الكولونيل شربل بركات: لبنان المغترب – درس بالتاريخ من لبناني ماروني لحفيدو

1012

لبنان المغترب – درس بالتاريخ من لبناني ماروني لحفيدو
الكولونيل شربل بركات/27 أيار/16

طفل كندي من أصل لبناني بيسأل جده: ليش لبنان وأنا كندي ولدت هون وتربيت بها الوطن… شو يعني لبنان… وشو

بيربطني فيه؟

يجيب الجد:

– لبنان يا جدي هيكل الله فيه تعلمنا قيمة الانسان والانفتاح على العالم، وتربينا على محبة الله ومساعدة الغير.

لبنان كان من أقدم العصور موطن النبوغ وحب المغامرة.

لبنان كان معلّم الناس على التفاهم والتعاون.

هو هاللي عرّفن عا ركوب البحر والسفر للبعيد.

هو هاللي اخترع الحرف ونشرو وسيلة تفاهم بين البشر.

– الميتولوجيا اليونانية بتحكي كيف زوس خطف أوروبا بنت ملك صور واعطت اسما لقارة بكاملا

وكيف خيها قدموس سافر يدوّر عليها وعلّم الناس الحرف وتسمية الاشيا وبنى “طيبة” وصار هو الملك

هيدا من شي 4000 سنة يعني قبل المسيح بشي 2000 سنة.

كيف جبيل (بيبلوس) عطت اسمها للكتاب لأنو ورق جبيل كان أحسن ورق وما حدا بيعرف يعمل متلو.

وبعد شي الف وخمسمية سنة راحت بنت تاني من صور، “اليسا” وعمّرت قرطاجة وصار المتوسط بحر قرطاجة متل ما كان بحر صور وولادها داروا عبحر الشمال وبحر البلطيق وكانت بريطانيا جزيرة القصدير بالنسبة الن وكانت الجزر الخضرا خلف البحار ما حدا بيعرفا غيرن.

ما راح نحكي عن هنيبعل والفن العسكري وكيف نقل المعركة عقلب روما وبقي بايطاليا خمسة عشر سنة، راح نكفي عن الانتشار السلمي والمغامرات البعيدة مع “حنّون” هاللي دار حول افريقيا وشرح كل شي شافو برحلتو ونطر العالم 1800 سنة ترجع فاسكو دو غاما البرتغالي سنة 1499 عملها وفتح الطريق عالهند.

هيدا يابني جزء زغير من شو عطى لبنان من زمان وجاي وليش منحب نضل نفتخر باللي بيربطنا بها اللبنان

– المسيح اجا لعنا ولعب عترابنا وعمل العجايب، كتار ومنهن “اوسيبيوس” مؤرخ الكنيسة، بقولو أول عجيبي كانت بلبنان، ونحنا منقول انو لبنان هو العجيبة

وتلاميذ المسيح التجو علبنان وقت الضيق، وبشرو فيه وسمو جنوبو “بلاد البشارة”، وأول مجمع بعد الرسل كان بصور وحضرو 300 أسقف

وانطاكية محل ما تسمو فيها اتباع يسوع “مسيحيي” اعطتنا مار مارون هاللي زهد بالدنيا وتنسّك بالجبل وتلاميذو سمعان العمودي وغيرو تبعو طريقتو وملو الدني عجايب وصلا

ويوحنا مارون لمن صار بطرك هرب من الظلم عا لبنان وكمّل المشوار، وهاللي بقيو معو صارو موارنة.

بعدين صار في حاجز بين الشرق والغرب وهالموارنة كفّو يحملو مشعل لبنان وروح الانفتاح وحب المغامرة.

ورجع الغرب بآخر القرن الحادي عشر تذكّر الارض المقدسة واجت حملات الفرنج وصار لبنان من جديد مركز لقاء وتعاون بين الشرق والغرب وهيك لما اجا ملك فرنسا لويس التاسع ووقع بالآسر شارك الموارنة بدفع الفدية وبعتولو 25000 فارس يواكبو وهو راجع من مصر وتقدير لها الجميل أصدر الملك شرعة عملت الأمة المارونية جزء من الأمة الفرنسية

واجت عهود الظلم مع المماليك وأكيد صار في هجرات قسرية خاصة على قبرص وكريت ومالطة بس هاللي بقيوا كمّلو المشوار

