حسبة أصوات عون وفرنجية: صوت مفقود/عون لم ينجح بعد في طمأنة السنّة.. والشيعة

200

حسبة أصوات عون وفرنجية: صوت مفقود
المدن – سياسة | الأربعاء 19/10/2016

شهد لبنان في تاريخه مفاجأتين رئاسيتين، الأولى في العام 1970 إذ فاز الرئيس سليمان فرنجية بفارق صوت واحد على الياس سركيس؛ والثانية في العام 1989 حين توجه النواب إلى انتخاب النائب السابق مخايل الضاهر، ولكن في اللحظات الأخيرة تغيّرت المعطيات لديهم، أو أن ثمة كلمة سرّ وردت كما يقال دفعت إلى انتخاب رينيه معوض.

إحتمالات عديدة ترافق السعي لإنجاز تسوية بين الرئيس سعد الحريري والنائب ميشال عون، تدفع ثنائيتها أفرقاء آخرين إلى معارضتها، وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية الذي يصرّ على الاستمرار في ترشحه. تستبعد مصادر سياسية إمكانية التوصل إلى إتفاق شامل بين مختلف القوى من الآن حتى 31 تشرين الأول، وثمة من يعتبر أن الجلسة لن تُعقد وقد تتأجل لفسح المجال أمام المشاورات بين القوى وخصوصاً في انتظار المبادرة التي يجريها عون تجاه عين التينة وبنشعي. وهذا إذا ما حصل، أي تأجيل الجلسة في انتظار التفاهمات، يعني أن عون قد يتوجه إلى الجلسة التالية والمؤجلة كمرشح وحيد يحصد أكثر من ثلثي الأصوات. وقد يصل إلى ما بين 100 و118 صوتاً إذا ما كانت كل الكتل وافقت على ترئيسه.

لكن، في ضوء معارضة بري الشرسة ورفض فرنجية الإنسحاب، هناك من يعتبر أن عون أيضاً سيتوجه إلى الجلسة إن في 31 تشرين الأول أو التي تليها. وهنا، تبدأ العمليات الحسابية للمرشحين. لدى كل طرف حساباته الخاصة، المؤيدون لفرنجية يشيرون إلى احتمال فوزه، والمؤيدون لعون يعتبرون أنه سيحصل على ثلثي الأصوات بالحد الأدنى، فيما هناك فئة ثالثة تعتبر أن الفارق سيكون ضئيلاً جداً.

بالنسبة إلى النواب المؤيدين لفرنجية، يعتبرون أنه سيحصل على الأكثرية اللازمة للفوز. هذا رهان على أمر ما مفاجئ، أما من حيث الأرقام فيعتبرون أن عدداً لا بأس به من نواب المستقبل سيصوتون لفرنجية، ثمة من يشير إلى عشرة نواب، وكتلة التنمية والتحرير 13 نائباً، كما أنه في ظل إيحاء النائب وليد جنبلاط بأنه سيترك الحرية لنوابه فإن نحو ستة نواب سيصوتون لفرنجية، والخمسة الحزبيون سيصوتون لعون إذا ما قرر جنبلاط السير خلف الحريري. أما إذا بقي مع بري فيحتسبون 11 صوتاً، كما أنهم يحتسبون أصوات القومي (2) والبعث (1) مع ضم إسم النائب قاسم هاشم إلى كتلة التنمية والتحرير.

وفي أقصى تفاؤل المؤيدين لفرنجية، يعتبرون أن نواب الكتائب باستثناء صوت النائب نديم الجميل، أي أربعة من الكتائب سيصوتون له، بناء على إتصالات سابقة، وبما أن عون لا يلائم الكتائب، خصوصاً في ظل إتفاقه مع جعجع إذ يطمحان إلى “أكل” الشارع المسيحي. ويحتسب هؤلاء أصوات المسيحيين المستقلين، كالنواب دوري شمعون، بطرس حرب، ميشال المر، نايلة تويني، نجيب ميقاتي، محمد الصفدي، أحمد كرامي، طلال ارسلان”. بالإضافة إلى نواب المردة وعددهم أربعة. وهؤلاء يصل مجموعهم إلى 54 نائباً، مع إبقاء بعض النواب الذين تبقى مواقفهم مبهمة، وعلى هؤلاء يراهن “المرديون” لفوز مرشحهم. ووفق حساباتهم، فإن عون سيحصل على أصوات نوابه أي 23، مع الطاشناق والنائب فادي الاعور، بالإضافة إلى 13 كتلة الوفاء للمقاومة، وعشرين نائباً من المستقبل، وثمانية من القوات اللبنانية، وهنا يصبح مجموع أصوات عون 64، أي يحتاج إلى صوت واحد للفوز.

