د. فارس سعيد عن النداء الموجه الى طاولة الحوار: مقتنعون بإمكانية استعادة المبادرة الوطنية لاحياء النموذج اللبناني

195

د. فارس سعيد عن النداء الموجه الى طاولة الحوار: مقتنعون بإمكانية استعادة المبادرة الوطنية لاحياء النموذج اللبناني

25 آب/16

أصدر منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد بيانا جاء فيه: ‘يحاول العماد ميشال عون ومن خلفه ‘حزب الله” إقناع المسيحيين بأن الأولوية الطائفية والمذهبية تعلو على الأولوية الوطنية لأن مشروع الوطن المرتكز على العيش المشترك هو مشروع معلق إلى أجل غير مسمى في حساب الجماعات الطائفية، خاصة في ظل تعقيدات المنطقة التي تتجه وفقا لتقديرهم، إلى مزيد من الشرذمة حتى حدود الفصل بين الطوائف والإثنيات المتنوعة.

ومن خلال هذه المعادلة يكتسب وصول عون إلى الرئاسة مثلا، أهمية طائفية كبيرة ولو كان وصوله هذا ضمانة لسلاح غير شرعي، أو مقدمة للاطاحة بإتفاق الطائف والدستور الذي ينظم العلاقات اللبنانية – اللبنانية على قاعدة قوة التوازن، بعيدا عن موازين القوى العددية أو الإجتماعية أو السياسية.

كما أن دفع المسيحيين في هذه الظروف إلى إعلاء ‘أولوياتهم المسيحية” على حساب الدستور والقانون يبرر الأولوية الطائفية التي يعلنها ‘حزب الله” ويحاول بدوره إقناع طائفته بأن الجماعة الشيعية هي في خطر وبحاجة ماسة لسلاحه وارتباطاته الإقليمية، أو أن هذا السلاح سيمكن الطائفة من إنتزاع ضمانات دستورية وقانونية وسياسية لصالحها! وإذا ما التحق الموارنة بالشيعة في وضع أولوياتهم الطائفية على حساب الأولوية الوطنية فليس هناك من مبرر أن لا تحذو الطوائف الأخرى، بالتحديد السنية، النهج نفسه.

وفي النتيجة الحتمية تنكفئ الطوائف إلى داخل حدودها في مرحلة أولى من أجل الإستعداد للاصطدام مع بعضها البعض في مرحلة ثانية، لأن الحياة الوطنية المبنية على موازين القوى هي حياة تتقلب مع تقلبات هذه الموازين، خاصة تلك التي ترتبط بتقلبات المنطقة.

لماذا وصلت الأمور إلى هذا التردي الوطني بعد أن نجحنا في إنتفاضة الاستقلال في توحيد اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، حول مطلب لبناني يندرج في سياق إتفاق الطائف، وهو خروج جيش النظام السوري من لبنان؟ لماذا يتخلى الموارنة عن أولويتهم المفضلة، والمتمثلة بالدفاع عن إستقلال لبنان وسيادة دولته، بدليل وقوفهم في وجه السلاح الفلسطيني والسوري في السابق، لصالح أولوية فرعية متمثلة بوصول أحد رموزهم إلى سدة الرئاسة؟ وما هي الأثمان التي سيدفعها الموارنة، ومعهم كافة اللبنانيين، إذا خسروا لبنان وجمهوريته وربحوا رئيسا لجمهورية محكومة بنفوذ ايراني!! ولماذا لا يحتفظ ‘حزب الله” بهامش لبناني في التعاطي مع حليفه الإقليمي، على غرار ما فعل كمال جنبلاط مع أبو عمار ومن ثم مع حافظ الأسد ودفع حياته ثمن حريته اللبنانية؟ وقد فعل مثل ذلك أيضا بشير الجميل مع جيش الاحتلال الاسرائيلي عندما رفض الإنصياع لمطالب غير واقعية تناقض ميثاق العيش المشترك اللبناني!

هي أسئلة كثيرة نطرحها على أنفسنا وقد نختلف في مقاربتها، إذ لكل منا إعتبارات قد تصلح له ولا تصلح لغيره. ولكننا في الاعتبارات الوطنية نؤكد على ما يلي:

1- إن مشاريع الغلبة التي مارستها الطوائف كافة، لم ولن تؤدي إلى بناء وطن يتساوى فيه اللبنانيون أمام القانون، لأن هذا من شأنه إفساد الشراكة الوطنية وضرب العيش المشترك.

2- لقد حاول الجميع وفشلوا في إبتكار صيغ لتثبيت مشروع غلبة على الآخرين. فتجربة الحركة الوطنية والاسلام السني مع منظمة التحرير الفلسطينية أدت إلى دخول لبنان في حرب أهلية طائفية، وتجربة التحالف بين القوات اللبنانية وإسرائيل أدت إلى إجتياح بيروت وإستشهاد بشير الجميل وإنهيار الاحلام الطائفية، واليوم يمارس ‘حزب الله” جاهدا وخلفه ايران التجربة السابقة نفسها وهو يتجه نحو خسارة أكيدة لأن حدود قوة الطائفة في لبنان تقف عند حدود الطوائف الأخرى.

3- عندما يتخلى الموارنة عن دورهم في الدفاع عن سيادة وإستقلال بلدهم ويصبح ‘حزب الله” هو جيش الموارنة للدفاع عنهم في وجه داعش، أو من أجل إيصال زعيمهم إلى مرتبة موصوفة، فإنهم يفقدون قيمتهم في هذه المنطقة إذ أن دورهم الثقافي والسياسي هو دور رائد إذا أحسنوا قراءة ما يجري، وإذا لم يفعلوا فسيتحولون إلى أقلية تافهة تبحث عن حماية مشبوهة من هنا أو هناك.

4- إن السنة اللبنانيون الذين التحقوا بالمشروع اللبناني منذ بداية القرن الماضي وثبتوا أقدامهم فيه مع إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مدعوون اليوم للوقوف في وجه التيارات الشمولية التي تغلب الانتساب إلى الهوية المذهبية السنية على حساب الهوية اللبنانية، وإلى التمسك بإتفاق الطائف نصا وروحا بوصفه إتفاق الخيار وليس إتفاق الضرورة كما يحلو للبعض تصويره.

لقد وقع حوالي 200 شخصية لبنانية نداء تحذير وجهوه إلى طاولة الحوار وتمسكوا بإتفاق الطائف والدستور. وفي قراءتنا المتأنية لأسماء الموقعين ومشاربهم المتنوعة، ما يعزز قناعتنا بإمكانية إستعادة المبادرة الوطنية الرامية إلى إحياء النموذج اللبناني، بوصفه حلا لأزمات كثيرة في مجتمعات تعددية وليس مصدرا للأزمات على ما يتوهم البعض