محمد سلام: الفدرالية سقطت، مرحلة التقسيم بدأت…وداعاً لبنان

258

الفدرالية سقطت، مرحلة التقسيم بدأت…وداعاً لبنان!؟
محمد سلام/الصدارة نيوز/24 حزيران/16

تجربة الفدرالية، أي الدولة الواحدة التي تضم ولايات تتمتع بحكم ذاتي، سقطت في العراق، والمنطقة من الفلوجة إلى حلب تتجه إلى التقسيم فيما “الدولة اللبنانية” فقدت سلطاتها، من الرئاسة الشاغرة إلى الحكومة المبعثرة مروراً بالمجلس النيابي المعطّل، ولا ينقذها من التفتت إلا إعلانها “دولة فاشلة” ووضعها تحت إنتداب أممي حتى يتم الإتفاق على دور لها بعد تحديد “شكل” دول الهلال.

الفدرالية العراقية، أي تجربة الحكم الأولى بعد إسقاط مركزية دولة البعث الصدامي، سقطت هي وفدرالية أقاليمها الثلاثة: الكردي في الشمال، والسني في الوسط، والشيعي في الجنوب، إلى درجة أن مسرور بارزاني الكردي صار يطالب علناً بكونفدرالية على شاكلة الإتحاد الأوروبي تضم 3 دول مستقلة، تجمعها فقط عملة واحدة، بدلاً من الأقاليم الثلاثة التي كان من المفترض أن تجمعها عملة واحدة، سياسة خارجية واحدة، وجيش واحد.

إيران أرسلت قاسم سليماني إلى حلب، لا لإنقاذ عسكرها المصاب بهزيمة مذلّة، بل لقيادة التحرك جنوباً وملاقاة جنوده “المتقدمين” من الفلوجة عند الحدود العراقية-التركية في منطقة القائم-عكاشات بعد دحر الوجود السني في العراق الأوسط وسوريا الوسطى. هذا ما تأمله إيران بغض النظر عما إذا كانت ستتمكن من تحقيقه.

إذا تمكنت إيران من وصل “سوريتها بعراقها” يكون التقسيم قد تحقق وصار واقعاً، ويكون تنظيم الدولة الإسلامية، الذي حاول وصل سنة العراق بسنة سوريا قد فشل. إذا نجح قاسم سليماني تكون نهاية العرب السنّة في الهلال الخصيب، ويكون الهلال الشيعي قد صار حقيقة.

المعركة طويلة، بل طويلة جداً ونتيجتها الوحيدة المحسومة منذ الآن هي أن دولة العراق قد زالت وما وجود حكومة حيدر العبادي إلا مشهد هزلي من مسرح دمى، ودولة سوريا قد زالت وصورة بشار الأسد في قاعدة حميميم مجتمعاً إلى وزير الدفاع الروسي تعلن بما لا يقبل الشك والإجتهاد نهاية دولة النظام غير النجيب.

أما دولة لبنان فلا يشهد على فشل سلطاتها أكثر من رفض الوزير سجعان قزي قرار حزبه بالإستقالة من الحكومة، لا تمسكاً بالحكومة التي يعترف هو بأنها عاجزة، بل ربما تمسكاً بمقعد وزارة “إجازات” العمل نظراً لأهميتها في تسيير أعمال اللبنانيين.

أما ما يطرح من “سلال” لإستنهاض الدولة اللبنانية الفاشلة، سواء أكانت كاملة أم منقوصة، فجميعها مثقوبة لا تستطيع أن تجمع في قعرهاما يكفي من ماء لري حقل يرفض الزرع أن ينبت فيه لكثرة ما تلوثت تربته ما يقتضي إستصلاحها قبل حرثها.

والإستصلاح لا تستطيع دولة فقدت سلطاتها أن تقوم به، لا على مستوى الإتفاق على قانون إنتخابات ولا على مستوى إنتخاب رئيس للجمهورية، إذ أن المطلوب أولا أن يتم تحديد طبيعة هذه الدولة كي يتم تأمين مستلزماتها (سلطاتها) لاحقاً.

لذك فإن الخيار الأمثل للحفاظ على “جميع مكونات” هذا الكيان اللبناني من أن تنتقل إليها عدوى “التقسيم بالدم” الجارية على ارض السورية-العراقية هو إعلان الجمورية اللبنانية “دولة فاشلة” ووضعها تحت رعاية إنتداب جديد، وفق ما يطرحه البعض، الى حد نشر “قوة دولية” قادرة على إقفال حدودها في جميع الإتجاهات، وتحويل البلد بجميع سكانه إلى “محمية إنسانية” يمنع كل هواة القتل من ممارسة “الصيد” على أراضيها، بإنتظار حسم صراعات التقسيم في الإقليم، على أن يبنى بعدها على الشيء مقتضاه.

أخطر ما يواجه الكيان اللبناني الآن هو أن تنتقل إلى أراضيه حرب تقسيم سوريا، بغض النظر عمن يفوز فيها، أو في إحدى مراحلها، فإذا فاز محور سليماني فإنه حتما سيلاقي قواته الموجودة في لبنان أصلا والممثلة بحزب حسن، وإذا شن ثوار سوريا حرب “شبكة جبهات” على قوات سليماني وصاروا هم على الجانب السوري من حدود لبنان فإنهم سيلاحقون المهزومين الهاربين إلى لبنان.

كل المبادرات المحلية في لبنان هي من صنف “تطريز الكلام” قد يكون لبعضه صورة جميلة، لكن قماشاته كلها هشّة لأن نسيجها مكوّن من صفقات تجارية لا من مصالح وطنية.

كي يبقى كيان لبنان … وداعاً دولة لبنان……