غسان حجار: نواب التخلّف عن الواجب…خونة/علي حماده: أيهما تسبق الرئاسية أم النيابية؟

165

أيهما تسبق الرئاسية أم النيابية؟
علي حماده/النهار/24 أيار 2016

مع انتهاء الدورة الاولى للانتخابات البلدية في بيروت والبقاع، عادت قضية الانتخابات النيابية لتطرح بقوة، ولا سيما من زاوية منع تمديد ثالث محتمل لمجلس النواب بدأ يلوح في الافق، مع تقلص احتمالات إنجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فبناء على ما تقدم، بدأنا نسمع كلاما عن تمديد ثالث لمجلس النواب في حال استحالة انتخاب رئيس جديد قبل ربيع ٢٠١٧، باعتبار ان الذهاب الى انتخابات نيابية من دون انهاء الشغور الرئاسي من شأنه رمي مزيد من التعقيدات في وجه انتظام عمل المؤسسات. وكان السؤال: إذا انتخب مجلس جديد للنواب، واستقالت الحكومة وفق الدستور، فمن يدعو الى استشارات ملزمة لاختيار رئيس جديد للحكومة؟ ومن يشارك في تشكيل الحكومة ويصدر مرسوما قبول استقالة الحكومة المستقيلة؟ ومن يصدر مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة؟ ووفق ذلك يكون لبنان أمام معضلة خطيرة: مجلس جديد للنواب من دون رئيس ولا حكومة! وفي مقابل عودة الحديث عن ضرورة إجراء انتخابات نيابية، وتجنب التمديد مرة جديدة، برزت إشكالية الشغور الرئاسي المستمر منذ عامين، وانعدام الامل راهنا بإمكان احداث اي اختراق في جدار التعطيل المستديم الذي يمارسه “حزب الله” بواجهة الجنرال ميشال عون. من هنا العودة الى موضوع الرئاسة مع اقتناع جميع القوى (في ما عدا “حزب الله” والجنرال عون) بأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يجب أن يكون بندا اول قبل اي شيء آخر. فإتمام الاستحقاق الرئاسي على ان تعقبه خلال فترة وجيزة انتخابات نيابية يعيد انتظام المؤسسات الدستورية، بعدما تيقن الجميع ان الشغور الرئاسي عطل البلاد كلها، وضرب المؤسسات في الصميم، محدثا أضرارا هائلة في بنيان الدولة المعطلة اصلا!
والسؤال الآن: متى يدرك الطرفان المعطلان لانتخاب رئيس جديد ان الحل يبدأ بفك أسر رئاسة الجمهورية؟ لقد بدأنا نسمع في الفترة الاخيرة ان “حزب الله” بات اكثر ليناً في موضوع الرئاسة، ولا سيما بعد تعرضه للعقوبات المالية الاميركية القاسية. لعله أدرك انه في عالمنا ما من قوة ميليشيوية مهما عظم شأنها أكبر من اطار الدولة، فالدولة مهما ضعفت، ومهما غابت او غيبت، تبقى الجسم الاقوى الذي حوله تتحلق مكونات المجتمع، وتقبل بمرجعيتها، فضلا عن ان العالم، وإن تعامل مع الامر الواقع في مرحلة معينة، فإنه لا يولي اعترافه الا للدولة. اما الكيانات غير الرسمية فتبقى غير شرعية، وإن قيل انها اقوى من الدولة التي تعمل على أرضها. لقد كانت منظمة التحرير الفلسطينية اقوى واكثر غنى من “حزب الله”، كما كانت أكثر شمولية لغياب العامل المذهبي آنذاك، فيما هو الحاضر اليوم، ومع ذلك تقاطعت في مرحلة ما مصالح القوى الاقليمية الكبرى وخلفها القوى الدولية للقضاء عليها، وجرى القضاء عليها وبقيت الدولة اللبنانية على ضعفها ووهنها. من هنا ضرورة أن يفكر قادة “حزب الله” في حقيقة حدود قوة حزبهم ليعودوا الى حضن الدولة التي تبقى الاقوى!

