علي الحسيني: المشروع الإيراني ووقاحة.. «استغلال» المنابر

128

المشروع الإيراني ووقاحة.. «استغلال» المنابر
علي الحسيني/المستقبل/04 آب/16

من يسأل عن مفهوم وعادة إستغلال قادة «حزب الله» للمنابر وتحديداً تلك التي يمتزج فيها ألم الناس مع وقع المُناسبة على غرار ما يحصل اليوم في مناسبات «العزاء» المتنقلة من بيروت الى الجنوب فالبقاع، ما عليه إلا أن يُتابع الاسلوب الذي ينتهجه أو يتفنّن به القادة الإيرانيون في توجيه رسائلهم ضد «خصومهم» من على منابر دول عادة ما تكون مُحايدة بالنسبة الى هذه الصراعات أو في كثير من الأحيان، مؤيّدة للطرف غير الإيراني الذي يتقصّد إستغلال المناسبات الرسمية من أجل خلق بلبلة إعلامية وهو الذي تقوم سياسته في المنطقة على مبدأ «فرّق تسد».

تقوم قيامة «حزب الله» ولا تقعد على كلام أي مسؤول غربي أو عربي، لمجرد انه اعطى رأيه في قضيّة هي في رأي الحزب، داخلية، ويُطالب بتنحية مسؤول لبناني من موقعه فقط لأنه أعطى رأياً مُخالفاً لسياسته وتوجهاته وتحديداً في ما خص النظرة إلى النظام السوري والجرائم التي يرتكبها بحق شعبه. لكن في المقابل، يسقط كل هذا «الحرص» و»الغيرة» على الوطن عندما يتعلّق الأمر بتدخل مسؤول إيراني بالسياسة اللبنانية وإستغلاله المنابر الرسمية لتوجيه حقده وسمومه باتجاه دول أقل ما يُقال فيها، انها داعمة للبنان وصديقة صدوقة في الأزمات والمحن واللحظات الصعبة والعصيبة.

الإستغلال المُستجد للساحة اللبنانية من قبل القادة والسياسيين الإيرانيين، جاء أوّل من أمس على لسان رئيس «لجنة الأمن والسياسات الخارجية« في البرلمان الايراني علاء الدين بروجردي الذي خرج عن لياقة الآداب والتخاطب السياسي، فراح يوجّه من على منبر «السرايا الحكومية» إساءات ضد المملكة العربية السعودية وتوجيه اتهامات بحقها من دون الإكتراث لمشاعر أكثر من ثلثي الشعب اللبناني الذي يكن للمملكة وقادتها كل الإمتنان والعرفان بالجميل، لما كانت وما زالت تُقدّمه للبنان في جميع المواقع وخصوصاً في مجالي الإنماء والخدمات إضافة إلى المساعدات المادية والدعم السياسي، على عكس إيران التي ما زالت تُصرّ على اعتبار لبنان قاعدة عسكرية متقدمة في الشرق الأوسط لمواجهة إسرائيل، والتي لم تجلب للبنان وشعبه، سوى الإنتكاسات والخراب والموت وتحديداً لأبناء الطائفة الشيعية وذلك منذ أن زرعت بذرة فتنتها في لبنان.

لم تكن يوماً السعودية مركزا لتصدير الثورات والإنقلابات في المنطقة ولا حتّى نقطة اجتذاب مذهبي يمنح دولاً أو جماعات حق التفوّق على شركائهم في الوطن أو جيرانهم من الدول، بل كانت على الدوام نقطة التقاء تجمع الخصوم على عناوين توافقية تماما كما تعاطت مع القضيّة اللبنانيّة يوم أنهت الاقتتال بين اللبنانيين وكرّست أمنهم بالدرجة الأولى من خلال إتفاق «الطائف« الذي أصبح بمثابة دستور يلجأ اليه المختلفون في القضايا الأساسية والمصيرية والذي يُحاول حلفاء إيران في لبنان، نسفه كونه يحفظ المؤسسات الرسمية ويُبعدها عن الصراعات والتجاذبات السياسية وخصوصاً أطماع «حزب الله» الساعي على الدوام إلى ضرب هذه المؤسسات وركائزها وذلك تنفيذا لأجندة أسياده الإيرانيين، إن من خلال تفريغها، أو عبر تخريب علاقات لبنان بجواره. يجهد الإيرانيون طوال الوقت، من أجل تخريب الوضع في المنطقة وعرقلة التسويات والحوارات التي يُمكن أن تفرد مساحات من الإستقرار بين الدول الجارة. يزرع الإيراني بذور إرهابه في العراق فيُحوّل الصراع فيه إلى مذهبي وإلى تقاتل بين أبنائه على الهويّة، وهذا ما يظهر بشكل جلّي من خلال «الحشد الشعبي» الذي أنشأه لإتمام مشروعه التقسيمي. الأمر نفسه يُمارسه في اليمن حيث يقوم بتسليح جماعات خارجة على القانون لا تجمعه بهم سوى المصالح الآنية وحثّهم على الإنقلاب على الدولة، ثم يمدهم بالسلاح والدعم المادي ليعود ويتهم دولاً عربية بأنها داعمة للإرهاب وللإنقلابات في المنطقة. والأمر نفسه تعتمده إيران في سوريا، وفي لبنان. وهي التي حاولت خلال الأشهر الماضية، أن تؤسس في هذا البلد، «حشداً شعبياً« شيعيا في مواجهة الشعب السوري، لكن وعي اللبنانيين وحكمتهم، قتلا هذا المشروع في مهده. من نافل القول أن السياسة الإيرانية المُتبعة، تقوم على الإستعلاء والمُكابرة والتعاطي الفوقي مع الدول «الجارة»، ولذلك ليس غريباً عنها إعتماد سياسة التخريب فيها، سواء بشكل مُباشر أو من خلال «حزب الله» ذراعها التخريبي في المنطقة. ولكنها في لبنان، سوف لن تجد من ينصاع لا إلى رغباتها ولا إلى إرهابها، ففي لبنان شعب يُصرّ على نبذ الفتن وعلى هويّته العربية. لكن مقابل هذا الإصرار اللبناني، يبرز دهاء إيراني يقوم على المقولة التالية: لن نخسر شيئاً في حال تمكّنا من ضرب العرب بالعرب وتحديداً على أرضهم، فإذا ربح حلفاؤنا نكون قد انتصرنا، وإذا خسر العرب تكون الخسارة لكل العرب.