فارس سعيد للمسيرة: حزب الله يريد الدولة ولا يطمئنه عون ولا فرنجية

261

 فارس سعيد لـ”المسيرة”: “حزب الله” يريد الدولة ولا يطمئنه عون ولا فرنجية
موقع القوات اللبنانية/02 حزيران/16

صباح يوم الجمعة 24 حزيران كان منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد ضيفاً في “المسيرة”. كان الحدث ظهور نتائج الاستفتاء البريطاني التي أتت مؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي. على وقع هذه النتيجة كانت بداية الحوار مع الدكتور سعيد الذي رأى أنها بداية انهيار للاتحاد الأوروبي لن تقل أهمية عن انهيار الاتحاد السوفياتي.لبنانيًا اعتبر سعيد أن 14 آذار بنسخة 2005 انتهت، وأن أزمة الرئاسة مستمرة لأن “حزب الله لا يكتفي بأن تكون ضمانته في الرئاسة حتى لو كان سليمان فرنجية أو الجنرال عون في قصر بعبدا. أكثر من ذلك إنه يريد أن تكون الدولة ضماناً له ولذلك هو يسعى لوضع يده على الدولة والإبقاء على سلاحه.
في 27 حزيران حصلت تفجيرات القاع الانتحارية. كان لا بد من تتمة للحديث مع الدكتور فارس سعيد. رأيه لا يتبدل ولا يتغيّر. المشكلة الأساسية تبقى في سلاح “حزب الله” والمطلوب توسيع نطاق القرار 1701 ليشمل كامل الحدود اللبنانية.
ماذا جاء في وقائع الحوار الشامل معه؟ (حاوره: نجم الهاشم، شارل جبور، د. فادي الأحمر).

*هل هذه بداية نهاية الاتحاد الأوروبي؟
نعم. ما حصل في إنكلترا سينتقل بالعدوى الى كل اليمين الأوروبي لأنهم سيعتبرون أن وجودهم داخل الاتحاد سيكون مكلفاً أكثر من الخروج منه. وإضافة الى السبب الأمني هناك سبب اقتصادي. البريطانيون يعتبرون أن لديهم 3 مليون أوروبي يعملون عندهم مقابل مليون و 200 ألف بريطاني يعملون في أوروبا. بعد الأزمة الاقتصادية التي حصلت في العام 2008 بدأت أوروبا منذ العام 2012 تعيش أزمة النزوح من العالم العربي والإسلامي التي أدت منذ العام 2013 الى تصدير العنف الى الداخل الأوروبي. اليوم الأزمة السياسية المتفاقمة تضعهم أمام خيار البقاء معًا لإيجاد الحلول أو خيار الانفصال لتبحث كل دولة عن الحل الخاص بها. طبعًا هذا مسار لن يحدث بين ليلة وضحاها بل سيكون طويلاً. العالم الغربي صار يعيش همومًا كبيرة. الناخب المسلم في أوروبا مثلاً لم يعد مسألة عابرة. قبل خمسين عامًا لم يكن هناك ناخب مسلم. كان هناك إنسان مسلم يعيش في أوروبا أو عامل مسلم يقوم بالأعمال التي لا يقوم بها الأوروبيون. اليوم صار الناخب المسلم مؤثرًا في الحياة السياسة وصار منتخِبًا ومنتخَبًا أيضًا. في أميركا الوضع يختلف عن أوروبا، وهناك قدرة أميركية على الإمساك بالاقتصاد العالمي. أكثر من ذلك العولمة خلقت نظامًا قضائيًا عالميًا. قبل العام 2005 لم نكن نسمع بشيء إسمه محكمة دولية. اليوم صرنا نسمع بمحاكمة دولية في جرائم كثيرة ولكن لأول مرة مثلاً تنشأ محكمة دولية تتعلق بشخص تم اغتياله في عملية إرهابية هو الرئيس رفيق الحريري. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبعد علامات التعب على الاتحاد الأوروبي تترسخ أكثر وأكثر أحادية الزعامة الأميركية. وإذا وصل دونالد ترامب ما بعرف شو بيصير.

