عقل العويط: لا نريد هذا الرئيس

135

لا نريد هذا الرئيس
عقل العويط/النهار/4 تشرين الأول 2016

لا نريد رئيساً يفرضه علينا “حزب الله” كأمرٍ واقع يجب أن يعترف به الأطراف الآخرون، باعتباره تنزيلاً إلهيّاً إيرانيّاً، على غرار التنزيل الأسديّ البغيض، أيّام الوصاية السورية.

لا نريد رئيساً تفرضه علينا السلّة المتكاملة التي يقترحها رئيس مجلس النوّاب، باعتبارها الأمر الواقع البديل من التنزيل الإيرانيّ.

لم يعد عندنا أحلامٌ زائدة في هذا الشأن. لذا نكتفي بالزهيد الزهيد: نريد رئيساً يختاره – يا للأسف – النوّاب الممدِّدون لأنفسهم، وإن بأكثرية النصف زائداً واحداً.

بل بهذه الأكثرية حصراً. نريد من رئيس المجلس، ومن الهيئة العامة للمجلس، إقرار هذه الفتوى القانونية، الديموقراطية جداً، ودعوة البرلمان إلى الانعقاد اليوم، غداً، أو بعد غد، والاحتكام إلى النصف زائداً واحداً.

وليُنتخَب مَن يُنتخَب.

يا لهذه المهزلة الديموقراطية المهينة التي تمنع انتخاب الرئيس، بحجة أكثرية الثلثين.

الرجال وينن؟!

وينن النساء؟ وأصحاب الكرامات… وينن؟!

لا أبحث عن كرامات النوّاب، ولا عن كرامات الأحزاب، والأطراف، والتيّارات، والقوى، الذين تتألف منهم الطبقة السياسية المنتنة. لاعتقادي – الخاطئ ربما – أن هؤلاء تخلّوا عن الكثير الكثير مما تتصف به الكرامات من معايير ومفاهيم وقيم.

أبحث عن كرامة لبنان، عن كرامة الجمهورية، وعن كرامة الناس فيها، الذين لا يرتضون لأنفسهم، ولا لبلادهم، مثل هذا المصير.

يعزّ عليَّ أن لا أجد في خضمّ هذه الانهيارات المتتالية للأصول الدستورية، حالةً عارمةً من الغضب الوجداني الوطني، حيال ما يجري من صفقات وتسويات، حقيرة للغاية.

أقول الغضب الجمعيّ، ولا أقصد بالطبع الطريقة التي يريد بعض الأطراف استخدامها لفرض رئيس بالقوة العلنية والاستعراضية.

في هذه الغمرة المهينة، أتلفت من حولي، وتحت هذا الركام الوطني، لأجد رؤوساً مدفونة في الرمال، هي رؤوس النعامات.

أقصد هؤلاء المسترئسين الذين يشبه صمتهم الدنيء صمت أهل الكهف، منتظرين الوقت الملائم لينفضوا الرمال عن جباههم المعفّرة. تعرفونهم واحداً واحداً. وهم يعرفون أنفسهم.

فيا عيب الشؤم على هؤلاء أيضاً. لكنْ، قبل كل شيء، يا عيب الشؤم علينا.

وخصوصاً يا عيب الشؤم على جميع القوى والهيئات والجماعات والأفراد والسياسيين المدنيين، الذين يطبّلون ويزمّرون، ويشغّلون وسائل التواصل الاجتماعي، ويعدوننا بـ”الضغط الديموقراطي المنظم”، لكنهم يكتفون بالجعجعة اللفظية، وفي أحسن الاحتمالات، ينزلون إلى الشارع بأرقام جمهورية هزيلة، وبانفعالات لم تعد تعزّي أحداً، ولا تنطلي على أحد.

أيها الناس، لا نريد الرئيس بدون كرامة. نريد الحدّ الأدنى من الكرامة الوطنية. من أجل الجمهورية فقط لا غير.