الياس بجاني: بيان مجلس المطارنة الموارنة: خطيئة مميتة وتعامي مريب عن مذكرات الوزير علي الخليل العقارية الفارسية

844

بيان مجلس المطارنة الموارنة: خطيئة مميتة وتعامي مريب عن مذكرات الوزير علي الخليل العقارية الفارسية
الياس بجاني/05 تشرين الأول/16

رابط المقالة المنشورة اليوم في جريدة السياسية /07 تشرين الأول/16/اضغط هنا
http://al-seyassah.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%85%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%8a%d8%a8-%d8%b9%d9%86-%d9%85%d8%b0%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b2%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%b1/

تماماً وكما توقعنا 100% ، فقد أغفل اليوم مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري كلياً، وعن سابق تصور وتصميم، أغفل واجب التطرق لا من قريب ولا من بعيد لمذكرة وزير المال علي الخليل العقارية، تلك المذكرة المافياوية والملالوية والاستيطانية والكسراوية (نسبة إلى القائد الفارسي كسرى)، والتي وخلافاً للقوانين المرعية الشأن، وفي تناقض فاضح لمبدأ التعايش والحفاظ على قدسية الأملاك، قد شرعت مصادرة أراضي مشاعات جبل لبنان والتي هي 99% مارونية…

يشار هنا إلى أن سيدنا الراعي وعلى خلفية المسايرة وثقافة اللاموقف والرمادية، كان ألغى الشهر الماضي اجتماع مجلس المطارنة الموارنة حتى لا يأخذ موقفاً من مذكرات الوزير علي الخليل المافياوية والإستيطانية.

ورغم أن البيان الذي صدر اليوم عقب اجتماع المطارنة الموارنة برئاسة سيدنا البطريرك الراعي وقرأه المطران سمير مظلوم (الظالم للحق وللكنسية ولكل ما هو لبناني وسيادي وكنسي)، لم يترك البيان ملفاً إلا وتطرق له، وقد وسع مروحة اهتماماته لتطاول الوضع في سوريا قافزاً بذمية فاقعة فوق مذكرات الخليل وسرقات أرض الكنيسة في لاسا، وكأن المذكرات والسرقات يحصلون في بلاد الماو مو وليس في وطن الأرز…

وكأن البيان صادر عن شركة تجارية همها ارضاء مقامات البعض من الناس والدول ومسايرتهم وليس صادراً عن الصرح البطريركي الماروني الذي أعطي له مجد لبنان.

نحن وبراحة ضمير كلية، لا نرى مبرراً مهما أكان صغيراً أو كبيراً يجيز للمطارنة ولسيدنا الراعي التغاضي والتعامي عن المذكرات العقارية الفارسية والسرقات لأراضي الكنيسة والقفز فوقهم، هذا إذا كان الأحبار الكرام هم فعلاً موارنة، وفعلاً أصحاب دعوة كهنوتية، وناذرين أنفسهم لخدمة الكنيسة ورعاياهم، ويخافون قولاً وأفعالاً وأفكاراً ونوايا حساب قاضي السماء في يوم الحساب الأخير… وهو الذي أجلسهم على كراسي المسؤولية الكنسية والرعوية وأعطاهم رزم من الوزنات والمواهب مجاناً!!

نسأل سيدنا الراعي الذي مذهبيا نحن كلياً تحت عباءته، والذي في نفس الوقت لا نثق به وطنياً وسياسياً، ونسأل معه كل أعضاء مجلس المطارنة الموارنة، أيهما أخطر على الموارنة وجودياً وهوية وأمناً ودوراً وحضارة وثقافة وحاضراً ومستقبلاً سلة الرئيس نبيه بري المناورة السياسية المجهولة المحتوى حتى الآن، أم مصير ثلث أراضي لبنان المارونية (3000 كلم مربع) التي تناولتها بالاعتداء والفرسنة (نسبة إلى الفرس) مذكرات الوزير علي الخليل؟

هنا، ومع كل الممتعضين من فتور وذمية وتقوية موقف مجلس المطارنة المتعامي عن المذكرات العقارية وسرقات أرض الكنسية، نستذكر قول السيد المسيح (لعلى في التذكير حكاً للضمائر المخدرة): “مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد”.

