اميل خوري:الأقطاب يؤكدون عجزهم إذا فشل حوار آب فهل تتولى دول شقيقة وصديقة إيجاد حل؟

177

الأقطاب يؤكدون عجزهم إذا فشل حوار آب فهل تتولى دول شقيقة وصديقة إيجاد حل؟
اميل خوري/النهار/29 تموز 2016

ما العمل إذا فشل حوار الاقطاب مطلع آب المقبل في التوصل الى اخراج لبنان من أزمة الانتخابات الرئاسية التي أخذت تولّد أزمات قد يصبح من الصعب الخروج منها فيذهب لبنان الى المجهول لا سمح الله؟!

الواقع أن هذا الحوار إذا فشل وظل النقاش فيه يدور في حلقة مفرغة، فإن الاقطاب يكونون قد أكدوا عجزهم عن صنع رئيس للبنان لأن إرادة بعضهم ليست حرة ومستقلة، وبات عليهم الاستعانة بخارج كي يصنعه لهم أو أقله تجميع قطعه المصنوعة في بلد المنشأ في لبنان ليأخذ ولو في الظاهر شكل “اللبننة”، وهو ما كان يحصل عند انتخاب رؤساء سابقين لأن لبنان لم يصنع وحده، ولا مرة، رئيساً له، حتى ان الرئيس سليمان فرنجية تلقى عند انتخابه دعماً سوفياتياً خفياً للحؤول دون فوز منافسه الياس سركيس.

لقد اختلف تدخل الخارج في الانتخابات الرئاسية اليوم عنه في الماضي، إذ كان هذا التدخل يقتصر على دعم مرشح ضد آخر ولم يكن مرة تدخلاً لتعطيل انتخابه كما هو حاصل اليوم خلافاً للدستور وللنظام الديموقراطي، وهو تعطيل عجز لبنان عن وقفه لعدم الاتفاق على حسم الخلاف حول الزامية حضور النائب، فلم يعد سوى الخارج الذي له تأثير على ايران كي تفك أسر الرئاسة في لبنان، فلا يظل “حزب الله” متمسكاً بترشيح العماد ميشال عون، لا لانتخابه رئيساً بل ليبقى وسيلة لتعطيل نصاب الجلسات، ولا يظل “التيار الوطني الحر” يصر على ترشيحه بحجة أنه الأكثر تمثيلاً للمسيحيين. في حين ان الدستور يقول بانتخاب رئيس بالاكثرية النيابية وليس بالأكثرية الشعبية ما لم يتم تغيير الدستور بجعل انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة، والى ان يتم ذلك ينبغي احترام الدستور الحالي.

والسؤال المطروح هو: أي ثمن تطلبه ايران لتسهيل اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان؟ ثمة من يقول إنها تطلب بقاء الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا ويكون جزءاً من أي حل فيها. وثمة من يقول إنها تريد بقاء السلاح في يد “حزب الله” في ظل أي رئيس لبناني لأن له دوراً لم ينته بعد. وفي كلا الحالين يصبح لبنان في دائرة النفوذ الإيراني وطرفاً في صراع المحاور المحتدم في المنطقة، وهو ما لا تستطيع تركيبته السياسية والمذهبية الدقيقة تحمّله. وثمة من يقول إن إيران تريد رئيساً يغير اتفاق الطائف وذلك استناداً الى ما دعت اليه صحيفة “كيهان” الايرانية المقربة من المرشد الأعلى للثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي قبل أكثر من ثلاث سنوات، فكتبت تقول: “في ظل النظام الاستراتيجي الجديد الذي برز في الشرق الأوسط صار واجباً أن يكون للشيعة في لبنان وليس للشيعة اللبنانيين أكبر حصة في المؤسسات الحكومية والرسمية. لهذا من الضروري تغيير هذه المؤسسات (…)

وأول ما يجب تغييره هو اتفاق الطائف (…) فالشيعة يمثلون 40 في المئة من السكان في لبنان و40 في المئة من الأرض اللبنانية، وهم المجموعة الأكثر وحدة وتوحداً فيه، وصارت قوتهم العسكرية الأقوى في المنطقة. لهذا كله يجب أن يكون لهم التمثيل الأكبر والأوسع في الحكومة وفي البرلمان وفي المؤسسات اللبنانية كافة”. وكتبت صحيفة “الرسالة” الايرانية في التاريخ نفسه تقول: “بعد الانتصار البطولي لحزب الله (اشارة الى حرب تموز 2006) تغيّرت كل الظروف في لبنان وفي الشرق الأوسط، وصار دور حزب الله أكثر أهمية، وان حكومة السنيورة المعتمدة على الجمهوريين في واشنطن تحاول عبر السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان اضعاف قوة حزب الله وتكرار إلصاق صفة الارهابيين بمقاتليه وتكثيف الحرب النفسية على قادته”.

وكتب حسن هانيزاده افتتاحية “طهران تايمس” التي تنقل عادة وجهة نظر الخارجية الايرانية والمقربة ايضاً من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي: “إن رفض تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان سيؤدي الى صدامات داخلية تضع لبنان أمام تحديات محلية وخارجية خطيرة في المستقبل القريب جداً”. وختمت بالقول: “في اليوم التالي على ذلك اغتيل وزير الصناعة اللبناني الشيخ بيار أمين الجميل مما دعا المراقبين الى التساؤل علناً وعلى مسامع المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين: هل هي مصادفة؟ وجاء الجواب بالتواتر: لا يمكن أن تكون كذلك”… اذا كان هذا هو موقف ايران في لبنان ومن لبنان قبل توقيع الاتفاق النووي، فهل يستمر هذا الموقف بعد توقيعه، ولا يستطيع لبنان الضعيف تغيير هذا الموقف الا اذا أراد ذلك أشقاؤه وأصدقاؤه، ولا سيما أميركا وروسيا، لأنهم قادرون اذا كانوا راغبين ليصبح اخراج لبنان من أزمة الانتخابات الرئاسية اختباراً لصدق هذه الصداقات.