عقل العويط: تحيّة إلى كلٍّ من زياد عبس وأنطوان نصرالله ونعيم عون، وإلى جيل عرمرم من المجهولين والمعلومين الأحرار الأنقياء… المستبعَدين!

160

تحيّة إلى ثلاثة “مطرودين”
عقل العويط /النهار/2 آب 2016

هذا المقال ليست له غاية “سياسية” أو شخصية ضيقة. فهو ليس موجَّهاً ضد القيادة الحزبية التي فصلت ثلاثة مناضلين يعرفهم الرأي العام جيداً. علماً أنّي أستخفّ عموماً بالقيادات السياسية والحزبية والطائفية والميليشيوية على أنواعها، فكيف لا أستخفّ بها إذا حدّثتها الخَسّة التي تكبر في الرأس، أن تؤلّه ذاتها، بإصدار الأحكام السلطانية، وكمّ الأصوات، وإحكام القبضة التنظيمية التي تلغي الرأي الآخر، أيّاً يكن هذا الرأي الآخر. المقال لا يهدف في المقابل إلى ممالأة المفصولين الثلاثة، والتودّد إليهم. هؤلاء الثلاثة، وغيرهم كثرٌ – معلومون ومجهولون – بالتأكيد، يكفيهم شرفاً وفخراً أنهم يجهرون بما يؤمنون به، وإنْ تسبّب لهم ذلك بإغضاب مَن لا يجوز إغضابهم، وأدّى إلى إخراجهم من الجنّة الحزبية. لا أستطيع أن أُخفي احترامي لجيلٍ نقيّ من مؤيّدي “التيار الوطني الحرّ”، ومن مؤيّدي “الجنرال” خصوصاً. إذا ليس لسبب، فلكونهم أنقياء، وأحراراً، وأصحاب كرامة، وإنْ كنتُ أخالفهم الرأي الفكري والسياسي في هذا النوع من الانتماء الذي يصبّ، في رأيي المتواضع جداً، حيث تماماً لا تشتهي سفن قيمهم وأحلامهم. هذه مسألة لا تقتصر على الحزب المذكور، ولا على قيادته التاريخية أو “المستجدّة” فحسب، بل تجعلني أجاهر بأن لا مكان للأحرار والمثقفين العضويين والنقديين في التنظيمات “السلطانية” عموماً، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تلك التي يستخدم قادتُها “الديموقراطيةَ” لترسيخ نفوذهم، ونفوذ أتباعهم، لا لتوليد مجتمع مدني، علماني، حرّ، خلاّق، ومتنوّع. ذلك أن أولويات هذه التنظيمات تبتغي في جوهرها – بدون تبسيط طبعاً – نسف المعايير والقيم التي ينادي بها الأحرار، وإنْ رفعت شعاراتهم، وبذلت دماءً غالية لإعلاء شأن هذه الشعارات.

المجتمع المدني يحتاج إلى المطرودين والمفصولين والمعزولين والهامشيين والمستبعَدين، أكثر مما يحتاج إلى الملتحقين بالسلطان وحاشية السلطان ووارثي السلطان والمقرّبين منه. في الغالب الأعمّ، يكون هؤلاء “السلطانيون” إما من أهل الفساد والانتهاز واقتناص الفرص، وإما من أصحاب العقول المسكّرة، المتحجّرة، الضيّقة الأفق. النتيجة واحدة: الاغتيال المعنوي، قصداً أو عفواً، للأنقياء والنقديين الأحرار، أصحاب الأفكار والآراء المخالفة والمختلفة. كنتُ على هامش كتابة هذا المقال، قد وقعتُ على خبرٍ نافر، مفاده أن أحد هؤلاء المغضوب عليهم، قد نال من الأصوات في الانتخابات الحزبية التي جرت قبل يومين، ما يمكّنه من أن يكون صاحب قرار في الحزب لا أن يقع عليه الحكم بالطرد. تحيّة إلى كلٍّ من زياد عبس وأنطوان نصرالله ونعيم عون، وإلى جيل عرمرم من المجهولين والمعلومين الأحرار الأنقياء… المستبعَدين!