وطبقاً لمعايير كتابنا المقدس الإيمانية فإن مواقف مجلس المطارنة، ومعها مواقف سيدنا الراعي اللاموقف، هي مواقف فاترة، لا بل هي تخلي وخطيئة وحيادية قاتلة، تماماً كمواقف صاحب الوزنة الواحدة الذي كان مصيره جهنم ونارها لأنه تجابن ولم يتاجر بها:

“”لأنك لست ساخناً ولا بارداً، بل فاتراً سوف أبصقك من فمي”. (الرؤيا03/15و16).

يقول القديس يعقوب في رسالته (الفصل 04/13-17/:”فما هي حياتكم؟ أنتم بخار يظهر قليلا ثم يختفي. لذلك يجب أن تقولوا: إن شاء الله، نعيش ونعمل هذا أو ذاك! ولكنكم الآن تباهون بتكبركم، ومثل هذه المباهاة شر كلها. فمن يعرف أن يعمل الخير ولا يعمله يخطئ.”

أنتم يا أحبارنا الكرام تعرفون الخير ولا تفعلونه، وترون بأم أعينكم التعديات وتصمتون ولا تحركون ساكناً!! فمن تسايرون ومن تداهنون، ولماذا التلحف بالذمية والسكوت عن الحق والحقيقة؟

ترى هل غاب عنكم رد المسيح على الكتبة والفريسيين الذين طلبوا منه أن يقول لتلاميذ أن يصمتوا: “لو سكت هؤلاء لتكلمت الحجارة”. (إنجيل القديس لوقا/19/40).

من المفترض أنكم أصحاب دعوة ربانية ورسل للمسيح كما رسول الأمم بولس.. فهل فاتكم قوله الذي تخالفون روحيته بمواقفكم الفاترة،: “هل أنا أستعطف الناس؟ كلا، بل أستعطف الله. أيكون أني أطلب رضا الناس؟ فلو كنت إلى اليوم أطلب رضا الناس، لما كنت عبدا للمسيح.) (غلاطية 01حتى10).

في مكالمة هاتفية لنا اليوم مع رجل دين ماروني رفيع المرتبة الكنسية (طلب عدم ذكر اسمه) عاتبناه بمحبة وانجيلياً على خلو بيان المطارنة من ملفي المذكرات العقارية والسرقات في لاسا وغيرها ..

فقال لنا لماذا تركزون فقط على هاذين الملفين… البيان الذي صدر اليوم هو وثيقة وطنية وتناول أموراً في منتهى الخطورة..كونوا إيجابيون؟

قلنا للمحترم انجيلياً (مستعيرين من رسالة القديس يعقوب/02/من01حتى10/):”وَلكِنْ عِنْدَمَا تُعَامِلُونَ النَّاسَ بِالانْحِيَازِ وَالتَّمْيِيزِ، تَرْتَكِبُونَ خَطِيئَةً وَتَحْكُمُ عَلَيْكُمُ الشَّرِيعَةُ بِاعْتِبَارِكُمْ مُخَالِفِينَ لَهَا. فَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنَّ مَنْ يُطِيعُ جَمِيعَ الْوَصَايَا الْوَارِدَةِ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى، وَيُخَالِفُ وَاحِدَةً مِنْهَا فَقَطْ، يَصِيرُ مُذْنِباً، تَمَاماً كَالَّذِي يُخَالِفُ الْوَصَايَا كُلَّهَا”.

