روزانا بومنصف: توسع تصنيف “حزب الله” إلى القمة الإسلامية هل يمكن أن يجد الحزب من يدافع عنه دولياً

179

 توسع تصنيف “حزب الله” إلى القمة الإسلامية هل يمكن أن يجد الحزب من يدافع عنه دولياً؟
روزانا بومنصف/النهار/16 نيسان 2016

انتقل موضوع تصنيف “حزب الله” تنظيما إرهابيا من واقع الموقف الذي أعلنته المملكة السعودية قبل شهرين تقريبا في حق الحزب، الى واقع تبني هذا التصنيف من مجموعة كبيرة من الدول الإسلامية، قد يكون بعضها فاعلا على الساحة الدولية أو غير مؤثر، لكنه شبه إجماع لا يستهان به في التضامن مع المملكة السعودية على هذا الصعيد. وفيما يحاول البعض أن يرى أبعاد هذه التطورات وكيف يمكن أن تؤثر إيجابا أو سلبا، يخشى البعض الآخر أن تبقى المسائل الداخلية على تعقيداتها نتيجة لما تعكسه التطورات الاخيرة من تعقيدات اقليمية على وقع إدانة ايران اسلاميا في موضوع دعمها للارهاب، وفي ضوء تصنيف الحزب عربيا تنظيما إرهابيا، وتوسع هذا التصنيف من واقع حصره بالسعودية الى دول مجلس التعاون الخليجي، فإلى الدول الاسلامية في اسطنبول. سياسيون كثر يعتبرون أن الحزب لا يتأثر بهذا التصنيف ولا يقيم له أي اعتبار، وليس صحيحا أنه قد يحتاج أكثر الى شركائه في الوطن لتشكيل مظلة حامية له كما في 2004 لدى صدور القرار 1559، بعدما أضحى قوة اقليمية يحاول ان يوازي فيها مواقع الدول وينتقدها او يحمل عليها على هذا الأساس. هذا الواقع في رأي مراقبين معنيين قد يكون دقيقا لجهة أن الموقف الخليجي فالإسلامي لن يؤثر على قوة الحزب الداخلية وما يملكه من سلاح يستمر في الوصول اليه أو لجهة تمكين عناصره من اكتساب خبرة أكبر في سوريا، أو أيضا لجهة موقعه من ضمن المعادلة الداخلية، خصوصا أن أي فريق داخلي يعجز عن توظيف الموقف العربي المتعلق بالحزب لمصلحته ضد الحزب، شأنه في ذلك شأن الموقف الرسمي اللبناني الذي يتلطى وراء الخشية على الوحدة الداخلية، مما قد يعني أن المسألة لا تتعلق باقتناع راسخ لدى شركائه بل ان الخشية من فتنة او حرب داخلية لا تسمح للافرقاء اللبنانيين بمجاراة هذا الواقع.

أما مفاعيل الموقف الإسلامي، خصوصا بعد قمة اسطنبول، فيخشى أن تضيف جديدا مهما الى واقع الاجراءات الاميركية والخليجية التي اتخذت بحق الحزب. فثمة محظور في الدرجة الاولى أن يكون الحزب فقد، أو هو على طريق فقدان أي تفهم له عربي أو إسلامي، إذا احتاج يوما الى هذا التفهم، ليس في لبنان بل في المحطات الدولية المهمة. إذ يخشى ألا يجد من يدافع عنه او يقف الى جانب لبنان بسببه في المحافل الاقليمية او الدولية، اذا كان الامر يتصل به على نحو مباشر. فمجموعة الدول الاسلامية التي تضامنت مع موقف السعودية في هذا الاطار وكانت تدافع عنه في العام 2006 باعتباره المقاومة الابرز والاهم ضد اسرائيل، قد تجد نفسها في الجمعية العمومية للامم المتحدة تصوت على ما قد يصب في هذه الخانة، بغض النظر عن المشاعر حيال الحزب وربما حتى في مجلس الامن، اذا وجد من يعطي روسيا مقابلا يحول دون فيتو تضعه او تدافع فيه عن الحزب، بحيث انه إن لم تكن روسيا ضده كما هي الحال في الواقع، فقد يصعب عليها ان تدافع عنه في ضوء علاقاتها الخليجية والدولية. والاجراءات الاميركية الاخيرة التي اتخذت في حق الحزب، وان كانت منفصلة عن الموقف الاسلامي، تجد زخما اكبر وصدى ايجابيا أكبر في الولايات المتحدة في ضوء هذا الموقف، وهي بدأت تلقي بثقلها ليس على المصارف في لبنان فحسب بل على المتمولين من رجال الاعمال الشيعة في الاغتراب، وصولا الى افريقيا. وملاحقته ماليا او ملاحقة الاموال التي يمكن ان تعود له ايضا والتضييق على اصحابها امر مضن له، وكذلك الامر بالنسبة الى تعرض مؤيديه او مناصريه للطرد تحت وطأة الانسحاب او انكار اي دعم له.

ومع ان كل هذه العناصر لا تثقل على وضعه الداخلي من حيث المبدأ ولا على قدرته على استرهان الدولة لمصالحه، فان حلفاءه في الداخل تأثروا وباتوا اكثر خشية على مصالحهم ومصالح جماعاتهم.وهذا في الواقع يثقل على الحزب من جوانب عدة. اذ لوحظ تسريب معلومات بان وفدا من الحزب سيزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الصنوبر في اثناء زيارته المستمرة ليومين للبنان، على رغم ان برنامج الاخير لا يلحظ ذلك، في ما فهم رغبة في الرد المباشر على تصنيف الحزب ارهابيا من خلال لقائه الرئيس الفرنسي وبعد يوم فقط على مؤتمر القمة الاسلامية التي اعتبرت انه كذلك علما ان فرنسا تتواصل مع الحزب ولا تقاطعه، الامر الذي يؤشر الى ان المسألة مزعجة بالنسبة اليه ويرمي الى دحض تصنيفا بدأت تتسع دائرته اكثر فاكثر تحت وطأة جملة عوامل واعتبارات. فاذا اخذ مثلا واقعه في العام 2000 وواقعه اليوم فان ثمة اختلافا كبيرا بين المرحلتين وهناك تبعات يخشى حلفاؤه على انفسهم منها من بينها مدى امكان وصول اي رئيس من المرشحين المحسوبين عليه في ظل مخاوف من تراجع حظوظ كل منهما خصوصا ان تطورات الاشهر القليلة الماضية اظهرت عرقلته للانتخابات على نحو واضح بالاضافة الى ان حلفاءه باتوا محرجين امام قواعدهم بالشعارات التي طرحوها وحشدوا من اجلها في وقت سابق. وثمة من يلحظ محاولة للابتعاد نسبيا عنه في هذه النقطة اذ لم يصدر عن حلفاء الحزب اي مواقف تدافع او تتضامن معه وبات ثمة تمييز لجهة التوافق معه في مسائل والابتعاد عنه ولو على نحو غير معلن في ضوء الارتدادات الخطيرة لمواقفه على لبنان.