عمـاد مـوسـى: البطريرك والقندلفت

200

 البطريرك والقندلفت
عمـاد مـوسـى/لبنان الآن/21 أيار/16

أكبر “فقسة” تواجه المشاهد اللبناني بعد ظهر كل ثلاثاء عندما يكون منتظراً ويحترق شوقاً لرؤية العماد ميشال عون وسماع ما سيقوله بعد الإجتماع الأسبوعي لتكتّل التغيير والإصلاح، أن يضطر لسماع الوزير السابق، والعضو السابق في المجلس الدستوري، المحامي سليم جريصاتي.
فعلاً فقسة.
قد لا يشاطرني البعض هذه “الفقسة”، لكن ما حدا بيعبّي عيني إلا الجنرال. لا “المبخّر” عباس. ولا أمين سر التكتل ابراهيم كنعان. ولا رئيس التيار صاحب الكاريزما الصاعقة جبران باسيل. صدقاً لا أحد.
غداة المعركة الشرسة والإستراتيجية التي دارت رحاها في شوارع غدير وصربا ساحل علما وحارة صخر، بين إيرفن رومل حبيش وبرنارد مونتغمري بواري، والتي أسفرت عن فوز اللائحة المدعومة من أقوى جنرال في التاريخ المشرقي المعاصر، أطلّ وزير العمل السابق على منبر الرابية بقامته المُهابة ولغته السليمة ليعلن هذه الثابتة: “أثبت العماد عون في جونية أنه الحيثية المنفردة إنما هو الأقوى في مكونه”! وفي حارة حريك أليس الجنرال الأقوى في مكوّنه؟
سمعت الناطق باسم “الجنرال” وأنا ألتهم بيتزا عائلية مدعمّة بمكوّنات إضافية: فطر زيادة. جبنة زيادة. وبريزاولا زيادة.
لم يضِف شيئاً إلى ما أعرفه عن “مون جنرال” سوى هذه الصياغة المستعصية على علماء النحو وفقهاء اللغة والبسطاء أمثالنا!
ويبدو أن فيلسوف التيار الوطني الحر المُستجد، ومدّاح رئيسه الدهري معجب بمسألة “المكوّن” فحلل في مقابلة صِحافية تقويمية وأفاض عاطفياً: “إن هذا الرجل (ما غيرو) هو الأقوى في مكوّنه، وتالياً، فإنه هو الذي يجب أن يلج كل استحقاق ممثلاً لهذا المكون، إن أردنا احترام الميثاق. ويبدو أن هذه الاشارات تلقفها من يسعى داخليا وخارجيا إلى ايجاد حل للأزمة الدستورية الراهنة”.
دام الولوج إلى … الإستحقاقات سيدي الدكتور.
صغّر المستشار السابق للرئيس البحّار ـ ومن دون سوء نية ـ حجم جنرال البر والجو والبحر، وأعطى في المقابل بعداً استراتيجياً ورئاسياً للمعركة التي خاضها إيرفن رومل حبيش وفق خطة وضعها بحذافيرها ميشال قلب الأسد. وسأل الناطق باسم عون وتساءل مستغرباً ومستهجنا وساخراً: “ماذا جرى لهم كي يتّحدوا أو يتحدوا العماد عون في عرينته”.
ألاحظتم بلاغة الجريصاتي وبراعته وهو من وصف ذات يوم الجنرال ـ الأسد بالمجنون (راجع وثائق ويكيليكس). إستعمل “عرينة” بدلاً من “عرين” وفي هذه المقاربة يخال إلي أن منصور غانم البون هو الطارئ على جونيه وهدير بحرها، وآل أفرام الكرام طارئون.
في المقابل لاقى عون كل هذا المديح بشيء من نكران الجميل “لست بحاجة للانتخابات البلدية لكي أكرّس نفسي الأقوى عند المسيحيين”.
Ah bon. ومعناها هكذا إذاً!
أعود إلى الدكتور جريصاتي الذي صرّح عقب موقعة جونيه ـ دابق وأبدع “كان عون وسيبقى “البطريرك” السياسي للموارنة”.
المشكلة يا صاحب المعالي ليست بالبطريرك السياسي إنما بالقندلفت.