نعم انجيلياً وحسب روحية ما قالة القديس يعقوب فإن تناول بيان المطارنة اليوم ملفات وطنية مهمة وإهمالهم واغفالهم عن سابق تصور وتصميم ملفات سرقات أرض الكنيسة المارونية وأخطار المذكرات العقارية التي اصدرها وزير المال علي خليل، والتي هي فارسية الهوى والنوى والأهداف، وتهدد الموارنة في الوجود والمصير والهوية والتاريخ ، نعم الإهمال والإغفال هما خطيئة مميتة ارتكبها الأحبار ببركات وتوجيهات سيدنا الراعي.. ونقطة على السطر.

في الختام، نناشدكم، يا سيدنا الراعي، وانتم ويا حضرات المطارنة الكرام أن ترعوا الرعية كما أوصاكم الرب وإلا فسوف ينطبق عليكم عملياً وانجيلياً ما جاء في سفر حزقيال(34/من01حتى31) عن مصير الراعي الذي لا يرعي ويهمل خرافه ويتركها لوحش البرية.

(حزﻗﻴﺎﻝ 34/من01حتى31/: وَأَوْحَى إِلَيَّ الرَّبُّ بِكَلِمَتِهِ قَائِلاً: «يَاابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ عَلَى رُعَاةِ إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: هَذَا مَا يُعْلِنُهُ لَهُمُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِرُعَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا مُنْهَمِكِينَ فِي رِعَايَةِ أَنْفُسِهِمْ. أَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الرُّعَاةِ رِعَايَةُ الْغَنَمِ؟ إِنَّمَا أَنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّحْمَ، وَتَرْتَدُونَ الصُّوفَ، َتَذْبَحُونَ الْخَرُوفَ السَّمِينَ، وَلاَ تَرْعَوْنَ الْغَنَمَ. فَالْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ، وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ، وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ، وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسَتَرْجِعُوهُ، وَالضَّالُّ لَمْ تَبْحَثُوا عَنْهُ، بَلْ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ بِقَسْوَةٍ وَعَنْفٍ. فَتَشَتَّتَتِ الرَّعِيَّةُ وَأَضْحَتْ بِلاَ رَاعٍ، وَصَارَتْ قُوتاً لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. ضَلَّتْ غَنَمِي بَيْنَ الْجِبَالِ وَفَوْقَ كُلِّ أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ. تَبَدَّدَتْ غَنَمِي فِي الْعَرَاءِ وَلَمْ يُوْجَدْ مَنْ يَنْشُدُهَا أَوْ يَلْتَمِسُهَا. لِذَلِكَ اسْمَعُوا أَيُّهَا الرُّعَاةُ كَلاَمَ الرَّبِّ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، لأَنَّ غَنَمِي بَاتَتْ غَنِيمَةً وَصَارَتْ قُوتاً لِكُلِّ وَحْشِ الْبَرِّيَّةِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَاعٍ وَلاَ سَأَلَ رُعَاتِي عَنْ غَنَمِي، بَلِ انْهَمَكُوا فِي رِعَايَةِ أَنْفُسِهِمْ وَأَهْمَلُوا غَنَمِي، لِذَلِكَ، اسْمَعُوا أَيُّهَا الرُّعَاةُ كَلاَمَ الرَّبِّ: هَا أَنَا أَنْقَلِبُ عَلَى الرُّعَاةِ وَأُطَالِبُهُمْ بِغَنَمِي، وَأَعْزِلُهُمْ عَنْ رِعَايَتِهَا، فَلاَ يَرْعَوْنَ حَتَّى أَنْفُسَهُمْ بَعْدُ. وَأُنْقِذُ غَنَمِي مِنْ أَشْدَاقِهِمْ فَلاَ تَكُونُ لَهُمْ مَأْكَلاً. لأَنَّ هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا أَنَا أَبْحَثُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا. وَكَمَا يَتَفَقَّدُ الرَّاعِي قَطِيعَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ بَيْنَ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ، هَكَذَا أَتَفَقَّدُ قَطِيعِي وَأُخَلِّصُهُ مِنْ كُلِّ الأَمَاكِنِ الَّتِي تَفَرَّقَ إِلَيْهَا فِي يَوْمٍ غَائِمٍ كَئِيبٍ. وَأُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنِ الشُّعُوبِ وَأَجْمَعُهُ مِنَ الْبُلْدَانِ، وَأَرُدُّهُ إِلَى أَرْضِهِ، حَيْثُ أَرْعَاهُ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ وَفِي الأَوْدِيَةِ وَفِي جَمِيعِ أَمَاكِنِ الأَرْضِ الآهِلَةِ.