الياس بجاني: تأليه السياسي عمل انتحاري وثقافة عبودية وعبيد

295

تأليه السياسي عمل انتحاري وثقافة عبودية وعبيد
الياس بجاني/19 كانون الثاني/17

من أكثر المصائب خطورة وكارثية وتدميراً التي تعاني منها شرائح لا بأس بها من شعبنا اللبناني “الغفور” (كما سماه الراحل فليمون وهبة في مسرحية من مسرحيات الرحابنة) هي تقديس البعض منها لسياسيين ورجال دين والتعامل معهم من موقع الزلم والأتباع والعبيد والأدوات، ما يفسد هؤلاء القادة الزمنيين والروحيين ويملأ ويحشو عقولهم العفنة برزم وموبوءات الأوهام وأحلام اليقظة، وبكل مركبات عقد التعالي والاستكبار والتوحش المرضية ويسلخهم عن كل ما هو بشر وبشرية.

بنتيجة هذا التأليه المرّضي واللا إيماني والانبطاحي الفاضح والمذل، يتحول القادة هؤلاء إلى مخلوقات نهمة لا تشبع، وبشعة ومفترية، ولاانسانية فكراً، وممارسات، وثقافة، تتفوق بمرات على همجية ودموية ووحشية الحيوانات المفترسة.

في جردة موضوعية على كل السياسيين والقادة من أصحاب شركات الأحزاب العائلية والتجارية اللبنانية، مسلمين ومسيحيين، يتبين لمن لا يزال يتمتع بقواه العقلي، وبحاسة النقد الفاعلة، وبالضمير الحي، وبالقدرة على التفكير السليم، يتبين أن كل هؤلاء، “وكلهم هنا يعني كلهم” هم في مواقعهم الحزبية والنيابية والقيادية والإقطاعية أبديون وسرمديون ولا يفكرون بتركها لأي سبب من الأسباب، وإن فعلوا فمجبرون بسبب الموت.

يرث أولادهم من الذكور والأناث، أو أحد أفراد عائلاتهم من بعدهم رئاسة شركاتهم المسماة زوراً أحزابا، وهنا لا استثناءات بالمرة. كما يتبين بجلاء أن غالبية هؤلاء، خصوصاً الموارنة منهم، قد تم تقديسهم وتأليههم وسلخهم عن إنسانيتهم خلافاً لكل القيم والمبادئ والمفاهيم الإيمانية المسيحية، كما وبهرطقة ما بعدها هرطقة يتم تصويرهم كما يُصوّر البررة والقديسون، وتنشد لهم الأغاني والأشعار التبجيلية بمناسبة وغير مناسبة. وأليس هوبرة: “بالروح والدم منفديك”، استفراغ كلامي غبي يلخص هذه الحالة المرضية واللاإيمانية المدمرة؟!

نتباهى، أو لنقل انصافاً أن البعض منا يتباهى وهم الأكثرية، أننا من خيرة شعوب العالم في الذكاء والحضارة والاختراعات والثقافة والفنون، وفي أطر هذا السياق التشاوفي والاستكباري الغبي، نلوك ونجتر وبعنجهية مقززة لازمات ببغائية مفرغة من أي محتوى فكري وعملي من مثل: “نحن من أعطى العالم الأبجدية، ومن علم الآخرين فنون الإبحار وبناء السفن، وأن هنيبعل وقدموس وجبران وغيرهم من العباقرة المجلين هم من أهلنا وصلبنا. في حين أننا عملياً نمارس عكس كل ما ندعية وببربرية وأنانية قاتلة وقصر نظر معيب.

أصبحنا في القرن الواحد والعشرين نعيش راضين وخانعين في وسط أكوام القمامة وغير قادرين على تنظيف بلدنا منها.

وفي نفس الوقت، نرى كباراً من قادتنا السياسيين والروحيين، وشرائح لا بأس بها من أهلنا تداهن وتمجد المحتل الإيراني الذي يفترس بلدنا ويصادر حريتنا واستقلالنا وسيادتنا، وتقدس سلاحه الغزواتي ودويلاته دون حراك وتتركه يهجرنا من أرضنا، ويفكك كل مؤسسات دولتنا، ويهدم كياننا، ويلغي رسالتنا، ويدمر بلدنا وكل مقوماته على جماجمنا التي كثر منها فارغة من غير النفاق والتقية والذمية.

