ايلي الحاج: الحريري يحاول جرّ الجنرال إلى الجلسة خيارات العونيين خطرة بعد 31 تشرين: الاستقالة والشارع

98

الحريري يحاول جرّ الجنرال إلى الجلسة خيارات العونيين خطرة بعد 31 تشرين: الاستقالة والشارع
 ايلي الحاج/النهار/18 تشرين الأول 2016

تلوح فرصة جدية هذه المرة لإنهاء حقبة الفراغ الرئاسي في لبنان، ويتعذر التكهّن بمآلها. ما يحدث أن الرئيس سعد الحريري يحاول جرّ المرشح للرئاسة النائب الجنرال ميشال عون إلى جلسة 31 تشرين الأول الجاري كي يصوّت له مع أعضاء كتلة “المستقبل”، وإن خرجت منها اعتراضات، والجنرال عون يتجاوب إعلامياً لكنه يحاذر أن يخطو “دعسة ناقصة” في البرلمان تقصيه عن القصر وتوصل غيره. ما حدث حتى اليوم أن الرئيس سعد الحريري يتحرك في ظل ضباب كثيف يخيّم على المحاولة الجديدة لانتخاب الرئيس، أياً يكن اسمه، وقد نجح عملياً في إبعاد تهمة التعطيل عنه، ونقلها إلى الفريق الذي كان مفترضاً أن مرشحه الأوحد النائب الجنرال ميشال عون. وإذا كانت معلومات للمتابعين تقاطعت على أن الحريري سوف يعلن هذا الأسبوع تأييده ترشيح الجنرال عون في مقابلة تلفزيونية فإن معلومات أخرى نفت أن يكون شيئاً نهائياً على هذا الصعيد قد تقرر بعد. وكان تسرّب إلى المتابعين أن الحريري سوف ينتقل من باريس إلى الرياض كي يلتقي اليوم الثلثاء ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومنها يعود إلى لبنان. لكنه رجع مباشرة من باريس إلى بيروت ليترأس اجتماع كتلته الأسبوعي اليوم.

وعلمت “النهار” أن الحريري كان اتصل من العاصمة الفرنسية صباح أمس بعون وطمأنه إلى أنه ماضٍ في تأييد ترشيحه.

ازداد ارتياح الجنرال، إلا أن بعض القريبين منه ظل القلق يساورهم حيال هندسة عملية إيصال مرشحهم إلى بعبدا ككل. وقد بلغهم أن رئيس “المستقبل” يمكن أن يرفق إعلانه تأييد عون باشتراط أن يحضر الجلسة الإنتخابية المحددة آخر الشهر. وإلا فإنه يصبح في حلّ من التزام التصويت له. ويضغط سياسيون حلفاء لعون وفي مقدمهم رئيس حزب “القوات” سمير جعجع لحمل الجنرال على النزول إلى البرلمان باعتبار أن الجلسة فرصة لانتخابه قد لا تتكرر. وتردد أن ثمة في الرابية من يشجع على النزول إلى الجلسة ما دامت عملية احتساب المؤيدين تضمن فوز الجنرال عون بأصوات غالبية النواب، حتى لو ظل النائب سليمان فرنجية مرشحاً ولم تصوّت كتلة “التنمية والتحرير” برئاسة الرئيس نبيه بري للجنرال عون. تكفيه أصوات “تكتل التغيير والإصلاح” (وإن من دون أصوات النواب “المردة”) مع أصوات “المستقبل” و”الوفاء للمقاومة” و”القوات اللبنانية” و”اللقاء الديموقراطي” لضمان الإنتقال إلى بعبدا.

ولكن مهلاً. يتحسب الحذرون، وهم أقرب إلى تفكير الجنرال عون في هذه النقطة، لاحتمال أن تنقسم أصوات كتلة “المستقبل” أو يخرج بعضها وربما غالبية منها عن الالتزام فتصوّت لغير عون، وأن تميل كتلة “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب وليد جنبلاط، كلها أو جزء منها في اتجاه آخر، وتلاقيها أصوات متفرقة أو متجمعة في شكل مفاجئ على دعم منافسه فرنجية المصرّ على الاستمرار في المعركة وإن بصوته وحده. عملياً فقد هؤلاء المحيطون بالجنرال الأمل في أن ينسحب فرنجية لمصلحة عون، وكذلك في أن يمارس “حزب الله” مَونةً أو ضغطاً على حليفه الرئيس بري لتغيير موقفه من الجنرال. بلغتهم من عين التينة مواقف متلاحقة وذات مصداقية، فحواها أن رئيس المجلس يستحيل أن يوافق على الإتيان برئيس للجمهورية يشكك في شرعيته وشرعية مجلس النواب صعوداً ونزولاً وساعة يشاء. فيما الرئيس الحريري نفسه يسمع تحذيرات من أن “حزب الله” بعد أن يضمن تأييد “المستقبل” للجنرال، سوف يخرج لائحة القضايا التي تخصّه ويتوجب اتفاقه عليها مع الحريري قبل الموافقة على عودته إلى السرايا بموازاة عودة عون إلى بعبدا: موقفه من سلاح “حزب الله”، والحرب في سوريا، والمحكمة الدولية، وغيرها. الحذرون أنفسهم في الرابية يقلّبون صورة الأوضاع، سائلين ماذا إذا مرّت جلسة 31 تشرين الأول كالجلسات الـ34 التي سبقتها ولم يُنتخب عون رئيساً؟ والجواب هو أن لا مفرّ من الإنتظار في وضعية المراقب الهادئ، ولكن إذا تأكد بعد أسبوعين أو أكثر بقليل أن إزالة العراقيل من طريق عون إلى بعبدا باتت مستحيلة، فلن يكون أمام “التيار العوني” سوى خيار الاستقالة من الحكومة، والأخطر هي الاستقالة من مجلس النواب أيضاً، ليفهم جميع المعنيين، على ما قال رئيس “التيار” الوزير جبران باسيل في مقابلته التلفزيونية الأخيرة (مع مارسيل غانم أيضاً)، إنه إذا لم تكن هناك رئاسة جمهورية فلن تبقى رئاسة مجلس نواب ولا رئاسة مجلس وزراء.

وسيكون هذا التطور السلبي، إذا تحقق، ميثاقاً بالمقلوب بين اللبنانيين.  لكن ثمة نقلة مقابلة في السياسة، كما في الشطرنج، فالرئيس نبيه بري يستطيع التصرف على أساس أن نصاب الثلثين المطلوب لعقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية سيظل موجوداً حتى لو استقال النواب “العونيون”، واثقاً بأن نواب “القوات” لن يتهوّروا ويقتدوا بهم. ثم أن رئيس المجلس يستطيع رفض استقالة نواب “التيار”. وليكن 23 نائباً في وضع روبير فاضل في البرلمان. أما التحركات في الشارع، تظاهراً واعتصاماً وقطع طرق، في اتجاه من سوف يحمّله العونيون تبعة عدم انتخاب زعيمهم رئيساً، أي الرئيس بري، فدونه الويل والثبور، ومن قوى أمنية ومراجع ربما لم يحسب لها العونيون حساباً، كما من قوى حزبية. لماذا أظهرت حركة “أمل” في احتفالات إحياء ذكرى عاشوراء أن لديها فرقة لمكافحة الشغب؟