صبحي أمهز: من ينعى 14 آذار

172

من ينعى “14 آذار”؟
صبحي أمهز/المدن/09 حزيران/16

يقتصر، منذ مدّة، ذكر اسم “14 آذار” كتحالف قوى في سياق تأكيد هذا الفريق أو ذاك، ولاسيما “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل”، أنّه ما زال حليف “الآخر” ضمن “14 آذار”. باستثناء ذلك لا ذكر لهذا التحالف، فيما اختفت الأمانة العامّة من المشهد. مع تردد خبر صغير عن “تغريد” منسّقها النائب السابق فارس سعيد خارج السرب طامحاً إلى تشكيل قوة سياسيّة أو لائحة تخوض الانتخابات على معظم الأراضي اللبنانيّة، كاستمرار، من جهته وبعض حلفائه، لنهج “ثورة الأرز” و”العبور إلى الدولة”.

يحصل ذلك، فيما يلعب الحزبان الأقوى في ذاك التحالف، “14 آذار”، كل لوحده في ساحته المذهبيّة وضمن خريطة سياسيّة مستجدة. وكان قد سبقهما النائب وليد جنبلاط في الخروج من التحالف إلى خريطة خصوصيّة أخرى.

ثمة اليوم، بعد المسار السياسي الطويل منذ 2005، وبعد الانتخابات البلدية التي خلطت الأوراق وخاضتها قوى تحالفي “14 و8 آذار” متحالفة هنا ومتخاصمة هناك، حديث ينعى “14 آذار” كتحالف. ولعل “حركة” فارس سعيد التي لم تتضح ولم تتبلور بعد واحدة من الإشارات إلى ذلك وإلى “تحرر” القوى الأخرى فيه، غير “القوات” و”المستقبل”، من قيود هذا الارتباط السابق بحثاً عن استمرار وآفاق جديدة أو ساحات ولو كانت صغيرة ومحدودة وسط احتلال المشهد السياسي من جانب القوى الكبرى، سواء من مكوّنات “8 آذار” أو تلك التي “خرجت” من تحالف “14 آذار” لكنّها ما زالت تردد، قولاً فحسب، أنّها مستمرّة فيه.

عضو “تجمع لبنان المدني” مالك كامل مروة واحد من أولئك المنتفضين على واقع “14 آذار”، الذين يرون “ولادة حراك سياسي غير منظم، يدل على أن جماهير 14 آذار دائما سباقة لقياداتها”. وإذ يرى أن “الأحزاب التقليدية في إنتفاضة الإستقلال دخلت في المحاصصة، وبالتالي كانت نسب الرفض لها في صناديق الإقتراع مؤشر على أن التحالف السياسي السابق قد انتهى”، يؤكد الحاجة إلى “التنسيق في ما بيننا”، أي في ما بين مكونات “14 آذار” من خارج الأحزاب التقليدية.

والمشكلة، أو “الخطيئة”، بالنسبة إلى “حركة اليسار الديمقراطي”، وفق أمين سرها وليد فخرالدين، “لم تحصل في الانتخابات البلدية فحسب”، بل بدأت وفق ما يقول لـ”المدن”، “بغياب الرؤية السياسية. ما دفع القواعد الشعبية إلى البحث عمن يحمل روحية مبادئ 14 آذار الإستقلالية والتحررية، فكان أن اختارت غالبية أبناء طرابلس الاقتراع للائحة المدعومة من الوزير أشرف ريفي في وجه التحالف الذي تخلى عن الخطاب الإستقلالي”.

وما ينطبق على طرابلس يسري على بيروت، إذ يعتبر كثيرون من كادرات في “14 آذار”، أن لائحة “بيروت مدينتي” حملت مشروعاً أقرب إلى هموم المواطن. يضيف فخرالدين: “الفنان أحمد قعبور أساس 14 آذار، وما تبنته بيروت مديني أقرب إلى روحية ما آمن به قسم كبير من الشعب اللبناني عام 2005”. ويخلص إلى القول إن “القيادة خذلت جماهيرها، فما كان من الجماهير إلا أن بحثت عن البديل”.

إزاء ذلك، يدعو القيادي في “تيار المستقبل” مصطفى علوش، عبر “المدن”، إلى “التوقف موضوعياً عند ما جرى في الانتخابات البلدية، ودراسة مدى تأثير هذا الواقع على التأييد الشعبي للقوى السياسيّة”. وفيما يرى أن “التحالفات الانتخابيّة بنيت خارج إطار المبادئ السياسية لثورة الأرز”، يدعو إلى “قراءة التجربة جيداً والعودة إلى روحية 14 آذار دون حسابات الربح والخسارة الآنية”. ويقول علوش: “يتوجب على جميع أطياف 14 آذار، معاودة التواصل بانفتاح للتأسيس لتحالف سياسي واضح غير مبني على الانتخابات ونتائجها فحسب”.

في مقابل “حركة” فارس سعيد، و”حراك” مالك مروّة، و”بحث” فخرالدين عن “بديل”، إذا جاز القول، تتردد “القوات اللبنانية” في نعي تحالف “14 آذار”. فما في الأمر، بالنسبة إليه، هو “وجود ترهل في صفوف من كان يرفع شعار الحرية والسيادة والإستقلال”. والصورة عند قيادي فيها هو الآتي: “١٤ آذار ارتكز  في الأساس على هدفين: الأول هو العداء للنظام السوري، والثاني فكرة الوطن وقيام الدولة ولبنان أولاً. وعندما خرج الجيش السوري من لبنان اهتزت صفوف إنتفاضة الإستقلال كون فكرة لبنان أولاً ليست ناضجة عند غالبية الأفرقاء”.

ويرفض القيادي تحميل الاستحقاق الانتخابي البلدي مسؤوليّة “تضعضع صفوف قوى انتفاضة الاستقلال”. ويجزم لـ”المدن” أن  “القوات” “دخلت التحالفات في بيروت وغيرها على أساس الحفاظ على التحالف مع الرئيس سعد الحريري”. وهكذا اقترعت للائحة “البيارتة” دون خوض معركة بوجه “بيروت مدينتي”.

كأن قوى “14 آذار” كافة في هذا التحالف وخارجه في الوقت نفسه. فهل يعني ذلك أنه مازال تحالفاً؟