حزب الله يواجه في القلمون ما أذاقه لإسرائيل في جنوب لبنان

379

 حزب الله يواجه في القلمون ما أذاقه لإسرائيل في جنوب لبنان

الراي الكويتية/تحبس بيروت أنفاسها وهي تراقب “كرة النار” المتدحرجة فوق أجزاء واسعة من الحدود اللبنانية الشرقية مع سورية، وخصوصاً بعد “معركة الجرود” التي امتدت من عرسال الى بريتال بين “حزب الله” وتنظيمي “النصرة” و”داعش” والمؤشرات المتزايدة عن امكان اتساع «بقعة النار» التي يطال وهجها المتأجج الداخل اللبناني. ويجد “حزب الله”، المنتشر في المناطق الحدودية بين لبنان وسورية، نفسه امام امر واقع شبيه بما كانت تتعرّض له اسرائيل في جنوب لبنان خلال الفترة من العام 1982 الى العام 2000، حيث تتحوّل قواته هدفاً لعمليات إغارة مباغتة وشبه يومية، بدأ يعمل على التعايش معها نتيجة صعوبة تفاديها لأسباب موضوعية تتصل بطبيعة المعركة وجغرافيتها.

ذكرت اوساط على صلة بالمواجهة التي يخوضها “حزب الله” لـ”الراي” ان “الحزب نشر قواته على طول الحدود اللبنانية – السورية، بدءاً من تلكلخ شمالاً حتى مزارع شبعا جنوباً، وذلك بهدف منع تسلُّل قوات “جبهة النصرة” و”داعش” وتنفيذ خططها لاحتلال مناطق لبنانية”.

وأشارت هذه الأوساط الى ان “الأخطر من المواجهات الحدودية هو ما يجري في الداخل اللبناني الذي يتعرّض لزلزال يهتزّ تحت وطأته التعايش المشترك، لأن “داعش” والجماعات التي تشبهها بدأت تتسلل الى عرين النسيج الشيعي – السني – الدرزي المسيحي، وهو النسيج القائم على توازن لا يحتمل اي غلَبة لمذهب على مذهب”. وكشف خبراء في الميدان العسكري لـ”الراي” عن ان “حزب الله، قرر ترْك قمم الجبال المرتفعة جداً في أعالي السلسلة الشرقية وعمل على إعادة تموْضعه في أمكنة ثابتة ومحصنة تتيح له تأمين حماية المواقع المترابطة من اي هجوم مفاجئ يمكن ان تتعرّض له على غرار ما حصل الشهر الماضي في أمكنة عدة في القلمون”.

واوضح هؤلاء انه «بين عاميْ 1982 (الغزو الاسرائيلي الواسع للبنان) و2000 (الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان) كانت اسرائيل قد نشرت نحو 50 موقعاً في نقاط ثابتة لتأمين حماية قواتها، غير ان المقاومة (حزب الله) استطاعت القيام بعمليات مفاجئة عدة ضد عدد من هذه المواقع وألحقت بالإسرائيليين خسائر مرهقة لامتلاكها عنصر المباغتة والقدرة على المناورة عبر عمليات إلهاء وحرف نظر لاقتحام موقع ما والدخول اليه»، مشيرين الى ان «اسرائيل لم تنجح في ايجاد حلّ لهذه المعضلة الى ان قررت الانسحاب من جنوب لبنان».

واذ يتحدث الخبراء العسكريين عن ان “حزب الله” يواجه المعضلة عيْنها التي واجهتها اسرائيل في جنوب لبنان، فانهم يلاحظون ان “الحزب الذي انتشر في جرود القلمون وجرود عرسال الى الزبداني، قرّر إقامة نقاط ثابتة لحماية لبنان من تسلُّل الارهابيين، وهي نقاط تتعرّض لهجمات مفاجئة وعلى نحو دائم من جبهة النصرة والدولة الاسلامية، ما جعل حزب الله امام كأس مُرة لا بد منها، وخصوصاً ان نهاية الحرب الدائرة في سورية ما زالت بعيدة المنال”.

وكشفت مصادر على بيّنة من طبيعة المواجهة الدائرة في القلمون وعلى الحدود اللبنانية لـ “الراي” عن ان «عمليات المباغتة التي تتعرّض لها نقاط حزب الله تسفر عن خسائر بشرية، وسيقع المزيد من الخسائر في المستقبل بسبب استحالة الاستغناء عن المواقع الثابتة، اضافة الى عوامل اخرى، وهو ما عبّرت عنه احدى المواجهات اخيراً حين تعرّض حزب الله لعملية مباغتة من مجموعة كانت تُعتبر صديقة وتنتمي الى (التوّابين السوريين) حيث قامت بتسهيل دخول مسلّحي جبهة النصرة الى احد مواقع عسال الورد على نحو مباغت، وما كان منهم الا ان عمدوا الى ذبْح ثلاثة عناصر من الحزب وأسْر الرابع بعد إصابته بيده وقدمه».

وتشير هذه المصادر الى ان «حزب الله يعتبر ان المعركة طويلة الأمد وقد تحدث دائماً خيانات وعمليات فجائية، فهذه الامور جزء من طبيعة المعركة المفتوحة»، لافتة الى ان «ثمة ظواهر اكثر خطورة بدأت تتكون كالانشقاقات التي بدأت تصيب القوى الامنية اللبنانية على محدوديتها وطابعها الافرادي، اضافة الى ان اكثر من 1500 لبناني من طرابلس وعكار يقاتلون في صفوف داعش، ليس في العراق وأمكنة عدة من سورية، بل في القلمون وجرود عرسال والزبداني، اي على الحدود مع لبنان».

وعلمت «الراي» ان السلطات العسكرية اللبنانية منكبّة على التحقيق مع عسكريين يشتبه بتسهيلهم حركة المسلحين من «جبهة النصرة» و«داعش» دخولاً وخروجاً الى لبنان ومنه، اضافة الى نقل اسلحة الى الداخل اللبناني، وسط معطيات تشير الى ثبوت هذا الجرم على بعض مَن يخضع للتحقيقات. وربطت اوساط سياسية معنية بالمواجهة مع مسلحي «النصرة» و«داعش» هذه الظاهرة المستجدّة بما وصفته «القرار السياسي المتذبذب والمربك الذي لم يطلق يد قيادة الجيش في محاربة الارهابيين»، متحدثة عن «ضغوط تُمارس على قيادة الجيش على غرار ما فعله ضابط برتبة عالية يمثل احد المراجع الرسمية حين تدخّل شخصياً إبان المواجهات في عرسال لانقاذ جرحى من المسؤولين في جبهة النصرة، وهو الامر الذي لم يتم لان القوى على الارض تصرّفت بما يقتضيه واجبها وعملت على قتل المهاجمين لا على ارضاء السياسيين».