* لماذا لم ينتج الطائف دولة قوية؟
بسبب السلاح. ليس صحيحًا أن فشل الطائف هو بسبب عناصره إنه بسبب التدخل الذي يمنع تنفيذه مرة بالوصاية السورية ومرة بسلاح “حزب الله”، وإلا نكون نذهب الى حيث يريد الرئيس نبيه بري بحيث لا نحكي بمشكلة السلاح بل بمشكلة النظام. ما في مشكلة نظام حقيقية في لبنان. وإذا كانت فعلاً موجودة فهي تحل عبر حوار داخلي وبتسوية وبوفاق لبناني لبناني ولا يمكن أن تحل إذا كان هناك طرف يضع سلاحه على الطاولة مقابل طرف أعزل من السلاح. يجب أن نكون متساويين ليكون الحوار متوازناً. “حزب الله” يحمل هموم “فوق وطنية” ويطالب الدولة بتأمين الخدمات ويترك لنفسه قرار السلم والحرب. كيف هالقصة؟ إنت ما بتقدر تشيل عن كتفك مسؤولية الخدمات وتحطها على كاهل الدولة العاجزة أصلاً. حتى الدستور الأميركي مش ممكن يمشي إذا كان في بأميركا جيشين.

*في ظل هذا الوضع هل هناك مخرج للأزمة الداخلية أم سنبقى ننتظر ما سيحصل في المنطقة من دون رئيس ومع هذه الحكومة المشلولة ومن دون انتخابات نيابية حتى؟
لا رئيس ولا حكومة ولا انتخابات نيابية ربما.

*حتى لو وصلنا الى حزيران 2017 تاريخ انتهاء الولاية الممددة لمجلس النواب؟
هناك أمران يمكن أن يغيّرا الوضع. الأول أن يقدِّر “حزب الله” ومن ورائه إيران أنه قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في خريف 2016 يمكن انتخاب رئيس للجمهورية موالٍ لهما، وبعد الانتخابات قد تكون هناك صعوبة في ذلك. هذا التقدير بيد إيران و”حزب الله” اللذين أرادا استخدام ورقة رئاسة الجمهورية في لبنان لتحسين وضعهم في المفاوضات مع الأميركيين. الأميركيون يحكون مع الإيرانيين من دون أن تكون رئاسة الجمهورية في رأس أولوياتهم ومن دون أن يكونوا مستعدين لدفع ثمن هذه الورقة لإيران. الأميركيون يعرفون أن عملية الاستقرار في لبنان رهن عملية استكمال بناء الدولة. إذا انهارت عملية بناء الدولة قد يكون الاستقرار يتعرض للاهتزاز. وهم يعرفون والإيرانيون يعرفون أن واشنطن لديها مصلحة في استمرار الاستقرار في لبنان لاستيعاب النزوح السوري. عم يلعبوا على هالوضع. إيران تحاول أن تحصل من واشنطن على الثمن الذي تريده من خلال تأمين انتخاب رئيس وواشنطن لا تريد أن تدفع أي ثمن. لذلك قد يكون المخرج إدراك إيران أن من مصلحتها انتخاب الرئيس قبل التبدل في الإدارة الأميركية وربما إذا زادت حظوظ ترامب أن يتم تسريع المسألة.