أما على ضفة عون، ففي حال بقي بري وفرنجية على موقفيهما، فإن جنبلاط سيوزع أصوات كتلته. وبالتالي، سيحصل عون على خمسة أصوات من اللقاء الديمقراطي، هم النواب الحزبيون إذا ما التزم جنبلاط بالتسوية، بالإضافة إلى 23 صوتاً من تكتل التغيير والإصلاح، و13 من حزب الله، بين 25 و30 نائباً من المستقبل، و8 من القوات اللبنانية. وبذلك قد يحصل عون على نحو 74 صوتاً، بالإضافة إلى بعض المستقلين، كالنواب خالد الضاهر، نقولا فتوش، وروبير غانم وميشال المر.

هذه الأرقام وفق حسابات كل طرف، ليست نهائية، إذ إن هناك العديد من النواب الذين قد يلجأون إلى التصويت بأوراق بيضاء، لعدم التصويت لأي من المرشحين. وتعتبر مصادر الطرفين أن هؤلاء قد يصلون إلى نحو 14 نائباً، كالنواب المتخلفين عن قرار المستقبل، واللقاء الديمقراطي، ونواب الكتائب، وبعض المستقلين. وإنطلاقاً من هذه الحسابات فإن عون يحصل في ذلك الحين، على نحو سبعين نائباً أو أكثر، فيما فرنجية يحصل على خمسة وعشرين. لكن أيضاً هذه الأرقام غير محسومة، وقد تشهد الكثير من التغيرات وفق ما ستسير عليه الإتصالات السياسية، إذ إن ثمة من يرجّح أن عون سيحصل على عدد أصوات أكبر، ما لم تحصل مفاجآت غير محسوبة

 

 

عون لم ينجح بعد في طمأنة السنّة.. والشيعة
المدن – سياسة | الأربعاء 19/10/2016/كل المعلومات في بيروت تشير إلى أنّ الرئيس سعد الحريري سائر في خيار تبني ترشيح العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وهو سيعلن موقفه هذا في وقت قريب، وقد باشر اتصالاته بحلفائه لوضعهم في جو قراره هذا ومن بينهم النائب سامي الجميل الذي أبلغ الحريري أنّه لا يجاريه في خياره من دون أن يكون له مرشح سيصوّت له في أي جلسة رئاسية مكتملة النصاب.

تشير أوساط سياسية مطلعة إلى أنّ للحريري قراءته الخاصة لخطوته المستجدتة باتجاه عون، وهي قراءة من صلب التطورات الإقليمية في اليمن وسوريا والعراق. يقول الحريري لقريبين منه إنّه “في ظل الخسارات المتتالية للسنّة في العراق وسوريا واليمن (حيث المعركة لم تحسم لمصلحة التحالف العربي بعد مرور شهور عدّة على انطلاق عاصفة الحزم) يمكن إيجاد معادلة حكم في لبنان تحد من مسلسل الخسارات الإقليمية للسنّة حيث ستشكّل عودته إلى السرايا الحكومية في بيروت انتصاراً ولو جزئياً للمحور المناوئ لإيران وحلفائها في المنطقة أو تحد من خسارة هذا المحور تجاه خصومه، عوض أن تترك الأمور على حالها حيث الانطباع العربي والدولي أن لبنان بات بين يدي حزب الله”.

