طارق الحميد: ما هو مستقبل المقاتلين الشيعة؟

208

ما هو مستقبل المقاتلين الشيعة؟
طارق الحميد/الشرق الأوسط/29 تشرين الثاني/16

في سوريا وحدها يتراوح عدد المقاتلين الشيعة الموالين لإيران ما بين 15 ألف مقاتل و25 ألفًا٬ مقابل قرابة 27 ألف مقاتل سني أجنبي٬ بحسب ما نشر في صحيفة فاينانشيال تايمز».. فكيف نقرأ هذه الأرقام؟ ولماذا نركز على المقاتلين الشيعة فقط؟ القراءة الأولية لهذه الأرقام٬ هي أن سوريا خارج نطاق سيطرة بشار الأسد٬ وتركيبتها السكانية في خطر حقيقي٬ لكن القصة هنا ليست الواقع السوري بقدر ما أنها التركيز على مستقبل المقاتلين الشيعة بالمنطقة ككل٬ والخطر الذي سيشكلونه لاحقًا. وقد يقول قائل ولماذا ُيستثنى المقاتلون السنة؟ الإجابة بسيطة٬ فمقاتلو السنة الأجانب في سوريا تتناقص أعدادهم باستمرار٬ بحسب الصحيفة البريطانية٬ جراء محاربة «داعش». كما أن فرص مقاتلي السنة المستقبلية محدودة؛ فإما يواجهون الموت بسوريا٬ وإما يعودون إلى أوطانهم٬ التي تحارب الإرهاب أصلاً  وبالتالي فإن مصيرهم هو إما التراجع والاعتدال ما لم يكونوا قد تورطوا في جرائم٬ وإما الاعتقال٬ وإما القتل جراء المواجهات الأمنية٬ بينما الوضع مختلف بالنسبة للمقاتلين الشيعة٬ سواء في سوريا٬ أو العراق٬ أو اليمن٬ لأنهم تحت رعاية النظام الإيراني.

مقاتلو الميليشيات الشيعية المتطرفة في سوريا٬ مثلاً٬ هم إيرانيون٬ وعراقيون٬ ولبنانيون٬ وأفغان٬ وبالتالي فإنهم لن يواجهوا ملاحقة بعد أن تضع الحرب أوزارها بسوريا٬ بل ربما يكونون نواة لحزب ما٬ وبحسب التسوية السياسية٬ أو يتم إلحاقهم بأجهزة أمنية أخرى محسوبة على إيران بالمنطقة. ولتوضيح الصورة أكثر فنحن الآن أمام 15 ألف مقاتل شيعي إلى 25 ألفًا٬ في سوريا٬ عدا عن عدد مقاتلي ميليشيا «حزب الله» في لبنان٬ والحوثيين في اليمن٬ أضف إليهم قرابة الثمانين ألفًا في «الحشد الشعبي»٬ المحسوب على إيران٬ في العراق٬ مما يعني أن بمنطقتنا ما لا يقل عن مائة وخمسين ألف مقاتل شيعي متطرف منضوين تحت لواء ميليشيات تابعة لإيران٬ وغير مهددين بملاحقات أمنية٬ بل العكس٬ وكما تم بالعراق حيث ألحق «الحشد الشعبي» بالجيش٬ مما يعني الحصانة٬ وتحويلهم إلى ذراع عسكرية بيد رئيس الوزراء٬ أًيا كان٬ وهو منصب عادة ما يصل إليه الأكثر موالاة لطهران.

وعليه فإن منطقتنا٬ وتحديًدا الخليج العربي٬ ونطاق حدوده ونفوذه٬ أمام خطر حقيقي بسبب الميليشيات الإيرانية المنتشرة بالعراق وسوريا٬ ولبنان٬ واليمن٬ حيث لن تكون طهران بحاجة إلى إرسال قوات نظامية لمنطقتنا ما دام أن لديها هذا العدد من المقاتلين٬ الذي نطرحه بصيغة متحفظة٬ وربما يكون أكثر من مائة وخمسين ألف مقاتل متطرف شيعي٬ خصو ًصا أننا لا نتحدث هنا عن الإعلام الإيراني بمنطقتنا٬ والأذرع المالية٬ وغيرها٬ وإنما فقط عدد المقاتلين الشيعة. ولذا فإن القادم خطر ما دام لم يتم التعامل جدًيا مع الميليشيات الشيعية بمنطقتنا٬ لأنها كفيلة بزعزعة الأمن والاستقرار٬ وأكثر مما فعل «القاعدة»٬ و«داعش». وعلينا أن نتذكر٬ ونذكر٬ بأنه لا يوجد إرهاب إيجابي٬ فالإرهاب الشيعي لا يقل وحشية ودما ًرا عن الإرهاب السني٬ وكلاهما أعداء لمفهوم الدولة٬ وأًيا كانت تلك الدولة.