وَأَرْعَاهُ فِي مُرُوجٍ خَصِيبَةٍ، وَتَكُونُ جِبَالُ إِسْرَائِيلَ الشَّاهِقَةُ مَرَاعِيَ رَائِعَةً يُرْبِضُونَ فِي مَرَاحِهَا الطَّيِّبِ، وَيَرْعَوْنَ فِي مَرَاعٍ خَصِيبَةٍ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ. أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، وَأَطْلُبُ الضَّالَّ وَأَسْتَرْجِعُ الْمَطْرُودَ وَأَجْبُرُ الْكَسِيرَ وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ وَأَسْتَأْصِلُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ، وَأَرْعَاهَا بِعَدْلٍ.أَمَّا أَنْتُمْ يَاغَنَمِي فَهَا أَنَا أَقْضِي بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ، وَبَيْنَ كِبَاشٍ وَتُيُوسٍ. أَتَحْسُبُونَ أَنَّهُ أَمْرٌ تَافِهٌ أَنْ تَرْعَوْا فِي الْمَرْعَى الْخَصِيبِ وَتَدُوسُوا بِأَرْجُلِكُمْ بَقِيَّةَ الْمَرَاعِي؟ وَأَنْ تَشْرَبُوا مِنَ الْمِيَاهِ الصَّافِيَةِ وَتُعَكِّرُوا بَقِيَّتَهَا بِأَقْدَامِكُمْ؟ فَيَتَحَتَّمَ عَلَى غَنَمِي أَنْ تَرْعَى مَا دَاسَتْهُ أَقْدَامُكُمْ وَتَشْرَبَ مَا كَدَّرَتْهُ أَرْجُلُكُمْ. لِذَلِكَ هَا أَنَا أَقْضِي بَيْنَ الشَّاةِ السَّمِينَةِ وَالشَّاةِ الْهَزِيلَةِ، لأَنَّكُمْ دَفَعْتُمْ بِالْجَنَبِ وَالْكَتِفِ الشَّاةَ الْمَرِيضَةَ وَنَطَحْتُمُوهَا بِقُرُونِكُمْ حَتَّى شَتَّتُّمُوهَا إِلَى خَارِجٍ. وَلَكِنِّي أُنْقِذُ غَنَمِي فَلاَ تَكُونُ مِنْ بَعْدُ غَنِيمَةً، وَأَقْضِي بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ، وَأَنْصِبُ عَلَيْهَا رَاعِياً وَاحِداً عَبْدِي دَاوُدَ (أَيِ الْمَسِيحَ) يَرْعَاهَا بِنَفْسِهِ وَيَكُونُ لَهَا رَاعِياً أَمِيناً. وَأَنَا الرَّبُّ أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً، وَعَبْدِي دَاُودُ يَكُونُ لَهُمْ رَئِيساً. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ. وَأُبْرِمُ مَعَهُمْ مِيثَاقَ سَلاَمٍ، وَأَقْضِي عَلَى الْوُحُوشِ الضَّارِيَةِ فِي الأَرْضِ فَيُقِيمُونَ فِي الصَّحْرَاءِ آمِنِينَ، وَيَنَامُونَ فِي الْغَابَاتِ مُطْمَئِنِّينَ. وَأَجْعَلُهُمْ مَعَ مَا يُحِيطُ بِأَكَمَتِي بَرَكَةً، وَأَسْكُبُ عَلَيْهِمِ الْمَطَرَ فِي أَوَانِهِ، فَتَكُونُ أَمْطَارَ بَرَكَةٍ. وَتُثْمِرُ شَجَرَةُ الْحَقْلِ، وَتُنْتِجُ الأَرْضُ غَلَّتَهَا، وَيَكُونُونَ آمِنِينَ فِي دِيَا رِهِمْ، وَيُدْرِكُونَ عِنْدَمَا أُحَطِّمُ نِيرَهُمْ وَأُنْقِذُهُمْ مِنْ قَبْضَةِ مُسْتَعْبِدِيهِمْ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ، وَلاَ يَفْتَرِسُهُمْ وَحْشُ الأَرْضِ، بَلْ يَسْكُنُونَ آمِنِينَ لاَ يُفْزِعُهُمْ أَحَدٌ.وَأُقِيمُ لَهُمْ مَغْرَساً ذَائِعَ الصِّيتِ، فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ ضَحَايَا مَجَاعَةٍ فِي الأَرْضِ، وَلاَ يَتَحَمَّلُونَ بَعْدُ مَشَقَّةَ تَعْيِيرِ الأُمَمِ، فَيُدْرِكُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ شَعْبِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأَنْتُمْ يَا قَطِيعِي غَنَمَ مَرْعَايَ، أَنْتُمْ بَشَرٌ وَأَنَا إِلَهُكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».)

