ابراهيم حيدر/ جيل التطرف والتعليم على الجهاد

89

 جيل التطرف والتعليم على الجهاد!
 ابراهيم حيدر/النهار/28 كانون الأول 2016

كل الوقائع تشير الى أن التربية الدينية، خصوصاً الإسلامية خارج المدرسة، (أو التعليم الديني) باتت أقوى من التعليم العام. ونسأل في هذا الصدد، هل أنّ هذا النوع الموازي من التعليم الذي تديره جمعيات دينية ومؤسسات يستمر في التوسع ولا يخضع لأي رقابة رسمية؟

ذلك أن التطرف الإسلامي لدى مجموعات ترفض الآخر يستمد مقوماته من تربية دينية خاصة مقابلة للمدرسة أو توازيها، وإلا ما الذي يبرر الحملات ورفض الآخر لمجرد الحديث عن الإصلاح الديني وتنقية الدين من الممارسات المتطرفة والفتاوى التي تستند اليها، وما الذي يبرر أيضاً التعبئة التي تغذي الاصطفافات عند أي موضوع خلافي بين المذاهب الإسلامية في لبنان وفي الخارج، حيث تصل الأمور في بعض الأحيان، الى تكفير الآخر واعتباره خارجاً عن الدين؟

لا نتحدث هنا عن مناهج تعليمية معتمدة في لبنان، إنما عن تعليم مواز في مدارس لجمعيات، وفي مؤسسات دينية خارج المدرسة، واستطراداً خطابات دينية تعمل على التعبئة واستنفار الغرائز في لحظات الصراع السياسي والطائفي. فبعض هذا التعليم مستمد من مؤسسات مرجعية اسلامية، يعتمد مناهج لصفوف دراسية ترفض الآخر، كما يرد في مناهج التربية الدينية للتعليم الإبتدائي في مصر والتي يشرف عليها الأزهر، وأيضاً في عدد من الدول العربية. فما الذي يبرر عملية “برلين” الإرهابية الأخيرة التي نفذها عدد من المتطرفين المسلمين الذين تعلموا في أوروبا، وقبلها عمليات في باريس ونيس وفي بلجيكا، وما الذي يجعل هؤلاء يندفعون الى قتل الآخر؟ والتطرف والتكفير، غير تربية موازية للنظام التعليمي العام وتعبئة من تيارات تغذي التطرف؟

كذلك ما الذي يدعو طلاب جامعات من لبنان انضموا الى “داعش” و “النصرة” غير بنية دينية متطرفة أقوى من الدولة أحياناً، ناهيك بالتعبئة الدينية المستمرة في المذهب الشيعي أيضاً حيث يلبي الشباب قرار مرجعيتهم الدينية المذهبية للقتال خارج بلدهم والبحث عن دور أكبر في المنطقة في الصراع مع المذهب الآخر. وما الذي يدفع المتطرفين في باكستان الى منع الفتيات من دخول المدرسة والتعلم؟

هذا يعني أن مشكلة التطرف الإسلامي ترعاها بيئة موازية للتعليم عالمياً، وتعبر عن أزمة هوية في المنطقة، بصرف النظر إذا كان لها في لبنان بعداً خاصاً، وهو كذلك، نظراً لتنوعه الطائفي والمذهبي. ما الذي يجعل لبنانيين تعلموا في المدرسة يقدمون على رفض الآخر، وحتى الدعوة لقتله في بعض المراحل، إلا وجود تعبئة بعنوان تربوي ديني.

ليس التعليم الديني الرسمي هو المشكلة في لبنان، بل ما يتلى من خُطب دينية تحرض التلامذة على العنف وكره أبناء الطوائف الأخرى، وتحضّ المراهقين منهم على الجهاد. هنا ينشأ جيل التطرف في المذهبين!