ديفيد اغناتيوس: أميركا … زرعت أوهاماً للمعارضة السورية فحصدت خيبة وهزيمة

147

 أميركا … زرعت أوهاماً للمعارضة السورية فحصدت خيبة وهزيمة
ديفيد اغناتيوس/السياسة/19 كانون الأول/16

سقوط حلب كارثة انسانية، وبرهان ساطع على مخاطر اختيار الطريق الوسط في الصراعات العسكرية، في بعض الأحيان يمكن إجراء المباحثات والقتال في الوقت نفسه ولكن في سورية كان قرار الولايات المتحدة أن تسير في مسار مزدوج، وقد أدى نهج منتصف الطريق الى أسوأ ألوان الفوضى والتدمير.
لقد قدم وزير الخارجية الضعيف جون كيري اكثر من نداء يوم الخميس الماضي للاخلاء السلمي لما تبقى من اهل حلب، وفي المؤتمر الصحافي بوزارة الخارجية استخدم اقوى العبارات لوصف الموقف.

انها سربرنيشيا أخرى، ليست أقل من مجزرة، وذبح عشوائي وسياسة ساخرة لارهاب المدينيين.

لكن ولمدة خمس سنوات لم تكن تصرفات الولايات المتحدة تتطابق مع خطابها البلاغي، ان السلاح الحقيقي المتبقي بين يدي كيري الآن هو المعاناة الرهيبة للشعب السوري والعار الذي يتولد لدى أي من المراقبين، لكن هذا العار يخيم بظلاله على هذه الادارة ايضا.

نقاد كيري يقولون ان كل جهوده للتفاوض من أجل التوصل الى تسوية كانت دائما محكوم عليها بالفشل, وربما كان ذلك صحيحا، بعد التدخل العسكري الروسي في سبتمبر 2015, حيث خلصت الادارة الاميركية الى ان هذه الديبلوماسية هي الستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق في حلب، ولما تم اتخاذ هذا القرار، كان المسؤولون بحاجة الى العمل على انجاحه، وبدلاً من ذلك استمروا في اللعب مع المعارضة المسلحة، التي لم يكونوا مستعدين لتقديم الدعم الكامل لها.

في اطار تاريخ الحرب السرية، يستحق دعم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «CIA» للمعارضة السورية ان يخصص له فصل مظلم، لقد بدأ هذا الجهد متأخرا بعد عامين من اندلاع الحرب، وبعد ان بدأ المتطرفون بالفعل السيطرة على المعركة ضد الرئيس بشار الأسد، وكانوا خليطا من الدول الاقليمية والمقاتلين الذين استأنستهم هذه الدول، وكان تنسيق العمليات يتم من مراكز في الأردن وتركيا، لكن في الواقع تسيطر عليها اكثر من 80 من الميليشيات المحلية وكان قادتها في كثير من الاحيان فاسدين وكانوا انفسهم من الجهاديين في البداية.

لم تكن المخابرات المركزية الاميركية «CIA» وشركاؤها يرغبون في تسليح المعارضة خصوصا بالصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، والتي كان يمكن بها الانتصار في المعركة، وقد زودتهم الوكالة باسلحة مضادة للدبابات وكانت كفيلة باسقاط الاسد في صيف 2015 وبدأ المحللون يشعرون بالقلق من نجاح كارثي قد يؤدي الى انهيار النظام ما سيتيح للجهاديين ان يملأوا فراغ السلطة في دمشق، وبعد فترة وجيزة تدخلت روسيا.

كانت أكبر مشكلات الـ CIA» ان حلفاءها لم يستطيعوا التصدي لهيمنة تنظيم جبهة النصرة الذي يعتبر جناح تنظيم القاعدة في سورية، وان كانت جماعات المعارضة الاخرى على خلاف ذلك، ولكنها كانت تقاتل جنبا الى جنب مع النصرة والتي اعادت تسمية نفسها «فتح الشام»، وقد اجتذبت هذه الجماعة المتطرفة الجماعات المعارضة الاخرى، لسبب بسيط هو أن مقاتليها كانوا الأكثر استعدادا للموت من اجل قضيتهم.

حاولت الولايات المتحدة ان تسيطر على زمام تلك المشكلة وفي العام 2014 زرت قيادات احدى التنظيمات المسماة «حركة الحزم» في مكان آمن على طول الحدود السورية التركية, كان المقاتلون يستبد بهم القنوط، فقد كانت الولايات المتحدة قد قصفت لتوها معسكرا قريباً لجبهة النصرة في مسعى لقتل المسلحين المعروفين باسم جماعة «حزاسان» وذكر المقاتلون الذين تدعمهم الـ «CIA» ان هذا العمل دمر مصداقيتهم وقد طردتهم جبهة النصرة من مقر قيادتهم

*عن «واشنطن بوست»
* ترجمة أحمد عبدالعزيز