داود البصري: الانتقام الإيراني من العرب في الفلوجة

178

الانتقام الإيراني من العرب في الفلوجة!
داود البصري/السياسة/06 حزيران/16

لم يعد سرا بالمرة معرفة حقيقة بديهية تتعلق بطبيعة إدارة الصراع الإيراني في الشرق القديم، تلك الحقيقة جوهرها الأساسي هي إنكشاف الآيديولوجية الباطنية لنظام ملالي طهران الدموي, وطبيعة الطموحات والأهداف والبرامج التي تحرك آليات ذلك النظام وتنشط جهوده الحركية, فالنظام المعمم رغم كل الظروف والمتغيرات لم يتخل أبدا عن هدفه الستراتيجي القديم والمتمثل فيما يسميه “تصدير الثورة”، كما أنه لم يتخل أو يتراجع أو يغض النظر عن أبرز مطلب أشهره كثمن لإيقاف الحرب الإيرانية ـ والمجازر البشرية التي رافقتها, وهو طلب “إقامة الجمهورية الإسلامية في العراق وفقا لرؤية الولي الفقيه”! أي إدراج العراق وإحتوائه في منظومته السياسية و الفكرية والطائفية الرثة, تمهيدا للإنقضاض على الشرق العربي لاحقا, وهو الهدف الذي تحقق بكل تفاصيله الفرعية وتناغم بشكل مطلق مع مخطط الإحتلال التدميري الأميركي للعراق, والدور الأميركي ـ الغربي المركزي المنسق بالكامل مع طهران لجلب وإحضار وتلميع وتسليط الأحزاب الطائفية العراقية العميلة السابقة والتي كانت ذات نشاطات إرهابية مثل حزب الدعوة العميل أو جماعة الحكيم الإرهابية وغيرهم من شذاذ الآفاق والعصابات التي شكلها الحرس الثوري لاحقا, وتسليمها حكم العراق والتحكم بشعبه وحمايتها بالقوات الأميركية حتى وقفت على أقدامها وأضحت اليوم قوة إرهابية إقليمية كبرى هي الذراع العسكري والبشري للجهد التبشيري والعسكري الإيراني!.

لقد حارب الإيرانيون العالم العربي بسلاح الضد النوعي, ومن خلال مجاميع من العملاء والمتساقطين من العراقيين أنفسهم الذين يقودون اليوم مايسمى العملية السياسية الكسيحة التي نهبت العراق ودمرت موارده وأدخلته بسياستها التبعية الطائفية المريضة في أتون سياسات تدميرية مرعبة.

لقد أكدت معركة الفلوجة الأخيرة جملة من الحقائق البديهية التي كانت مختفية وسط ركام الأحداث، وأبرزها أن المعركة بعدتها وعديدها وتخطيطها وإطارها العام كانت إيرانية صرف تحاول إستغلال وجود تنظيم الدولة في الفلوجة كالعادة لضرب عمق السلام الأهلي في العراق, وفرض مفاهيم طائفية رثة ومريضة للصراع, وبما يؤدي لفرض هيمنة إيرانية كاملة من خلال تهميش دور الجيش العراقي المهمش أصلا, واعتبار المعركة معركة ميليشياوية تخوضها الأدوات الإيرانية العميلة في العراق من أمثال تنظيمات بدر والعصائب و”حزب اللات” و”أبي الفضل” و”سرايا الخراساني” و”النجباء” وأكثر من 100 عصابة طائفية أخرى إعترف رئيس الحكومة والقائد العام حيدر العبادي بعدم سيطرته عليها؟!، أما مستشارو الحرس الثوري الإيراني بقيادة السردار قاسم سليماني والذي إستجلب معه قادة أركان حرب “فيلق القدس” بأسرهم مثل قائد القوات البرية وغيره, فقد تحولوا هم فعلا وقولا وواقعا لقائد عام ووحيد ومباشر للقوات المهاجمة للفلوجة من خلال عصابات العملاء العامري وأبو مهدي والخزعلي و الخفاجي!، وكان الخطاب الطائفي التكفيري وبخبث إيراني تاريخي متأصل حاضرا بقوة في المشهدين العسكري والسياسي من خلال لغة التحريض بالإبادة الطائفية الصريحة وبكون نهاية معركة الفلوجة ليس الهدف منها إنهاء وطرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية, بل إنهاء الوجود الديموغرافي للطائفة السنية في العراق!! وكأن “داعش” ناطق باسم اهل السنة ولسان حالهم, وليس منظمة إرهابية شأنها شأن المنظمات التي يرعاها النظام الإيراني بأهدافها ومنطلقاتها المتوحشة المريضة المستندة لخرافات التاريخ المندرسة!

النظام الإيراني كما نعرفه حق المعرفة نظام عنصري متأصل يكره العرب بشيعتهم وسنتهم, وله مواقف تاريخية موثقة في إضطهاد وتشريد شيعة العراق اللاجئين إليه في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

لقد كنت شاهدا شخصيا على مآسي العراقيين الذين طلبوا حماية نظام الولي الفقيه فلم يواجهوا إلا بعنصرية قذرة, وبقوانين تمييز عنصرية لا تمارسها حتى الإدارة الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة, وشهيرة قوانين وزير الداخلية الأسبق اثناء عهد الرئيس خاتمي المدعو عبد الواحد موسوي لاري في العام 1997 التي منعت العراقيين المقيمين في إيران العمل والتعليم والزواج وكل نشاط حياتي وفي مخالفة واضحة وصريحة لأبسط مبادئ الإسلام مما أدى لموجات الهروب واللجوء نحو البحار الآسيوية طلبا للحياة في أستراليا البعيدة وحيث أقامت هناك قيادات حزب “الدعوة” العميل هربا من “معزبهم” الإيراني المعمم! ولكن ذاكرة القوم من العملاء ضعيفة جدا وهم اليوم يساهمون للأسف في إتمام برنامج إنتقام إيراني واضح من عرب العراق بشيعتهم وسنتهم. كل العمليات العسكرية الدائرة في العراق اليوم تتم بتخطيط وتوجيه إيراني قح, واللغة المتداولة في غرفة العمليات هي اللغة الفارسية التي يتقنها أتباع العامري والمهندس وبقية عملاء إيران المدربة والمخلصة في العراق, وكل الإرهاب السلطوي الإيراني بعناصره الإرهابية الدولية مسلطة اليوم على رؤوس العراقييين, كمرحلة أولى قبل الإنتقام الإيراني الشامل والقادم من العمق الخليجي… بسقوط العراق تحت أقدام الحرس الثوري سيأتي الدور على الخليج العربي.. تلك حقيقة ستراتيجية لا تقبل الجدل… فهل أنتم منتبهون يا سادة؟