مع فخر الدين الأول رجع للبنان عزو، ومع فخر الدين التاني هاللي تربى عند الموارنة رجعت علاقاتو بالعالم من توسكانا بايطاليا

وبين التنين أمر البابا بفتح مدرسة للموارنة بروما

هالمدرسة خرّجت كتار وساهمت برجعة العلم للبنان تيحمل من جديد المشعل البيضوي الشرق، بس كمان خريجي هالمدرسة نعرفو بالغرب وتوزعو عبلاد أوروبا الناشئة وكان السمعاني والحقلاني والصهيوني من كبار المفكرين هاللي ساهمو بالنهضة الأوروبية، وهيك مشي المتل الفرنسي هاللي بقول “Savant comme un Maronite”

– بعدها جاب الموارنة مطبعة على دير قزحيا بلشت التحضير للنهضة العربية

وبعدين فتحوا مدرسة عين ورقة تتكون أسهل من روما وتستوعب أكثر طلاب

ورجعت الرهبانيات تزهر بوادي القديسين وتأسس لجمهور من العاملين بحقل الرب.

وهيك سنة 1736 قام المجمع اللبناني باللويزة بوضع أهم أسس النهضة الحديثة بالشرق وهيدا قبل الثورة الفرنسية بشي خمسين سنة

كانت ابرز توصيات هالمجمع:

– الانتقال للعربي كلغة يعني انفتاح على المحيط،

– نشر التعليم الالزامي للصغار يعني محو الامية،

– المساوات بين الجميع وخاصة بين الرجل والمرأة وهذا قبل الكثير من دساتير العالم.

هالخطوات زادت من ترسيخ الموارنة بلبنان وانتشارن بكل ارجاؤه بس كمان فتحت عيون السلطنة وبلشت معها المشاكل

وبما انو اوروبا كانت صارت مفتوحة على عالم جديد ومش مهتمة بالشرق الأوسط كتير، يعني ما في تصادم، رجعت التجارة وحركة النقل البحري تلعب دور، وهيك مع كل حفلة ظلم أو حلم بالثروة كان البحر والسفر يدغدغ مشاعر كتار ويدفعن عالمغامرة

بس الله الهيئة بحب هالبلد وكل ما شاف انو في اسباب للهجرة بيبعت مين يشد للتجذر بالارض وهيك مع زيادة الظلم طلعت موجة قديسين غطت على العاطل وكانت أمل وحافز للبقاء؛ وشربل ورفقا والحرديني وغيرن من المش معروفين صارو هني المثل وهني الأمل تيرجع الورد يزهّر والخير يعم

كانت اميركا (يعني الولايات المتحدة) آخر القرن التاسع عشر قبلة المغامرين، بعدين فتحت البرازيل والارجنتين وهيك كانت مشاكل 1860 – 1864 حافز لكتار تيهاجرو ويستقرو بهيديك البلاد

بالحرب العالمية الأولى اجانا جمال باشا السفاح ومتل هاللي هجّرو الأرمن من كيليكية والسريان من ديار بكر كانت مهمتو يهجّر المسيحية من لبنان. وهيك علّق المشانق وحاصر الجبل ومنع الاكل تيجوّع الناس وهيدا أدي لموت نص عدد السكان بجبل لبنان وزيادة الهجرة لهاللي قدر يهرب

– بس اللبناني هاللي شرب من مية لبنان والماروني خاصة هاللي تراثه وتاريخو وقبور الأهل والارض المقدسة والقديسين والبطاركة كلن بلبنان ما بيقدر ينسى، وهيك مع آخر موجة زادو المثقفين وعملو الرابطة القلمية بنيويورك وكان منهن جبران ونعيمة وبوماضي ومي زيادة والريحاني وغيرن من ادبا المهجر هاللي كتبو وذكّرو بلبنان ورجّعو الحنين.

ومتل ما الخير ما ممكن يزول كمان الشر بيرجع ينبت، وهيك نحنا يا جدي كنا لازم نهرب من أحداث 1975 وننتشر بهالارض من استراليا لكندا للسويد وغيرها من الدول.

صحيح انت ولدت هون وربيت بهالبلد الحلو هاللي بيحترم الناس بس بلدنا فيه دايما شي بشد، يمكن كلمة الله، يمكن تراب الارز، يمكن عضام الجدود، ويمكن بزرة المغامرة نفسها هاللي بتدفشك تتروح بتشدك تترجع وتيبقى لبنان بقلبك وبدمك…