هذه قراءة الحريري التي لم يعلنها بطبيعة الحال، لكن ما صدر من تصريحات ومواقف في الشارع السني اللبناني لا يشي بحماسته لتأييد الحريري عون، بل على العكس ظهر كثير من المواقف في الأيام الماضية يعارض خيار الحريري، ولعلّ الموقف الأبرز في هذا السياق عبّر عنه الرئيس نجيب ميقاتي الذي أبلغ وفد التيار الذي زاره الإثنين بأن “هناك هوّة كبيرة جداً بين فئة من اللبنانيين وبخاصة من أمثّل (الجمهور السنّي) ومرشح التيار الوطني الحر”، مشيراً إلى أن “إطلالة تلفزيونية من هنا أو من هناك لا تكفي لإزالة التراكمات السلبية التي أنتجتها مواقفه على مدى السنوات الماضية تجاه الشارع السني”. ناهيك بموقف الوزير أشرف ريفي المعارض لترئيس عون والنائب سليمان فرنجية، من دون إغفال موقف عدد من نواب كتلة المستقبل الرافض تأييد عون، إنما لا يتوقع في النهاية أن يسير هؤلاء ضدّ خيار الحريري. لكن موقف ميقاتي، وهو شديد التحفظ في السياسة ولاسيما في أمور لها ابعاد طائفية، يستحق التوقف عنده، إذ إنّ ميقاتي، الذي قال لقريبين منه إنّ “الحريري ينتحر”، يدرك جيداً مزاج الشارع السني تجاه عون، وهو عملياً يقدّم بموقفه هذا أوراق اعتماده لدى هذا الشارع. ومثله سيفعل الوزير ريفي بالتأكيد.

هذا بالنسبة إلى الموقف السني من العماد عون. أمّا الموقف الشيعي (أو بعضه على الأقل)، فهو لا يقّل سلبية، وليس أدّل من موقف الوزير علي حسن خليل الثلاثاء على ذلك. خليل قال كلاماً لا يؤخذ براهنيته فحسب، إذ تحرّكه لا شك حساسيات تاريخية للشيعة في لبنان من ظروف نشأة الكيان اللبناني في العام 1920 ونيله استقلاله في العام 1943 وقد اعتبر الشيعة أنفسهم في كلا المحطتين خارج الحدث ومستتبعين بالجماعة السياسية السنية. فخليل قال صراحة: “جبران باسيل يتحدث دائما عن الميثاقية وليس عن الوفاق الوطني يعني العودة إلى ميثاق 1943 والثنائية المارونية السنية، وهذه لن نرضى به وسنوجهها”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أننا “سنشارك في جلسة انتخاب الرئيس وسنصوت ضد العماد عون وسنذهب إلى المعارضة وسيكون الرئيس نبيه بري أول من يهنئه بالفوز”.

ثمة من يقول إنّ موقف الرئيس بري والقريبين منه عالي السقف ضدّ العماد عون لا يعني أن رئيس “أمل” لا يمكن أن يبدّل رأيه من انتخاب عون لاحقاً، لكنّه يرفع سقفه استباقاً لأي تفاوض مع الأخير بغية الاستحصال منه على أكبر قدر من التنازلات. إنّما في الحالة الشيعية هناك معطى أساسي لا يمكن لأحد تجاوزه في قراءة علاقة عون مع الشارع الشيعي. إذ إنّ تحالف حزب الله- عون راكم كثيراً من الإيجابية في العلاقة بين الجمهور العوني وهذا الشارع لأسباب محلية وإقليمية بعد الحرب السورية وتداعياتها على لبنان وفي مقدمها النزوح السوري الذي يولد قلقاً ديموغرافياً مشتركاً بين الشيعية والمسيحيين في لبنان. وبالتالي، مسعى عون لطمأنة الشارع الشيعي سيكون أسهل عليه، وبما لا يقاس، من طمأنة الشارع السني، أولاً بسبب التراكم الايجابي بين الجانبين للأسباب المذكورة أعلاه، وثانياً بسبب الدور الذي يمكن لحزب الله أن يلعبه ساعة يشاء في التقريب بين حليفيه بري وعون. لكن حتى الساعة لا يبدو أن عون يستطيع تجاوز “عقبة بري” حتى لو كان ضامناً موقف الحزب منه، خصوصاً أنّ هناك “نقزة” شيعية من الثنائية المسيحية- السنية وقد عبّر عنها خليل. ما قد يولّد انطباعاً سلبياً تجاه عون  في الشارع الشيعي المتحسس تاريخياً من هذه الثنائية، ولاسيما أنّ موقف الحزب المؤيد لعون لا ينسحب بالضرورة تأييداً لهذه الثنائية، خصوصاً أنّ الدكتور سمير جعجع شريك أساسي في هذه الثنائية.