روزانا بومنصف/أين أخطأ الجنرال بعدم تحصين رهانه؟ عون والحريري خاسران أكبران لا يلتقيان

145

أين أخطأ الجنرال بعدم تحصين رهانه؟ عون والحريري خاسران أكبران لا يلتقيان
روزانا بومنصف/النهار/13 آب 2016

يعتبر بعض السياسيين ان تسريب محضر اجتماع كتلة المستقبل حول موضوع الانتخابات الرئاسية ومحاولة معرفة الرئيس سعد الحريري مواقف نواب كتلته كان مؤذيا لجهتين على الاقل: للرئيس الحريري الذي اظهر فتح الباب امام الاستماع الى آراء النواب انه كان لديه الاستعداد لاتخاذ قرار جديد قد يكون النظر جديا في دعم ترشيح العماد ميشال عون لو وجد ميلا الى ذلك لدى هؤلاء النواب. وهذا الاستعداد الذي قرأه البعض كما لو ان هناك كتلة متشددة مقابلة لرأيه بحيث يميل هؤلاء الى اعتبار ان الرئيس فؤاد السنيورة هو من يقف وراءها. وهذا ليس جيدا بالنسبة الى الحريري كما ان التسريب قطع عليه الطريق للتفكير مجددا في اتجاه دعم عون في ضوء اعتراض من كتلته وتاليا من القاعدة السنية علما ان الحريري كان على بينة من ذلك وسبق ان اكده لكل المتصلين به من اجل حضه على دعم العماد عون ومن بينهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. اما الجهة الاخرى التي تأذت فهي العماد عون نفسه اذ اظهر التسريب المقصود عن مضمون لقاء كتلة المستقبل والكلام على تصويت لم يحصل في الواقع ان لا دعم سنيا له وان داعميه قلة معدودة لن تغير الاتجاه لمصلحته. وفي هذه النقطة بالذات اي ما يتصل بالعماد عون، فان ثمة من يأخذ عليه بعدما اعتبر في الاشهر الاخيرة ان البلد مقبل على انتخابه في شهر آب ضامنا على نحو غير مباشر الاتجاه من الرئيس الحريري لتغيير موقفه ازاءه، انه لم يقم بفروضه على نحو جيد.

اذ انه قام بثلاثة امور لافتة لكنها غير كافية: احدها كان مشاركته في العشاء الذي اقامه السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري في مؤشر على مهادنته المملكة وزوال التوتر بينهما ومن ثم زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في عيد الفطر اخيرا من ضمن انفتاحه على الطائفة السنية وثالثا هو اعتماده الصمت الاعلامي وامتناعه عن الادلاء باي احاديث صحافية قد يتورط فيها في اي موقف لا يرغبه. والامتناع عن الكلام ليس كمن يقوم بفعل ايجابي مطمئن في حين انه كان يتعين عليه في ضوء معرفته المسبقة بمواقف الطائفة السنية ونوابها ان يقدم على مبادرات ما ومن ضمن الهامش الممكن الذي لا ينسف حظوظه مع الاخرين من اجل مساعدة الحريري على الذهاب الى تغيير موقفه في اتجاه احتمال دعم ترشيحه.

فاذا كان الرهان مبنيا على اتصالات او ضمانات غير معلنة فهذا غير كاف والاخراج يقتضي حصول مبادرات امام الراي العام تقدم مخرجا حقيقيا لما قد يعتبره كثر مأزقا قد يكون بات عليه الحريري في ضوء دعمه ترشيح النائب سليمان فرنجيه من دون نجاح لدى حلفاء الاخير في تلقف دعم ترشيحه والحاجة الى الخروج الى حل اخر. ولم يشتغل العماد عون على اطلاق مواقف او بالاحرى مبادرات مطمئنة وضامنة تذهب عكس الكثير مما ذهب اليه في السابق باعتبار ان معالجة الامور لا تتم شكليا فقط بل تحتاج الى خطوات عملية في عملية بناء تراكمية. وفي ما نقل مثلا عن مضمون لقائه مع وفد من الجماعة الاسلامية فانه كان في موقف دفاعي كما نقله هذا الوفد من تحفظات ومآخذ عليه ولذلك يعتبر هؤلاء السياسيون ان الجنرال عون قد يكون فوت فرصة لن تتكرر ولو ان هناك من يعتبر ان هذه الفرصة لم تكن يوما مؤكدة اذ ان هناك افرقاء مؤثرين آخرين غير داعمين لانتخاب الجنرال لكنهم ليسوا مضطرين لان يعلنوا ذلك ما دام تحفظ الحريري في الواجهة ويحمي مواقفهم. وثمة اكثر من مصدر سياسي وديبلوماسي يثير مسألة انه لو ان ايران مع انتخاب رئيس للجمهورية في هذا التوقيت لكانت مارست نفوذها وتأثيرها من اجل ان يتأمن النصاب لانتخاب العماد عون من دون ان يعني ذلك تخليها او تخلي ” حزب الله” عنه. وعلى رغم هذه الانتكاسة التي يسعى زعيم التيار الى تجاوزها لجهة عدم صحة رهانه على انتخابه في آب، فان مصادر سياسية من مختلف الاتجاهات باتت تجزم ان المساحة التي اتيحت في الفترة الماضية قد ذهبت ولا عودة اليها قريبا.

وفيما التوقعات بان لا تحصل انتخابات لا رئاسية ولا نيابية، فان ثمة خاسرين اساسيين في لعبة تقطيع الوقت اكثر بكثير من الافرقاء الاخرين هما الرئيس الحريري القلق على الوضع في ظل استمرار الفراغ الرئاسي وما قد يذهب اليه البلد في حال وصول موعد الانتخابات النيابية في الربيع المقبل من دون وجود رئيس ما يخشى معه ان يعاد طرح اتفاق الطائف على طاولة البحث على نحو يتوافق ومصالح عدة افرقاء على رغم الطمأنة التي قدمها الرئيس نبيه بري في هذا الاطار. وهو من هذا الزاوية قد يكون فتح باب النقاش داخل كتلته من اجل ان يبرىء ذمته ربما من خيارات لا قبل له عليها في ظل احتمال خسارته الشارع السني. ومحاولة توظيف العماد عون رغبة الحريري في اعادة اللحمة مع الشارع المسيحي والمحافظة على اتفاق الطائف كانت في محلها الى حد كبير فضلا عن محاولة توظيف وضع شخصي صعب لزعيم المستقبل. الا ان عون ايضا يعتبر خاسرا اكبر ايضا لان الوقت ثمين بالنسبة اليه ولم يعد يحتمل التأجيل خصوصا ان ثمة مشاكل داخلية ظهرت في التيار لكنها تعكس انفكاكا ايضا من حوله.