ولأن من يسكت على علته تقتله، نسأل: كيف يمكن أن نُصوّب ممارسات ومواقف وتحالفات أي سياسي، أو رجل دين في حال كنا رفعناه إلى مستوى الآلهة وقدسناه وأنشدنا له الأغاني ورسمناه كما نصور القديسين وارتضينا أدوار الزلم والأتباع والأدوات؟!

نعم، إن وطننا لبنان في خطر كياناً، وهوية، ووجوداً، ورسالة.

ونعم، من واجبنا أن نقاوم ونرد عنه الوحوش الكاسرة من محليين وغرباء.

ولكن لنتمكن من المواجهة علينا أولاً وقبل أي عمل آخر أن نحرر أنفسنا من موبوءات التزلم والتبعية والغنمية ونتوقف عن التذاكي والتشاطر والتلطي خلف نفاق التقية والذمية.

والأهم أن نتوب ونؤدي الكافرات عن خطايا تقديس وتأليه السياسيين ورجال الدين، وننتج من بيننا قيادات متواضعة ومؤمنة وغير نرسيسية، وعندها فقد تبدأ رحلة الألف ميل، وإلا فالج لا تعالج.

اضغط هنا لقراءة المقالة هذه في جريدة السياسة الكويتية

http://al-seyassah.com/%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D9%81%D8%B3%D8%AF%D9%87/

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الالكتروني
phoenicia@hotmail.com

 **نشر هذا المقال في 02 تشرين الأول/15

في أسفل فهرس صفحات الياس بجاني على موقعي المنسقية الجديد والقديم
 فهرس مقالات وبيانات ومقابلات وتحاليل/نص/صوت/ بقلم الياس بجاني بالعربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية

صفحة الياس بجاني الخاصة بالمقالات والتعليقات
مقالات الياس بجاني العربية لسنة 2014-2015

مقالات الياس بجاني العربية من سنة 2006 حتى2013
مقالات الياس بجاني العربية من سنة 1989 حتى2005
الياس بجاني/ملاحظات وخواطر سياسية وإيمانية باللغة العربية لسنة2014
الياس بجاني/ملاحظات وخواطر قصير ةسياسية وإيمانية باللغة العربية بدءاً من سنة 2011 وحتى2013

صفحة تعليقات الياس بجاني الإيمانية/بالصوت وبالنص/عربي وانكليزي
مقالات الياس بجاني باللغة الإنكليزية من 2006حتى2015

مقالات الياس بجاني باللغة الإنكليزية من 1998حتى2005
مقالات الياس بجاني باللغة الفرنسية
مقالات الياس بجاني باللغة الإسبانية

مقالات الياس بجاني حول تناقضات العماد عون بعد دخوله قفص حزب الله مع عدد مهم من مقالات عون
مقالات للعماد ميشال عون من ترجمة الياس بجاني للإنكليزية
مقابلات أجراها الياس بجاني مع قيادات وسياسيين باللغتين العربية والإنكليزية

صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية
بالصوت/صفحة وجدانيات ايمانية وانجيلية/من اعداد وإلقاء الياس بجاني/باللغة اللبنانية المحكية والفصحى

صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لأول ستة أشهر من سنة 2014
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لثاني ستة أشهر من سنة 2013
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لأول ستة أشهر من سنة 2013
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لسنة 2012
صفحة الياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية لسنة 2011

صفحةالياس بجاني الخاصة بالتسجيلات الصوتية من 2003 حتى 2010

بالصوت حلقات “سامحونا” التي قدمها الياس بجاني سنة 2003 عبر اذاعة التيارالوطني الحر من فرنسا

Elias Bejjani’s English, French, Spanish Index On This Site
Elias Bejjan’s English Articles for 2006/2007/2008/2010 /2011,2012,2013, 2014, 2015
Elias Bejjani’s Short English Notes as from 2009
Elias Bejjani’s English Articles from 1988 to 2005
Elias Bejjani’s English/Arabic FAITH Editorials, Statements, Studies & Contemplations
Elias Bejjani’s French Version of some of his Editorials
Elias Bejjani’s Spanish Version of some of his Editorials
Elias Bejjani’s English FAITH editorials
English Editorial By: General Michel Aoun/Translated to English by: Elias Bejjani
ُElias Bejjani’s English notes Click Here