يبقى أن أرض لبنان هي مقدسة وكل من هو مسؤول عن الحفاظ والسهر عليها وصاحب رسالة ووزنات ولا يفعل فحسابه سيكون عسيراً يوم الحساب الأخير حيث يكون البكاء وصريف الأسنان.

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com

 

نص بيان المطارنة الموارنة الذي صدر اليوم وهو موضوع التعليق في أعلى
الأربعاء 05 تشرين الأول 2016

وطنية – عقد المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي ومشاركة الآباء العامين، تدارسوا خلاله شؤونا كنسية ووطنية.

البيان النداء
اثر الاجتماع، تلا النائب البطريرك العام المطران سمير مظلوم نداء جاء فيه:
“نظرا إلى الدرك الذي بلغته أوضاع الوطن في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأخلاقية، وانطلاقا من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق البطريركية المارونية، والدور المنتظر منها كونها تجسد صوت الضمير، ولا تتصرف كفريق سياسي في وجه فرقاء آخرين، بل كمدافع متجرد عن الوطن كل الوطن، وعن الشعب كل الشعب، وعن الدولة كل الدولة، قرر الآباء رفع الصوت في وجه كل الشواذات المنتشرة في بلادنا، وإطلاق هذا النداء عله يوقظ ضمائر المسؤولين، فيرتفعوا إلى مستوى المسؤولية التي انتدبوا أنفسهم إليها باسم الشعب اللبناني.

اولا- الشأن الوطني السياسي
1. يؤكد الآباء على كل ما أعرب عنه غبطة البطريرك في عظة الأحد الفائت، بشأن التقيد بالدستور الذي تصاغ حول مبادئه، نصا وروحا، جميع التفاهمات الرامية الى الالتزام بهذه المبادئ الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن توضع عليه أية شروط مسبقة. فهو بكونه، حسب المادة 49 من الدستور، “رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور، والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، وفقا لأحكام الدستور”. ولكي يقوم بمهمته الوطنية العليا هذه، ينبغي أن يكون حرا من كل قيد، وعندئذ يكون “الرئيس الحكم”، لا “الرئيس الطرف”، ولا “الرئيس الصوري”.

