نبيل بومنصف: اميركا لن تحاسبكم

119

اميركا لن تحاسبكم
نبيل بومنصف/النهار/15 آب 2016

لا يحتمل الموقف العقائدي الثابت لـ”حزب الله ” من الولايات المتحدة مزاحا من نوع أي مرشح للرئاسة الاميركية هو المفضل لدى الحزب دونالد ترامب أم هيلاري كلينتون. فكلاهما لديه سيان ما دامت التصنيفات الاميركية للحزب وقانون العقوبات المالية الملزم تنفيذه لبنان نفسه ضد الحزب يشكلان العنوان البياني الكبير لحالة الصراع المستدام بين الولايات المتحدة والحزب . مع ذلك يتيح الخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله اطلالة على مواقع القوى اللبنانية ومواقفها المعلنة أو المضمرة حتى الآن من الانتخابات الاميركية . حصر السيد نصرالله هذا الجانب تقريبا في الموقع الذي يعنيه اي من بوابة اتخاذ الدعاية الانتخابية المناهضة لإدارة الرئيس باراك أوباما والمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون في اتهامهما باستيلاد داعش .

ولا نذهب بطبيعة الحال الى توسيع الهامش والاجتهاد بان ذلك يعني ان زعيم ” حزب الله ” يدعم ضمنا وصول ترامب ما دام جميع المرشحين الاميركيين يعنون له وجوها لعملة واحدة .

ولكن ما يتصل بالحزب لا ينسحب حتما على القوى اللبنانية الاخرى التي تختلف مقارباتها ومواقفها من السياسات الاميركية اختلافا قد يكون جذريا . ولكنها المرة الاولى تقريبا ان نرى تهيبا لبنانيا واسعا حيال مجريات المعركة الرئاسية الاميركية ولو اننا لا نظن ان ” حكمة ” هبطت على الافرقاء اللبنانيين وألزمتهم التحفظ عن دس انوفهم فيها تجنبا لافتضاح وانكشاف إضافيين . قد يحلو لبعضنا السخرية ، بان يشيد بهذا التهيب واحترام معايير الديموقراطية الاميركية الشديدة الوطأة على الواقع اللبناني لدى تفوه محتمل لأي فريق بما لا يتيحه له لا واقع لبنان السابح في عالم غيبوبة ديموقراطية آفلة ولا تخيل أي أثر مضحك لدس الأنوف في المعركة الاميركية .

ولكن ذلك لا يعني في المقلب الآخر ان اللبنانيين لا يجدون انفسهم مشدودين بقوة الى مفاضلة بين ترامب وكلينتون وأيهما يمكن ان يكون أفضل للبنان . ترانا نتلمس من وراء الستار ملامح انقسام لبناني لا يقل حدة عن كل الانقسامات التي تشطر اللبنانيين وقواهم حيال أي تطور دولي أو اقليمي قد تتسع تداعياته نحو ازماتنا .

وهنا لا يعود مستغربا ان تنسج الرهانات السياسية عموديا وأفقيا على المرشحين الرئاسيين بكل ما تحمله هذه المعركة من معالم طارئة وجديدة بفعل حيثيات المرشح الصاخب المثير للجدل ترامب تحديدا . ولعلنا نبحر اكثر في التوقعات ان تراءى لنا ان الاشهر الثلاثة المقبلة الفاصلة عن الموعد الحاسم للانتخابات الاميركية في تشرين الثاني المقبل ستشكل ما يمكن ان يسقط تحفظات الطبقة السياسية اللبنانية التي كلما امعنت ازمة الفراغ الرئاسي والمؤسساتي في فضحها هربت الى رهانات على استحقاقات الآخرين والرهانات هذه المرة ليست من نوع ” اذا مش بآب بأيلول”. فراهنوا وتحرروا ، وليس من سيحاسبكم في اميركا !