عبيدة حنا: طلال الدويهي، رئيس حركة الأرض اللبنانية: لا يواجه التطرف الإسلامي إلا بمثله

208

طلال الدويهي، رئيس حركة الأرض اللبنانية: لا يواجه التطرف الإسلامي إلا بمثله
عبيدة حنا/المدن/السبت 27/08/2016

في مكتبه في بدارو، يعلّق طلال الدويهي، رئيس حركة الأرض اللبنانية، صورتين عملاقتين على الحائطين المقابلين للكرسي الذي يجلس فيه. تحوي كلّ منهما صوراً صغيرة تجمعه بشخصيات عامّة أو بموظفين في مراكز في الدولة. وزراء. نواب. أمنيون سابقون وحاليون. كرادلة. بطاركة. مطارنة. زعماء. بكوات. متموّلون. إلى آخره. ورّغم حجم “القضية الوجودية”، أي بيع أراضي المسيحيين، التي يحمل لواءها، وفقه، لا يشير الدويهي بالاسم إلى أي مسؤول. يكتفي بالقول: “الحقّ على الدولة”. يضيف: “كلهم يقولون إن الحق معنا، لكن أحداً لا يرغب في خسارة جمهوره”. كأنّ الشخصيات العامة التي يراها الدويهي أمامه في البرواز، ليلَ نهار، هي خارج الدولة التي يحمّلها مسؤولية “الجرح”، وفق تعبيره.

أزمة “وجودية”
“التصدّي للتغيير الديموغرافي، التصدّي لعمليّة قضم الأراضي المسيحيّة والعمل على خلق تشريع لحماية الأراضي المسيحيّة من البيع في لبنان”، هي الأهداف الثلاثة لجمعية حركة الأرض، التي تأسست في العام 2013 ويرأسها الدويهي مذاك. لكن عمله على ملف أراضي المسيحيين بدأ في العام 2007، أثناء وجوده في الرابطة المارونية، واستكمله بعد خروجه منها مهزوماً بسبب التكتلات المالية التي وقفت في وجه “قضيتي”، كما يقول.

يشي حديث الدويهي، وإن على نحو غير مباشر، بإغفال الكنيسة عمداً أو من دون قصد لـ”قضية”، يعتبرها “جزءٌ كبيرٌ” من الشارع المسيحي جوهرية بل “وجودية”. أما عن آليات تنفيذ الأهداف فيقول الدويهي إنّها متعددة. تبدأ بالإحصاء والتحديد والكشف عن “بيع وسلب ووضع اليد” على “الأراضي المسيحية” من أجانب أو لبنانيين، ثم تصل إلى الدعاوى القضائية التي حكم بعضها بالحق باسترداد الملكية، “لكن من دون تنفيذ في ظل تقاعس الدولة والمسؤولين المسيحيين”، وفق الدويهي. ولا تنتهي بتأمين التمويل اللازم لاستعادة الأراضي المباعة أو لبيعها لـ”أولاد الطائفة”.

وفي هذا الإطار أعدّت الحركة دراسة تفصيلية عن الأراضي هذه. ويقول الدويهي إن “المساحة التي اشتراها مسلمون من مسيحيين، بلغت 36 مليون متر و558 ألف م بين عامي 2007 و2013 و3 ملايين متر بين عامي 2013 و2016. النزيف يتحوّل إلى جرح”.

إذاً، تقسم القضية، الخارجة عن كل السياقات الاجتماعية والتاريخية، إلى قسمين. قسم متعلق باستملاك الأجانب. وقسم متعلق ببيع الأراضي المسيحية للبنانيين من غير المسيحيين. إلا أن الدّويهي يصرّ على عدم تجزئة الموضوع. فـ”القضية هي الأراضي المسيحية أياً كان الشاري. لأن الخطر واحد”. ويشير إلى خطر التطرف الإسلامي بقوله هذا، يواجه التطرف بالتطرف والطائفية كرابطة عصبية تجمع المسيحيين. “لا نخجل بذلك، التطرف مقابل التطرّف”.

والدويهي الذي يرفض الإشارة إلى المسيحيين على أنهم الأقلية، على اعتبار أن لا أرقام دقيقة ولا إحصاءات في لبنان، رغم اعترافه بـ”نسب خصوبة مرتفعة جداً لدى المسلمين مقارنة بالمسيحيين”، يشير إلى أن لا امكانية لخروج الأقليات من الذهنية الأقلوية “طالما أن الأكثرية لم تخرج من منطق الأكثرية الاستئثاري، ولا امكانية لحديث خارج الفئوية طالما أن الجميع يعمل بالمنطق الفئوي”.

الاستملاكات الأجنبية
“القصة بدأت عندما أصدر مجلس الوزراء برئاسة رفيق الحريري وبناءً على توصيته وفرق عمله مرسوماً يقضي بالغاء براءة الذمة وحق الشفعة”، يقول الدويهي. براءة الذمة التي تخوّل البلديات الحق في مراقبة بيع الأراضي وهوية الراغبين في الشراء وحق الشفعة الذي يعطي أبناء البلدة أولوية في الشراء في حال أبدى أحدهم رغبة في ذلك. التعديلات المتعددة التي جرت في الفترة عينها والتي طالت قانون تملك الأجانب سمحت باستملاك يصل إلى 3% من مساحة المدن والبلدات الواقعة خارج بيروت و10% من مساحة بيروت.

إلا أن القرارات المتخذة أقرت ببدء احتساب 10% من تاريخ القرار، كأنها صفرت العداد متغاضية عن المساحة التي أستملكت من أجانب في الفترة السابقة على العام 1997. وبالتالي، فإن مجموع الأراضي المسموح استملاكها من الأجانب يكون قد ناهز 20% من مساحة بيروت. إلا أنّ القرار الأخطر يكمن في امكانية تحويل العقار، أي عقار، إلى شركة مغفلة تُستملك عن طريق أسهم تعرف باسم “الأسهم لحاملها”. وهي تخوّل حاملها استملاك العقار من دون الحاجة أو حتى التمكن من معرفة هويته. هذه العملية، بالإضافة إلى المآخذ المالية التي تسجل عليها والمتعلقة بحرمان خزينة الدولة من رسوم انتقال الملكية عبر البيع أو الوفاة، “تكشف بيروت أمنياً وتستنزفها اجتماعياً”، وفقه.

هذا في القانون، أما في التنفيذ، فـ”حدث ولا حرج”، يقول الدويهي، الذي يشير إلى أن مسؤولية تقع على عاتق وزارة المال في المسح السنوي لنسب تملك الأجانب في بيروت وخارجها، وفي التأكد من أن المشاريع التي على أساسها تمت عملية البيع “وهي شرط جوهري لاتمامه قد بدأ العمل بتنفيذها في مهلة الخمس سنوات الممنوحة قانوناً”.