متتالية.

 أما في الشام وحيث تدور رحى معركة تقرير الإرادة الإقليمية فإن النزيف الإيراني هناك قد وصل لحدوده القصوى في ظل ضربات الجيش الحر وقوى المعارضة الأخرى للنظام الإيراني ولقطعان الشبيحة من حزب حسن نصر الله أو العصابات الطائفية العراقية, فالجهود الإيرانية بعد انتصارات وتقدم المعارضة السورية على المحور الجنوبي للعمليات تنصب على حماية دمشق من السقوط بأيدي أحرار الشام وهي العملية المركزية الكبرى المقبلة, وستتحقق بإذن الله, ساعتها ستكون الهزيمة الإيرانية كارثية بكل أبعادها. رئيس مجلس الأمن القومي علي شمخاني يتحرك ومستشار الولي الفقيه علي أكبر ولايتي يحذر, وقيادات الحرس الثوري مرعوبة من توسع الجهد والانتشار العسكري من العراق وحتى جنوبا لليمن وصعودا للشام في دائرة يمكن وصفها بدائرة الموت الإيرانية… الشرق القديم مقبل على تطورات تاريخية ستفاجئ العالم.