*عندها يمشون بأي رئيس؟ يذهبون الى خيار العماد ميشال عون؟
أعتقد أنهم يذهبون الى خيار جديد لأنهم لا يستطيعون أن يقطِّعوا خيار ميشال عون ولا بقا يقطع سليمان فرنجية. فرنجية كان ممكن يقطع بأول شهر بعد دعم الرئيس سعد الحريري له، وأعتقد اليوم ما بقا يقطع.
الاحتمال الثاني الذي قد يسرِّع انتخاب الرئيس هو تبدل الأوضاع الميدانية في سوريا. لماذا؟ لأن “حزب الله” مضطر أن يدير ملفات عديدة. لديه مأزق قضائي مع المحكمة الدولية. يواجه مشكلة مالية مع قانون العقوبات، ومشكلة إسلامية مع الجو السني ضده. ويواجه مشكلة مع العرب بسبب حربه في سوريا ومشكلة إقليمية في ما يتعلق بأمن إسرائيل ومشكلة وطنية لأنه لم يعد مقنعًا بأنه عامل استقرار داخلي وصار اللبنانيون يلمسون كلفة خياراته يومًا بعد يوم، وقد تكون مسألة عدم تسهيله انتخاب العماد ميشال عون خطوة في هذا الاتجاه. هنا أعتقد أن من مصلحة “حزب لله” عدم انهيار الدولة والتسريع بانتخاب الرئيس. ولكن في حديث للسيد حسن نصرالله في جريدة “السفير” في العام 2014 حكى عن “سرايا المقاومة” في المناطق المسيحية وكان ذلك نتيجة حوارات بينه وبين العماد ميشال عون. بحسب معلوماتي أن العماد عون اعتبر أنه عندما يكون العالم كله ضدك عليك أن تصمد وتستمر في الرفض، وأن “القوات اللبنانية” عندما سلمت سلاحها الى دولة اعتبروها صديقة تبيّن بعدها أنها لم تكن كذلك ولم تكن ضمانة، بعد أربعة أعوام تم حل “القوات” وأدخل قائدها الى السجن. يعني إذا كنت تريد ضمانتك لا يكون ذلك من خلال انتخاب رئيس للجمهورية فقط بل من خلال خلق دولة صديقة، وبالتالي إذا كان “حزب الله” يريد ضمانة لمرحلة ما بعد عودته من سوريا إذا اضطر لذلك وفي ظل مواجهته للمحكمة الدولية والعقوبات الأميركية المالية، وإذا كان عليه أن يسلم سلاحه فلا يمكنه أن يفعل ذلك إلا لدولة صديقة. وبالتالي ما يريده “حزب الله” ليس فقط ضمانة رئيس قريب منه إسمه عون أو سليمان فرنجية بل إحداث تغيير بنيوي في النظام اللبناني بحيث تصبح هذه الدولة اللبنانية بيئة حاضنة له في القانون والعسكر والأمن وكل شيء لمصلحته وسلامته. عم تطلب من ميليشيا تسلم سلاحها لدولة مش مأمنتلها وبالتالي شو عم يقول الحزب؟ عم يقول هيدي الضمانة اللي عم تعطوني ياها “عضمة”. الضمانة التي أريدها تفوق ضمانة رئيس الجمهورية. اصطدم الروس والإيرانيون حول خياراتهما السورية واصطدم “حزب الله” مع النظام في حلب. لو رئيس جمهورية لبنان إسمه سليمان فرنجية شو بيعمل للحزب حتى لو كان قاعد ببعبدا؟ طلع قانون العقوبات المالية الأميركية على “حزب الله”. طيب لو ميشال عون رئيس جمهورية لبنان وراح يشهد بالكونغرس الأميركي كما فعل بالـ2004 وقال للأميركيين أنا رئيس جمهورية لبنان وهيدا الحزب متل السكّر لا بيقتل ولا تكفيري وماليته نظيفة وشأن لبناني داخلي نحن نحله وما يهمكم من هالموضوع ما تحطوا عليه عقوبات. شو كانوا قالوا له الأميركان؟ هيدي الطيارة اللي جيت فيها رجاع طلاع فيها ورجاع على لبنان. وبالتالي ما يطلبه “حزب الله” يفوق الضمانات التي أعطيت له. هو يريد تحديد مفهوم الاستراتيجية الدفاعية. صار في تسليم بأنو لولا “حزب الله” لما تحرر الجنوب. ورجع صار في تسليم بأنو “حزب الله” حاميكم حتى ما يتمشى أبو بكر البغدادي بجونية. إذا هيدا التسليم عطيوا لـ”حزب الله” وما حدا اعترض إلا بعض الأصوات، وإذا كان صحيح إنو “حزب الله” حامي لبنان من إسرائيل ومن التكفيريين لشو إنت بدك تضلك قايد جيش؟ ليش قيادة الجيش ما بينعمل فيها تبديل حتى إذا بدي سلم سلاحي لهذا الجيش ما يكون هالجيش عم يروح يعمل دورة أركان بـ”وست بوينت” بأميركا أو بـ”سان سير” بفرنسا. بدنا جيش يروح يعمل دورة أركان بالحرس الثوري الإيراني حتى إضمن إنو هالجيش جيش صديق مش جيش بينقلب عليي متل ما انقلب على غيري، مش جيش بيتبدل مع تبدل موازين القوى.

*إذا وصلنا الى أيار 2017 وتقرر إجراء الانتخابات النيابية…
على قانون الستين.