2. ويؤكد الآباء أن التقيد بالدستور يستلزم في الوقت عينه التقيد بالميثاق الوطني، الذي هو روح الدستور، وبصيغته التطبيقية الميثاقية. فالميثاق الوطني، كما حددته “المذكرة الوطنية” التي أصدرتها البطريركية في 9 شباط 2014، إنما هو “شريعة اللبنانيين السياسية، باعتباره خلاصة تاريخ مشترك من تجربة التعايش المسيحي-الإسلامي، وتكريسا لثوابته الثلاث: الحرية، والمساواة في المشاركة، وحفظ التعددية، وهي ثوابت في أساس تكوين الدولة اللبنانية. لذلك لم يكن الميثاق يوما مجرد تسويات أو تفاهمات عابرة، يقبل بها اليوم ويراجع في شأنها غدا، أو يتم التراجع عنها في أوقات تضارب المصالح والخيارات” (راجع الفقرتين4و5).

3. من منطلق التقيد بالدستور والميثاق الوطني، يرحب الآباء بالجهود والمشاورات المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية. ويثمنون النوايا الحسنة التي تعمل جاهدة للخروج بالبلاد من حال الفراغ في سدة الرئاسة الأولى منذ سنتين وخمسة أشهر.

4. هذا التوجه ينسحب أيضا على قانون الانتخاب العتيد، الذي يريد منه اللبنانيون بجميع اطيافهم أن يكون قانونا يطلق مسارا لتمثيل حقيقي مشبع من الميثاق والدستور، ويفسح في المجال لقوى جديدة وروح جديدة تصل إلى المجلس النيابي، فلا يكون قانونا مفصلا بإحكام ليعيد إنتاج ما هو قائم. وإذا لم يتمكن المشرعون من الوصول إلى هذا الهدف السامي والنبيل في خدمة الشأن العام، فهذا يعني أن لبنان يتراجع عن الثقافة الديمقراطية التي طبعت تاريخه البرلماني، إلى نظام أشبه بأنظمة الحكم الأحادية التي طواها التاريخ استجابة لنداء الحرية والتعددية. وفي هذا المجال تشجع الكنيسة جميع قوى المجتمع المدني للضغط بما أوتيت من قدرة لتحريك الرأي العام بالطرق الشرعية، في شأن مطلب محق على هذا المستوى من الأهمية.

5. في زمن الفراغ والضياع والفوضى، يثمن الآباء الدور الكبير الذي يقوم به الجيش والقوى الأمنية في مكافحة الإرهاب والسهر على الأمن وحفظ الحدود، وهم يحيون الروح الوطنية العامرة التي تعبق في تلك المؤسسات. ولأن المهام جسيمة والتضحيات كبيرة يلفت الآباء إلى أهمية إبعاد هذه المؤسسات عن التجاذبات والصراعات السياسية، لأن التسييس عندنا ما دخل شيئا إلا وكانت نتائجه سلبية.

– ثانيا: الشأن الاقتصادي اللبناني
1. بسبب الخلاف السياسي المستحكم، الذي أدى إلى الفراغ القاتل في سدة الرئاسة الأولى، وبالتالي إلى تعطيل عمل المجلس النيابي التشريعي، وشل قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الإجرائية، وانتشار الفوضى والرشوة في الإدارات العامة، كان التراجع الاقتصادي المخيف في مختلف قطاعاته، ولا سيما في قطاعي الصناعة والزراعة. يضاف إليه العبء الناتج عن النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين الذين يتجاوز عددهم نصف سكان لبنان، ولهيب المتغيرات التي تعصف بالمنطقة، والنمو المفقود، والبطالة المتفاقمة، وإقفال العديد من المؤسسات التجارية والصناعية والسياحية أبوابها، وتراجع التصدير، وتقلص مداخيل الدولة مقابل ازدياد نفقاتها وعدد موظفيها وموجبات الأجور والرواتب، وتضخم الدين العام، والإهمال المزمن للقطاعات الحيوية، واستباحة المال العام، والتهافت على توزيع العقود والمغانم، وشبه غياب المراقبة والمساءلة، وتفاقم أزمة النفايات وسمومها المرضية، وفوضى الكسارات والمقالع والمصانع التي تشوه البيئة الطبيعية وتلوث الهواء والأنهر والمياه الجوفية.