نواب التخلّف عن الواجب…خونة
غسان حجار/النهار/24 أيار 2016
يدرك السفير السعودي علي عواض عسيري تماماً ان لا قدرة لبلاده على فرض واقع جديد في لبنان حالياً لاسباب عدة تتعلق بالصراع الدولي حول المنطقة، لكنه يعلم جيداً ان المملكة لا تزال تملك حق “الفيتو” اقله على مجمل الامور في العالمين العربي والاسلامي، خصوصا في تلك الارادات الهادفة الى تغيير وجه المنطقة. وقد دعا السفير السعودي خلال المأدبة التي جمع فيها كل اطراف السياسة في لبنان، المتنافسين والمتخاصمين، الى لبننة الاستحقاق الرئاسي والذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية من دون انتظار استحقاقات ومتغيرات في المنطقة قد تتأخر او لا تأتي اطلاقاً. وبهذا المعنى فان المملكة تدعم الخيار الرئاسي اولا، وتقدمه على ما عداه، بما يعني ايضاً، وبطريقة غير مباشرة، عدم تبني اقتراح الرئيس نبيه بري القاضي بإجراء انتخابات نيابية مبكرة يليها مباشرة انتخاب للرئيس. والتأييد لانتخاب رئيس اولاً انما هو دفع لمطلب محق سواء أتى من السعودية او من المجتمع الدولي او كان محلياً، اذ ان الرئاسة شاغرة منذ سنتين وهي تدخل غداً سنتها الثالثة من دون ملامح حلحلة بما يضيع للدولة هيبتها وللموقع مكانته، في حين ان مجلس النواب الممدد لنفسه مرتين متتاليتين لا يزال “شرعياً” الى السنة المقبلة، وقادراً على ممارسة مهماته وواجباته، حتى في انتخاب الرئيس، وما تقصيره عن القيام بهذا الامر سوى نوع من التخلف عن الواجب والخيانة الوطنية. ولعل الرئيس بري يدرك في قرارة نفسه ان الاتفاق على انتخابات نيابية اصعب بكثير من انتخاب الرئيس، لان القانون العتيد سيحدد شكل الحكم، ويعيد ترسيم احجام السياسيين الحاليين، ويكشف عن حقيقة فاعلية الاحزاب القائمة. وقد بدا الموضوع اكثر خطورة لهؤلاء بعد الانتخابات البلدية في مراحلها الاولى، والتي اظهرت حراكاً مدنياً فاعلاً وقادراً على اختراق المنظومة القائمة بمزيد من التنسيق والتنظيم. ويدرك الرئيس بري ان اجراء الاستحقاق النيابي قبل موعده بات صعباً، لصعوبة اقرار قانون جديد، ولرفض قانون الستين، ولان مكوناً اساسياً هو “تيار المستقبل” رفضه وشجع على الانتخابات في موعدها، ومثله سيفعل كثيرون اذا ما اصبح الطرح جدياً، لانهم لا يريدون حالياً بذل الجهد والمال، ويفضلون الارجاء سنة وربما اكثر. من هنا يصبح التركيز على الهدف الابرز وهو انتخاب رئيس اولوية الاولويات. والانتخاب لا يعني اطلاقاً القبول بأي رئيس كما بات يردد كثيرون، ويبررون ذاك الاستسلام بأن لا قدرة للرئيس، أي رئيس، على تغيير الواقع المفروض. يبقى ان الاتفاق – السلة الذي يريده البعض لا يمكن ان ينتج الا عن مؤتمر “دوحة لبناني” او مؤتمر تأسيسي لن يكون في هذه الظروف الا ثمرة صفقة بين الافرقاء الحاليين يعيدون من خلاله ترسيم حدود مصالحهم واقفال الابواب والنوافذ على قوى التغيير، إذذاك يصبح الامر سهلاً، وتكبر الجريمة بحق الوطن والمواطنين.