*لماذا؟
لأن قانون الانتخابات ليس نتيجة نقاش داخلي في لبنان. أي غالبية نيابية تأخذ لبنان في اتجاه معيّن في المنطقة، وبما أن الوضع غير محسوم بعد ما رح تنحسم بلبنان قضية قانون الانتخاب. لذلك القوى الإسلامية والقوى المسيحية رح تشارك بالانتخابات على أساس الستين حتى لو اعترضت. ما رح تصير مقاطعة متل سنة 1992. إذا رايحين على انتخابات تحالف “عون ـ حزب الله” أكيد. تحالف عون ـ قوات” ممكن. تحالف “عون ـ قوات ـ حزب الله” مستحيل. تحالف “قوات ـ مستقبل” أكيد. “عون ـ قوات ـ مستقبل” مستحيل. حتى لو جبنا 64 نائب وبقي موضوع السلاح قائم بالبلد ما رح يتغيّر شي.

*”تيار المستقبل” لا يزال يعتبر أن لا انتخابات نيابية قبل الرئاسية.
إذا وصلنا الى أيار 2017 من دون انتخاب رئيس رح يغيِّر فكرو ويروح عالانتخابات.

*حتى لو صارت الانتخابات النيابية ممكن ألا تحصل انتخابات رئاسية؟
صحيح. وحتى ممكن تعمل انتخابات رئاسية وألا يتغيَّر الوضع لأن ما يطلبه “حزب الله” من الدولة مش قادر تعطيه ياه. هو يريد كل الدولة مش رئيس جمهورية وقانون انتخاب.

*في لحظة معيّنة هل يمكن أن تعود 14 آذار الى 14 آذار 2005 ضد سلاح “حزب الله”؟
نعم.

*في أي إطار تضع العمليات الانتحارية في القاع؟
هذه العمليات تؤكد مرة أخرى أن حماية الحدود اللبنانية ـ السورية يجب أن تكون تحت حماية الجيش اللبناني بمؤازرة القوات الدولية تنفيذاً لما نص عليه القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد حرب تموز 2006 وأكد على بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وحقّها بالاستعانة بالقوات الدولية لحماية الحدود والمعابر البرية والجوية والبحرية، الأمر الذي حال “حزب الله” دون استكمال تنفيذه. ولذلك إن أي تفريع للمسؤوليات الأمنية وأي محاولة لتكريس أدوار عسكرية محلية خارج إطار الجيش اللبناني كـ”سرايا المقاومة” يعتبر انزلاقاً في الطريق غير الصحيح، وما يجب أن نطالب به هو أن يبقى أمن الحدود وأمن الداخل تحت سلطة الدولة والجيش والقوى الأمنية وصولاً حتى الى التعاون مع قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية.

*هل كانت القاع هي المستهدفة؟
لا تفسير لدي لما حصل في القاع. هل كانت هي الهدف أم غيرها، أترك الأمر للتحقيقات الأمنية لكشف حقيقة ما حصل وتحديد الجهة التي أتى منها الانتحاريون والجهة التي كانوا يقصدونها. ولكن من المؤكد أن الإرهاب يضرب أينما كان من دون تمييز بين مسيحي ومسلم وهذا العنوان يشغل العالم كله من الولايات المتحدة الى أوروبا والصين وروسيا، وهذا العالم يرفع شعار محاربة هذا الإرهاب وشكل تحالفاً دوليًا لمقاتلته ومن مصلحة لبنان كله وأهل القاع أيضًا أن يكونوا ضمن هذ التحالف وليس ضمن تحالف “سرايا المقاومة”، لأن مقولة أن “داعش” يقتل و”حزب الله” يحمي خاطئة وساقطة. ولذلك على الحكومة ألا تكتفي بالاستنكار وإعلان الحداد الرسمي، عليها أن تجتمع استثنائيًا وأن تطلب من الأمم المتحدة رسميًا توسيع نطاق تطبيق القرار 1701 لإرسال قوات دولية لضبط الحدود ومؤازرة الجيش اللبناني ومنع انتقال المسلحين بين لبنان وسوريا، وقد كانت تجربة إقامة أبراج المراقبة بمساعدة بريطانية محاولة نجاحة على هذا الصعيد، وإذا أردنا أن يبقى الاستقرار في لبنان ونمنع انتقال الفتنة السورية إليه ليس أمامنا إلا هذا الطريق. فقد سقطت أيضًا مقولة أن “حزب الله” يحمينا عندما يحارب في حلب وثبت أن تدخله في سوريا هو الذي ينقل الخطر الى لبنان.