2. الاقتصاد بكل قطاعاته، هو بمثابة العمود الفقري للدولة: فمن واجب الجماعة السياسية والسلطة العامة أن تضع الخطة الناجعة للنهوض الاقتصادي، بالتعاون مع الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني والقطاعات الخاصة الإنتاجية، من أجل تأمين العدالة والتضامن والتكافل، مع المحافظة على قدرة الدولة ومرجعيتها، لكونها المسؤولة عن تأمين نظام الحماية الاجتماعية (راجع المذكرة الاقتصادية، الصادرة عن البطريركية، الفقرتين 15 و16).

3. كيف تسمح القوى السياسية لنفسها أن تمعن في التعطيل الذي أنهك البلاد، وأوصل إلى تراجع كل المؤشرات الاقتصادية، بالرغم من تحذيرات المؤسسات المالية الدولية؟ وكيف تقوم بواجب إقرار سلسلة الرواتب والأجور فيما هدر المال العام يتعاظم، وعجز الموازنة يتفاقم من جراء ارتفاع الدين العام؟ وهل تدرك الأخطار التي يحملها مشروع الموازنة العامة الجديد، بفرض عشرات الضرائب وزياداتها على المؤسسات الاقتصادية والشعب اللبناني، خلافا لكل قواعد الاقتصاد التي تقضي في الأزمات بتحفيز القطاع الخاص وخفض الأكلاف عن المنتجين للعودة إلى الاستثمار والنمو، وبإيجاد فرص عمل للمواطنين؟

في الختام
1. لا بد من أن يلتزم الجميع بمصالحة وطنية شاملة تطوي صفحة الماضي وتعيد الاعتبار إلى التسوية التاريخية التي جسدها اتفاق الطائف، والتي تقيم عيشنا المشترك على شروط الدولة الجامعة وليس على شروط فئة من اللبنانيين؛ ومصالحة تعيد الاعتبار إلى النموذج اللبناني في العيش معا، بعيدا عن سياسة هذه المحاور. هذا النموذج الذي يكتسب اليوم أهمية استثنائية في منطقة يجتاحها عنف مجنون يهدد السلام في العالم بأسره. وفي هذا السبيل ينبغي تظهير فرادة التجربة اللبنانية في العالم بوجه عام، من حيث شراكة المسيحيين والمسلمين في إدارة دولة واحدة، وفرادتها في العالم الإسلامي بوجه خاص، من حيث شراكة السنة والشيعة في إدارة الدولة ذاتها، مقدمين بذلك مساهمتنا اللبنانية في وأد الفتن المذهبية وتفادي الصدام بين أكثرية وأقليات.

2. يؤلم الآباء في العمق تفاقم الوضع في سوريا والوجه الدموي الذي يأخذه، فبعد محو الثقافات يأتي دور الإنسان هناك. لا بد للضمير الدولي ولضمير الجهات المتقاتلة من وعي نتائج هذا الخيار المدمر والشروع بحوار حقيقي يبلغ إلى حلول سياسية، وإحلال سلام عادل وشامل ودائم، وإلى عودة جميع النازحين واللاجئين والمبعدين والمخطوفين إلى عائلاتهم أوطانهم. وهذا يسري أيضا على العراق وفلسطين وسواهما. هذا الشرق المتنوع لا يحكم بالحديد والنار بل بالتعايش الحر والكريم والسلمي بين أبنائه. لقد آن الأوان للعودة إلى لغة العقل وصوت الضمير.

3. في شهر الوردية المباركة نتجه بأنظارنا إلى العذراء مريم، والدة أمير السلام طالبين منها أن تمس العقول والضمائر بحنانها حتى تكتب البشرية صفحة جديدة من تاريخها تكون مملوءة بالرحمة لا بالعنف، والظلم، والتسابق على السيطرة. فالتاريخ لا يكون تاريخ البشر إلا إذا كان تاريخ حب، ووئام وسلام